(«جبه جي» أي المسؤول عن مستودع الأسلحة في قلعة القدس، وأحد قادة التمرد في المدينة في فترة 1824-1826م.)
الجاعوني نسبة إلى الجاعوني، إحدى قرى بلاد صفد. جاء أفراد هذه العائلة إلى بيت المقدس بعد القضاء على الصليبيين فتوطنوا المدينة، وظهر منهم علماء بارزون أيام المماليك والعثمانيين. لكن عائلات أخرى ظهرت عليها فتأخرت حال هذه الأسرة العريقة في أواخر العهد العثماني.
منذ أواخر القرن الثامن عشر، على الأقل، برزت في القدس، وفي غيرها من المدن الفلسطينية وبلاد الشام عامة، ظاهرة دخول بعض أفراد العائلات العربية المحلية في سلاح «اليرلية» أي فرقة الإنكشارية المحليين. وعائلة الجاعوني كانت إحدى هذه العائلات التي اتجه بعض أفرادها إلى الجندية. فقبل يوسف آغا برز اسم أحد أقربائه، حسن آغا، الذي أصبح «جبه جياً» في القدس. وبعد وفاة حسن تسليم يوسف آغا هذا المنصب، على عادة ذلك العهد في نقل الوظائف إلى الابن أو الأخ أو أحد الأقارب. وحين انتشر التذمر سنة 1825 بين أهالي القدس ونواحيها، بسبب سياسة والي الشام مصطفى باشا في رفع الضرائب إلى الضعف وجمعها بقوة السلاح، نشب تمرد شامل بين أهل المدينة والفلاحين. وحين كان متسلم القدس خارج الأسوار مع جنوده يحاول إخماد ثورة التعامرة وأهالي بيت لحم وبيت جالا، ثار أهل القدس وأغلقوا المدينة في وجهه. وبعد ثلاثة أيام من محاولات المتسلم وجنوده دخول المدينة المحصنة، من دون جدوى، اضطر إلى الإنسحاب إلى الرملة وطلب النجدة من عبد الله باشا، حاكم عكا. ووافق عبد الله باشا على مد يد العون إلى متسلم المدينة بحسب طلب السلطان، وإعادتها إلى حكم والي الشام، الذي كان مشغولاً في مهمات قافلة الحج السنوية. ووصل جيش عبد الله باشا، وحاصر المدينة وقصفها بمدافعه، فبدأ تذمر سكانها ولم يتحملوا الحصار والقصف مدة طويلة. وكان قائدا التمرد داخل القدس يوسف آغا وأحمد آغا العسلي الدزدار، قائد قلعة القدس، وقد تخوفا من عاقبة تمردهما وطردهما رجاال الدولة وجنودها من المدينة وسجنهما الآخرين، فماطلا لكسب الوقت على الرغم من ضغوط الأهالي من أجل التسليم. ويتوسط علماء المدينة وأعيانها، خضعت المدينة وفتحت أبوابها بشرط العفو عن المتمردين وحفظ حياتهم بوعد من قائد الجيش المحاصر، وكيل حاكم عكا. وهكذا انتهى التمرد. أما قائداه يوسف آغا وأحمد آغا الدزدار فأرسلا إلى عكا. وهناك عفي عنهما مع نفيهما وإبعادهما عن بيت المقدس ففُرضت الإقامة الإجبارية على يوسف آغا في مدينة الرملة، أما الدزدار فنفي إلى نابلس. وبينما رجع الأخير إلى القدس بعد مدة قصيرة وأدى دوراً تاريخياً مهماً فيها. قضى الأول نحبه، كما يظهر، بعيداً عن المدينة، ولم نسمع عنه بعد ذلك شيئاً.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع