الجوزي، د. بندلي صليبا: (1871 - 1942)
(رائد الإستشراق في روسيا، اشتهر مؤرخاً عربياً كبيراً وباحثاً لغوياً. تولى كرسي اللغة العربية في جامعة قازان حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم كرسي أستاذ اللغة العربية في جامعة باكو بعد الثورة الإشتراكية وزوال الحكم القيصري.)
ولد بندلي الجوزي في مدينة القدس في 2 تموز (يوليو) 1871. وقد توفيت والدته في أثناء الوضع، وتوفي والده، وكان يعمل نجاراً، بينما كان بندلي في السادسة من عمره.
تلقى بندلي علومه الإبتدائية وقسماً من دراسته الثانوية في دير «الإشارة» الصليبي المعروف بـ «دير المصلبة» في القسم الغربي من القدس. ثم انتقل إلى مدرسة «كفتين»، من أعمال طرابلس الشام، وتمكن من اللغة العربية وهو في السابعة عشرة من عمره. وتفوق في دراسته الثانوية فأرسل سنة 1891 لاستكمال علومه الدينية في الأكاديمية الدينية في موسكو. ولم يرغب في الاستمرار هناك، فانتقل إلى «أكاديمية قازان» سنة 1895، وحصل منها على درجة الماجستير في اللغة العربية والدراسات الإسلامية سنة 1899. وكان موضوع أطروحته «المعتزلة».
عاد بندلي إلى القدس سنة 1900 ليبقى فيها، لكن السلطات التركية أجبرته على مغادرة البلد والعودة إلى روسيا. وهناك تزوج يودميلا لورنشيتفنا رويفا، وذلك سنة 1903. وقد رُزق سبعة أبناء، ثلاثة ذكور وأربع بنات، اهتم بتربيتهم وتعليمهم فاحتلوا فيما بعد المراكز المرموقة في الجامعات السوفياتية. وفي سنة 1909 عاد إلى الشرق الأدنى في بعثة علمية لمدة عام كامل أشرف خلاله على رحلة الطلبة الروس إلى فلسطين. وفي رحلته تلك تعرف إلى الكثيرين من أدباء فلسطين في ذلك العهد، ومنهم إسعاف النشاشيبي وجميل الخالدي، صاحب المخطوطات، وخليل السكاكيني. كما تعرف في بيروت إلى المستشرق الروسي كراتشفوفسكي الذي أوقف حياته على البحث والتدقيق في آداب اللغة العربية. وفي السنة التي أقام معظمها في فلسطين (1909) شاهد التأخر والجهل وظلم السلطات العثمانية والإقطاعيين السائرين في فلكها، فأخذ ينشر الأفكار التحررية، ويحرض الناس على كسر القيود، والثورة على أوضاعهم.
عاد بندلي الجوزي إلى جامعة قازان بعد انتهاء سنة البعثة، واستمر يدرس اللغة العربية والتاريخ الإسلامي فيها. وبعد زوال الحكم القيصري انتقل إلى مدينة باكو، وعُين أستاذاً للأدب العربي في جامعتها. وظل يدرّس اللغة العربية وآدابها هناك حتى وافته المنية سنة 1942. وقد كتب الكثير من الدراسات، وتصدى للمستشرقين، وانتقد قصر نظرهم وتعصبهم. ومع ذلك فقد وصفه المستشرقون بأنه كان مرجعاً خصباً من مراجعهم، وعرف عندهم باسم بندلي (Pandali). ومن مؤلفاته كتاب «الحركات الفكرية في الإسلام»، الذي نال بفضله الدكتوراه من جامعة موسكو.
ولم ينس الدكتور الجوزي مسقط رأسه، بل عاد لزيارته سنة 1927، ثم في سنة 1930. وقد ألقى خلال زياراته تلك محاضرات قيمة في التاريخ والحركات الفكرية والإجتماعية والفلسفية عن العرب. وفي سنة 1930 أيضاً زار القاهرة مع صديقيه خليل السكاكيني وعادل جبر، فاحتفى بهم أهل الفكر في وادي النيل. وكتب الجوزي أبحاثاً ومقالات نشرها في المجلات العربية، كـ «المقتطف» و «الهلال» و «النفائس العصرية»، وغيرها. وكان يتقن من اللغات، إلى جانب العربية والروسية، عدة لغات أخرى هي: اللاتينية والعبرانية والسريانية، ويقرأ الإيطالية والإسبانية بطلاقة.
ترك بندلي الجوزي مجموعة كبيرة من المؤلفات العربية والروسية منها:
1- «تاج العروس في معرفة لغة الروس».
2- «الأمومة عند العرب» (مترجم عن ديكلن الهولندي، طبع سنة 1902).
3- «مبادئ اللغة العربية لأولاد الغرب» (جزآن).
4- «الإسلام والتمدن».
5- «علم الأصول عند الإسلام».
6- «الحركات الفكرية في الإسلام» (طبع سنة 1928 في بيت المقدس).
7- «أصل الكتابة عند العرب».
8- «أصل سكان سوريا وفلسطين المسيحيين».
9- «جبل لبنان، تاريخه وحالته الحاضر».
10- «العلاقات الأنجلو - مصرية» (طبع سنة 1930).
11- «المصطلحات العلمية عند العرب المعاصرين» (طبع سنة 1930).
12- «القاموس الروسي - العربي» (جزآن).
13- «تاريخ كنيسة أورشليم».
ويقدر عدد مؤلفاته باللغة الروسية، بين موضوع ومنقول، بستة وعشرين مؤلفاً، وترك تسعة مخطوطات بالروسية ومخطوطين بالعربية.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع