لقاء مندوب "هوية" حلب مع الحاجة هنيّة شريف الصالح من قرية ترشيحا
حلب – السبت 8 تشرين الثاني 2025
التقى مندوب "هويّة" حلب، الأستاذ زياد غضبان، السيدة هنيّة شريف الصالح، إحدى بنات قرية ترشيحا، من مواليد عام 1943. وقد روت الحاجة ذكريات عائلتها عن القرية بشوق كبير وحنين لأيام الديار.
التعريف وبداية الحديث
بعد التعريف بمنصّة "هويّة" وهدفها من توثيق اللقاءات، بدأت الحاجة حديثها قائلة:
"أنا هنيّة شريف الصالح، مواليد 1943 – ترشيحا."
ثم انتقلت للحديث عن حياة أهالي القرية قبل النكبة، مؤكدةً أن والدها كان من ثوّار فلسطين، شديد التمسّك بأرضه، يزرع في دارهم أشجارًا مثمرة، بحيث يخصّص لكل واحد من أبنائه نوعًا من الثمار، من الزيتون والتين والرمان والبرتقال. وأضافت أنّ الجيران كانوا كعائلة واحدة، ومنهم عائلات: الجِشّة، الترشحاني، سمارة.
المدرسة والحياة الاجتماعية
وتحدّثت عن مدرسة ترشيحا التي كانت ذات مكانة طيبة في قلوب الأهالي، حيث درست فيها أختها الكبرى أنيسة الصالح (مواليد 1933 – رحمها الله)، وكذلك زوجها محمود نجيب حسن علي (مواليد 1931 – رحمه الله).
وتصف العلاقة بين أفراد العائلة بأنهم كانوا كـ روح واحدة. وروت أن والدها أخبرها أنه صلّى صلاة العصر في كنيسة القرية في أحد الأيام، تعبيرًا عن المحبة والتآخي بين أهل ترشيحا.
كما تحدّثت عن مضافة القرية ذات السمعة الواسعة، والتي كانت مقصدًا للضيوف وعابري السبيل، ومكانًا لتداول قصص الثوار واتخاذ القرارات التي تخدم الحي.
الأعراس والعادات الجميلة
تذكّرت الحاجة أجواء الأعراس في ترشيحا، حيث كانت تستمر سبعة أيام متواصلة، تُقام فيها الدبكات وتُحنّى العروس على أنغام الأغاني الشعبية مثل:
"بالهنّا يا إمّ الهنّا يا هنيّة"
و
"والتوت على عيني شلبية".
كما وصفت الأطعمة التقليدية مثل المفتول والكبّة الترشحاوية، وأجمل العادات في العيد: صناعة الكعك والمعمول ثم الذهاب صباح العيد إلى المقبرة لتوزيعها عن أرواح الأموات، مصطحبين معهم نبتة الريحان (الآس) رحمةً للراحلين.
أحداث التهجير
وعن لحظة التهجير قالت:
"حكت لي أمي إنو إجا الطيران يقصف، وضرب بيت جيرانّا (الجِشّة) بقذيفة بنص البيت، فاستشهدوا كلهم."
وتذكر حادثة أخيها منيف أثناء الهرب تحت القصف، حيث حملت أرجوحته، ثم انتبهت أنها حملت ملابسه بدلًا من الأرجوحة، فعادت راكضةً للبيت وسط الخوف لتأخذه.
ثم واصلوا السير في البراري ليلًا حتى وصلوا إلى رميش ودخلوا إلى لبنان.
قسم كبير من العائلة استقرّ في لبنان، وآخرون في سورية، منهم في مخيّم النيرب ومخيّم حندرات.
وقالت بحرقة ومرارة اللجوء:
"وياريتنا متنا هناك بأرضنا النظيفة الطاهرة… وإن شاء الله فلسطين بتتحرّر، وإذا ما شفناها نحن، أولادنا وأولاد أولادنا بيشوفوها."
وأضافت:
"ولو بيعطوني مال الدنيا وكنوزها ويقولولي بيعي شقّتك… ما ببيعها."
ختام اللقاء
واختتمت الحاجة حديثها بإصرار على حق العودة:
"مال الدنيا كلّو ولا دهبو ما بعوّضني عن أرضي. وبوصّي الأجيال الجاية: حبّة تراب من أرضي ما تفوّتوها، لأن اللي ببيع أرضه ببيع عرضه."
وفي النهاية دعت لأهالي غزّة بقلب خاشع وعين دامعة، راجيةً من الله أن يفرّج عنهم الكرب.