الإمام، محمد صالح أفندي: (توفي سنة 1243ه/1828م)
)مفتي وإمام الشافعية في القدس، ومفتي الحنفية في يافا مدة قصيرة. أزهري، درس الحديث واهتم بعلم الفلك والتوقيت، بالإضافة إلى الفقه.(
محمد صالح بن عبد الغني، درس في الأزهر، وسافر مرات إلى الآستانة. ورث إفتاء الشافعية عن والده في وقت مبكر من حياته، سنة 1207ه/1792م. وبقي مفتياً للشافعية في القدس ثلاثة أعوام، ثم انتقل المنصب إلى علد الله أفندي الأزهري. وفي تلك الفترة سافر، على ما يبدو، إلى الآستانة، ولما رجع عُين في سنة 1818ه/1803م نائباً لقاضي القدس الشرعي. وكان هذا التعيين غير العادي لشافعي في منصب للحنفية(وكان يشغله عادى آل الخالدي) نقطة تحول مهمة في حياة محمد أفندي. فقد خرج عن وظائف العائلة المتوارثة في إمامة وإفتاء الشافعية، وحاول الوصول إلى مناصب أعلى في الدولة العثمانية. فعُين في العام التالي مفتياً حنفياً في مدينة يافا، بينما عُين والده عبد الغني مفتياً للشافعية في القدس. وبقي محمد أفندي مفتياً للحنفية عدة أعوام، حتى رفع، وعاد إلى القدس. وجرى رفع والده عن إفتاء الشافعية أيضاً. وفي ذي القعدي 1232ه/ 1 أيلول(سبتمبر) 1817م تزوج مخطوبته تاجية، بنت السيد عبد الرحمن أبي الهدى التاجي. وكان له حينها خمسة أولاد هم: عبد الغني ويوسف وغالب وأسعد ونسب. وقد ولدت له تاجية فيما بعد أمين وشقيقته سلمى اللذين عين القاضي الشرعي لهما نفقة عند وفاة محمد أفندي في أوائل سنة 1828م.
سافر محمد أفندي بعد رفعه عن الإفتاء في يافا، إلى الآستانة، حيث تقرب إلى كبار العلماء، وعلى رأسهم يحيى بك بن بيرى زاده، قاضي الأناضول. وأمضى أكثر من سبعة أعوام في العاصمة العثمانية، كب خلالها رسالتين في علم الفلك ومعرفة الأوقات الشرعية. ويظهر أنه كتب رسالته الثانية «تمكين النفحة الحبيبية في معرفة الأوقات الشرعية» بعد أن تقدم في السن، لأنه يقول في أولها: «راجياً من الله العود إليه وبقاء بقية العجز بمسجده الأقصى الشريف.» وفعلاً عاد إلى القدس وعمل في التدريس، كالسابق، في مدارس القدس كالطشتمرية والأمينية والصلاحية. كما أنه بقي متصوفاً خلوتيا يصرف جزءاً كبيراً من وقته في حجرات الزاوية الأمينية. وهكذا استمر ملازماً دروسه وزاويته القائمة في الجهة الشمالية من الحرم الشريف، حتى توفي ودفن فيها سنة 1243ه/1828م.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع