إبراهيم موسى من قرية نحف
أنا إبراهيم محمود موسى من فلسطين بلدة نخف مواليد 1937، عشت في فلسطين 11 سنة وطلعت من فلسطين سنة 1948.
القرية مساحتها 24 كلم²، عدد سكانها 11 ألف نسمة بالداخل الآن، هي على سفح جبل على طريق عكا- صفد، فيها مدارس لصف الثامن – التاسع، والذي يرغب بإكمال دراسته كان يذهب عالرامة. وبالوقت الحاضر صار فيها مدارس للثانوية، فأنا نزلت وذهبت إليها من وقت الحاضر.
فيها جوامع إثنين وفيها كل المؤهلات بنخف، من عيادات في الوقت الحاضر.
وعندما خرجنا من فلسطين كانت صغيرة، والناس فلاحين، وفيها متعلمين ويعملون أساتذة ولكن على مستوى عادي.
والآن فيها أطباء ودكاترة ومستوى تعليم عالي ومنهم من يعمل ويدرس في تل أبيب.
عندما كنت في المدرسة كانت عبارة عن 6 صفوف وكل صف كان يضم 20-25 طالب، وكان في أستاذ إسمه محمد صالح، والأستاذ سامي كان مدير المدرسة، لما طلعنا من فلسطين إسرائيل عرضت عليه أن يكون نائب ولم يقبل الترشح.
عندما كنا بالمدرسة كانت يمكن على حساب الدولة.
عائلات نخف، بيت عباس (أكبر عائلة)، دار مطر، ودار مصطفى الحاج موسى، دار مصطفى حسين، عبد الغني (المختار منهم) وهم المسيطرين على البلد بالمخترة.
كان سكانها كلهم مسلمين سنيين، ولم يكن فيها مستوطنات، ولكن الآن يوجد فيها مستوطنة إسمها كرمائيل.
كان في نبع خفيف، كانت النساء يحملن الماء على رؤوسهن أو ينقلونها على الدواب.
ولم يكن هناك كهرباء، ونضيء السراج. (يضعوا فيه زيت وفتيلة ويشعلونها).
كان لكل عائلة رجل معروف، مثل جدي كان عنده قهوة سادة، كان رجال القرية يجتمعوا عنده ويحكوا قصص ويشربوا قهوة.
أي أنه كل بيت فيها رجل معروف يفتح ديوان وتأتي الناس لعنده وتشرب قهوة وتسهر.
وكان للبلد مختار إسمه محمد أبو عواض، وعنده ناطور، والبلد كانت مساحتها مقبولة.
كانت البلد تعتمد على الزراعة على التين والزيتون والصبر والقمح والشعير.
كان كل شي بيد المختار، عند المشاكل وباقي أمور القرية كان المختار هو الذي يحلها.
وطبعاً لكا عائلة كان في ممثل العائلة، مثلاً نحن بالعائلة صار في مشكلة كبيرة حيث قتل رجل صاحبنا فتتدخل المختار وجماعة من بيت مطر، لحل المشاكل.
كنت أخرج على عكا، عبر الدواب. السيارات كانت قليلة وفي باصات وننزل على عكا، ولكن 70% كانوا ينزلوا عالدواب، أنا كنت أنزل مع الوالد للتجارة ولكن أنا أذهب معه رفقة، دخلت على أسواق عكا وبعرفها كلها.
كان في أثار نحف، وكان في مُغر على طريق العين، المُغر صخرية، أما أثار كبيرة لا، وفي مزار لولي (الشيخ ربيع)، وكان يضيئوه عند الزيارة.
كان في بلدنا مطّهرين، مثل المطّهر حشين عطوة، وفي مجبّرين كثير، كان الجبر مصنوع من البيض، مجبّرين عرب.
كان في دكانة أذهب عليها، وأشتري منها حلاوة جوزية لمحمود العبد، ولما نزلت على فلسطين رحت وزرتها، وزرت أولاد صاحب الدكانة، وكان في دكانة لدار علي شناعة، وكان في حلاق بالبلد، وكان في ملحمة يذبح فيها خالي أبو صبحي ويحي الرشيد من بيت مطر.
كان الناس يخبزوا عالصاج، لم يكن هناك أفران ولا طابون.
وكان في معصرتين ببلدنا، كان عنا زيتون كثير والزيت أيضاً كان يأخذوا أجرة نسبة من الزيت.
وبيتنا لما نزلت وزرت نخف، كان بعده موجود، كان في قناطر من حجارة، وكان في درج يطلع على السطح من صخر.
البيوت كانت كبيرة، والبيت واسع للعائلة كلها، وكانوا يضعوا الدواب بالبيت، يعملوا إسطبل للحيوانات ولكن بالوقت الحاضر كله متغير.
عندما جئنا على لبنان كان وضعنا متطور وأحسن من لبنان.
كنا نلعب بالمدرسة الx بالحجر ويقفزوا على رجل واحدة، وكرة قدم بالطابة. بالنسبة للمناسبات مثل رمضان، كان هناك الأكل يومي لأنه لم يكن في برادات، حتى عالسحور كانوا يطبخوا، وأكثر شي أكل الحبوب " المجرة والعدس والبرغل ".
كان في مسحارتي برمضان، كان يدور عالبيوت إسمه محمد عثمان وهو ضرير ومعه واحد ثاني، وكان يأخذ أجاره من كل بيت عالعيد، كل بيت على قد قدرته.
والعيد كان فرحة كبيرة لأهل البلد والأولاد، كانوا يجمعوا يسلقوه ويوزعوه، كانت حياة حلوة. والناس مرتاحة كثير، كان الأهل يزوروا بعض، ويأخذوا هدايا لبعضهم، كان في إرتباط عائلي لأكثر من هنا.
كانت الناس تروح عالحج على الجمال والذي عنده فرس أو بغل كانوا يضعوا أغراضهم عليها ويسافروا.
نحن كان عنا جمال " دار مصطفى الحجط"، كان عنده جمال.
كان بالبلد الحجاج قلائل لأن المسافة كانت بعيدة والسفر كان مشقة عالناس.
وكان إستقبال الحجاج مثل العرس، يستقبلوه بالدبكة بالإحتفال لمدة أسبوع.
كان في نحف مقبرة كبيرة بالبلد وعند وفات شخص، كان الناس كلهم يشاركوا بالأجر، كان عدد السكان قبل ما نتطلع 1000 نسمة. والعادات الفلسطينية كانت إنه عند الوفاة كان أهل البلد كلهم، وليس الأقارب فقط يصفون على طرف الشارع من جهة أيضاً من الجهة الثانية، ويأتي ناس من خارج القرية من الدروز والمسلمين والمسيحين ليعزوا أهل القرية، كانوا يعملوا أكل وعزومات.
كان العريس بفلسطين لا يعرف عروسته حتى ليلة الدخلة، هناك العريس كان إذا صح له أن يراها فيكون بالسرقة.
ولكن عادةً يأتي الأب والأم يقولون للشاب نريد أن نخطب لك بنت فلان، فيذهبوا ويخطبوها. وفي ناس كثير تزوجت وحصل مشاكل، مثلاً كان في شاب مش نافع وله أخ ضخم ومظهره جيد، فيقولوا العروس إن الأخ الثاني هو العريس، ولكن عند الدخلة إتضح أنهم كتبوا كتابها على الأخ الأول، وظلت هذه المرأة حتى ذهبت إلى لبنان وخلفت 13 ولد وأوضاعهم جيدة (هم من بيت معروف).
لم يكن هناك حب مسبق، إلا أذا كانت العروس بنت عمه ويعرفها، كان الحديث مع الخطيبة ممنوع إلا عند الدخلة.
بخصوص الدبكات، كانت حلوة جداً، كان الشعب الفلسطيني لحد الآن يقفوا صف واحد، يغنوا وكان في وحدّى تحدي ويسيحوا، ويصفقوا. وكانت الدبكة الشعرواية هي المشهورة، كانوا يغنوا أكثر شيء على دلعونة.
اليهود بعيدين عننا كثير، كان اليهود بعكا، ولكن الشباب من القرية كانوا يأخذوا البواريد ويذهبوا لخارج القرية، لم يكن هناك سلاح قوي.
كان هناك خارج القرية جيش الإنقاذ لا يتركوا أحد يدخل ويخرج، وكانوا هم يقاتلوا، ولكنهم كانوا بعد القتال ثاني يوم يسلموا القرية لليهود وبأيدهم.
في بلاد كبيرة مثل لوبية وسخنين، هذه القرى كان يحصل فيها مواجهات مع اليهودن ولكن قريتنا كانت بعيدة، ولم يحصل فيها معارك ومواجهات.
أذكر ونحن بالمدرسة، مرت سيارة وبدأت برش الرصاص علينا هربنان من الشبابيك، كنا بالصف الرابع وأذكر هذه الحادثة.
كان أهل القرية وبعد الشباب وقيادات كبيرة بثورة 1936 وفي 48 كانوا يجلبوا أسلحة. وإستشهد صالح الدوخي، كان مسؤول كبير، الطيران ضربوا على سور عكا. ودمه مازال موجودا على السور.
كان السلاح يحضروه من خارج فلسطين، وكان هناك تجار يحضروا السلاح معهم، والسلاح كان بواريد ألمانية وبريطانية وفيها رصاص والرصاص قليل جداً.
عندما إحتلت "إسرائيل" معظم القرى، دخلت عالبلد وقتل فيها 6 أشخاص من أهل البلد وهربت الناس خارج القرية.
والذين بقوا جمعوهم وأحضروا المختار، وسجلوا الناس الذن هربوا ويعتبر لاجىء حتى لو خرج إلى قرية فلسطينية أخرى وممنوع الرجوع على قريته حتى الأراضي تصادر "لإسرائيل".
نحن هربنا وخرجنا، على أخبار إحتلال "إسرائيل" لقرى أخرى، أي قبل دخول إسرائيل للقرية.
وأغراضنا أقفلنا عليها على أساس أننا سنرجع. طلعنا ومعنا ملابس خفيفة، على ظهر فرس، وعند وصولنا على لبنان، في ناس أعطوها مساعدات وفي ناس معها نقود، وإشترت ملابس لأولادها. وجئنا على مخيم برج الشمالي عبر بنت جبيل، بقينا ببنت جبيل سنة وبعدها نقلنا على بعلبك لمدة 6 اشهر، وعند الثلج والبرد وثم ذهبنا على بنت جبيل وثم الى مخيم الراشدية.
عندما خرجنا من نحف كان الطقس صيف، وكانت الناس تنام تحت الزيتون.
الحياة في بعلبك كانت تعيسة جداً، حيث وضعونا في أماكن واسعة، وكان بين كل عائلة وعائلة يفصل بطانية، أنا كان جيراننا من صفورية، مرة إستيقظت وإذ بي نائم بينهم، حيث بقينا 6 أشهر وعند الثلج ذهبنا بنت جبيل بيت.
ثم جئنا على الراشدية، كان فيها شوادر، وكانت غير مؤهلة للسكن كما يجب.
أتمنى كل لحظة أرى نخف، واتمنى أن أبقى فيها، ذهب مرة واحدة على فلسطين ولكني دخلت بتصريح. أولادي معهم جنسيات أجنبية منهم من يذهبوا لفلسطين لزيارتها.
في ناس عند الخروج من فلسطين فكرت بالعودة على نحف، ومنهم من رجع، ولكن من سُجل بأنه قد خرج من نحف كان اليهود يعذبوهم ويطردونهم منها الى الأردن أو لبنان.
أنا كما ذكرت زرت فلسطين في 1994، كان شعوري وكأنيس بالخيال، أما أحب فلسطين وأرضها، فهي دائما بعقلي، وعندما نزلت على فلسطين وكان معي نساء، وعند الحدود، كانوا يسألوني كيف عملت التصريح، فأخبرتهم بأنني قد أخذته عبر الصليب الأحمر، فأوقفوني على الحدود حوالي ساعتين (بالناقورة)، وقال لي الضابط الإسرائيلي، أنني غير مرتاح، فقلت لهم، طبعاً مش مرتاح فأنا واقف هنا من أكثر من ساعتين، فقال الضابط: من يريد أن يأتي لعنا يجب أن يضحك على طول، فقلت له ليس هناك ما يُفرح، فقال الحق عليهم (على أقاربك) فنحن بإنتظار الأقارب.
وعندما دخلت على البلد، وشفتها وشفت الأقارب، ورأيت العمار الجديد، ولأني أريد أن أرى البيوت القديمة والجيران، فالبلد على تلة كبيرة وفي وراءها سفح جبل، ودرت على البلد القديمة، وتذكرت كل شي فيها. فأنا كل يوم برسمه بخيالي وكل يوم أذكره. وزرت قرى كثيرة وزرت القدس.
تم تسجيلي بالأونروا، وقرار 194 يحق للناس العودة على فلسطين، ولكنه قرار على ورق فقط. وكما قال جمال عبد الناصر: ما أخذ بالقوة لا يُرّد إلاّ بالقوة، وليس بالقرارات.
بالنسبة للتعويض بالنقود، فنحن والحمد لله معنا مصاري كثير والحالة منيحة، ولكني ما زلت آمل أنا وأولاد أولادي بأننا سنرجع، والنقود لا تعوض على الوطن.