ألاء قدورة – صيدا
خلال زيارتنا الحاجة راضية الشريف يوم السبت الموافق 2-7-2011 ، كان من الضروري أن ننبش ذاكرتها فيما يتعلق بموطنها الأصلي في فلسطين: صفورية، فأفاضت علينا الحاجة من ذاكرتها الكثير.
حدثتنا عن موقع البلدة فقالت أن كفر مندا تحد البلدة من الشمال، ومن الغرب شفا عمرو بيت لحم، من الجنوب عيلوط وتقريبا قسم من الناصرة، ومن الشرق طرعان والرينة، كما تقع البلدة بين جبلين، من جهة تقع قلعة عتيقة ومن الجهة الثانية عرفت بالسدى. زيادة على ذلك ذكرها أن إحدى الأمور التي اشتهرت بها صفورية هي مساحتها الشاسعة حيث كانت أوسع بلدة في الجليل الأعلى، وأن عدد سكانها سنة 1948 حوالي 15000 نسمة، ولم يكن في البلدة سكان مسيحيون.
وكان في البلدة طريق عام معبد يمتد من الناصرة إلى صفورية وصولا إلى كفر مندا، وكانت تمر عليها السيارات والباصات ، ولكن كثيرا وعادة ما استعملت الدواب كوسيلة نقل للوصول إلى القرى المجاورة.
عائلات من صفورية
وقد ذكرت الحاجة اسماء عائلات عديدة كانت تحضنها أراضي صفورية منها بيت نجم ويندرج تحتها: سليمان، عيسى، الحج، عثمان، ونصر، ولكن الأصل آل نجم، إضافة إلى "الحدايدي" والتي تضم عائلات نوفل، حلومي، عقل، ياسين، أبو ناصر. و"الغنايمة" التي يندرج تحتها عائلات أبو النعاج والسعدية، وخطاب، وعلاء الدين، راشد، وابو صلاح، كما أن بعض العائلات المصرية جاءت إلى صفورية وسجلت على أنها من صفورية.
وأنه من المؤكد لبلدة بمساحة بلدة صفورية أن تحتوي على عدة مضافات، فعلى قول الحاجة كان لكل عائلة مضافة خاصة بها، ولمختارها ديوان خاص به، وقد عرف مختارها آنذاك بـ "أبو فراس" وجاء قبله المختار محمد موعد إضافة إلى رئيس بلديتها صالح سليم ووجد في ذلك الوقت مسجدان أحدهما في الحارة الغربية والذي كان إمامه أحمد العلوطي والآخر في الحارة الشرقية والذي كان إمامه أمين نوفل.
المدرسة: طالبات ومعلمات
ومن الأشياء الكثيرة التي تحدثت عنها هي المدرسة التي كانت للصف الرابع وللفتيات فقط، وصادف في صفها الرابع سبع بنات فقط وذلك لانشغال معظمهن في الزراعة والأعمال المنزلية، ومن زميلاتها بنت عمها سعدة الشريف ونفيسة الشريف وفاطمة أبو توبة و خيزران العفيفة وخديجة خطاب ، ومعلمتها فاطمة الشموط ورؤوف عثمان وميسر ضاهر وبلقيس قلق من عكا، وفي المدارس كانت تدرس اللغة العربية والجغرافيا والتاريخ والدين، ورغم قلة الفتيات اللواتي كن يدرسن فإن بعضهن كن يكملن الدراسة في الناصرة للصف السادس.
صفورية وبعض ذكرياتها
أما على الصعيد الصحي فقد افتقرت البلدة إلى الأطباء فقد كان المرضى يذهبون إلى الناصرة للعلاج، ولكن في غرب البلدة كان هناك دير تعمل فيها راهبات من روسيا وممرض كان يأتي بين الحين والآخر عرف بـ الشيخ عمر من خارج البلدة فكان يمارس بعض الأعمال الصحية الأولية.
كما توفرت الراديوهات ، فكان لها بوق كبير ومسجل ذات اسطوانة وإبرة، وتعددت المهن فكان هناك لحامين من آل خطاب ونورعين والسعدي، بالإضافة إلى نجارين وكندرجية، ولكن غابت الدكاكين التي كانت تباع فيها الخضار والفاكهة إذ كان الناس يقضون حاجتهم من بساتينهم ، علما أن صفورية عرفت برمانها وزيتونها وخضارها.
الهجرة عن صفورية
وبعد ذكرها أوصاف وتقاليد بلدة صفورية انتقلنا في حديثنا إلى أحداث النكبة عام 1948 وكيف كان الخروج والتهجير ، فقالت بأن صفورية هي أول بلدة قصفت بالطيران وقد كان ذلك في أول أسبوع من رمضان بعد الإفطار، فهجت النساء أولا وبقيت الرجال ، فمشوا حوالي 5 كيلو مترات بعيدا عن البلدة بغية الاحتماء ولكن سرعان ما بدأ اطلاق النار ودخلت الدبابات، ولكن قبل سقوط البلدة بقليل كان قد خرج بعض رجال العائلة حيث تجمعوا في بلدة "الرامة" ليوم واحد ثم إلى كفر برعم ليوم آخر أيضا، وصولا إلى بنت جبيل سيرا على الأقدام حيث مكثوا خمسة أيام. أول ليلة كانت في شقة من غرفتين والباقي تحت شجر التين لكثرة البراغيث ولغلاء الأسعار فلم تتوفر الأطعمة في بنت جبيل ، فاتجهوا إلى برجا ولكن لم يستقروا لطبيعة الحياة الاجتماعية غير المتشددة.. وانتهى الأمر بالذهاب إلى سوريا "حمص" حيث لاقوا التشدد والالتزام الملائم لطبيعة حياة آل الشريف .
"وأي عيلة فلسطينية ما ذاقت الشقى والمرارة" ؟!! بهذه العبارة أنهت الحاجة راضية حديثها عن رحلة الهجرة والشقاء.. عبارة تختصر مسيرة عائلة الشريف بعد النكبة ومسيرة آلاف العائلات الفلسطينية التي عانت ولا تزال من محنة اللجوء والغربة عن فلسطين.