من مفكرة عبد العزيز جبر شبانة: حتّا والخروج منها.
في زيارتنا للأستاذ عبد العزيز جبر شبانة كنا نسعى لجمع ما من ذكريات تتعلق بقرية حتّا والخروج عنها، عام 1948 فوجدنا أنه قد سبقنا بتسجيل بعضها في مفكرته.. فزودنا بنسخة عنها وزاد عليها بعض المعلومات التفصيلية عن قرية حتّا نورد موجزاً عنها في هذا المقام.
عبد العزيز جبر شبانة: حياتي العلمية طالباً ومعلماً
دخلت الصف الاول الابتدائي في مدرسة القرية حيث كنت في السنة السادسة والنصف من العمر ولم أحص في حينها على شهادة ميلاد وكان والدي رحمه الله معتقلاً في عكا بتهمة التعاون مع الثوار ضد الحكم البريطاني الاستعماري المجرم، مكثت في هذه المدرسة 4 سنوات، تعلمت فيها اللغة العربية قراءة وكتابة والدين الاسلامي (القرآن الكريم والفقه الاسلامي في العبادات وغيرها والحساب والجغرافيا والتاريخ وأذكر شيخنا الذي علمنا وهو أزهري كان مرجعه في الحساب كتاب عنوانه "6000 مسألة" في الحساب وكان يملي علينا الاسئلة لأن الحل في الكتاب مع السؤال.
المدرسة: هي عبارة عن غرفة واحدة كبيرة تبلغ مساحتها نحو ثلاثين متراً مربعاً تتسع لأربعين طالباً تقريباً موزعين على أربعة صفوف من الأول الابتدائي حتى الرابع ابتدائي.
المعلم: شيخ أزهري يلبس الجبّة والعمامة طابعه الحد والحزم ويهابه طلابه، نظيف ومرتب، كثيراً ما كان يتناول طعامه في غرفة التدريس أمام التلاميذ، اسمه عبد المحسن حوراني.
التلاميذ: في كل صف بين الخمسة والعشرة يجتمعون من جميع أنحاء القرية في هذا المكان يتلقون العلم وقد يؤدون صلاة الظهر جماعة لأن غرفة المدرسة كانت من ضمن مسجد اسمه: "جامع النبي عمران".
الزملاء: أذكر من زملائي في الصف الرابع المرحوم عيسى الحاج حسين لافي، ابراهيم محمد فارس عيسى، بكر علي جابر الشربيني، صالح توفيق عبد القادر لافي، عبد العزيز محمد حسان. وكلهم الآن في ذمة الله تعالى رحمهم الله.
من مدرسة حتا الى مدرسة الفالوجة ومن عام 1944 الى عام 1947. بدأت رحلتي الى مدرسة الفالوجة في عام 1944/1945 العام الدراسي، حيث بدأت هذه الرحلة في الصف الرابع الابتدائي لان نظام التعليم في هذه المدرسة يبدأ بتعليم اللغة الانجليزية في الصف الرابع الابتدائي ومن أجل هذه المسألة تقرر دخولي الصف الرابع مرة أخرى في هذه المدرسة وأذكر أنني حصلت في هذا الصف على درجة ممتازة وهي الاولى بين خمسن طالباً تقريباً.
في هذا العام لم يكن الا أنا وطالب آخر كان في الصف السادس حينها واسمه رزق اسعيّد من الحارة الغربية في حتا (رحمه الله). وأذكر أنني في نهاية العام الدراسي حصلت على الدرجة الاولى في صفي وحصل هو على الدرجة الاولى في صفه، ورجعنا من المدرسة الى قريتنا ونحن نحتفل طيلة سيرنا بنجاحنا الباهر ونردد أوائل أوائل.
واستمرت مسيرتي التعليمية أربع سنوات في هذه المدرسة من الرابع حتى السابع ابتدائي عام 1947، أما زميلي المرحوم رزق اسعيّد فقد أنهى السابع الابتدائي عام 1945 ثم انتقل الى الدراسة الثانوية في مدرسة المجدل الثانوية وأما زملائي الذين رافقوني من قريتي فكانوا، محمد يوسف غانم من الحارة الشرقية، ومحمد علي أحمد من الحارة الغربية، ومحمد أحمد سعيد صبح من آل شبانة أقاربي، وعبد العزيز محمد حسان رحمهم الله جميعاً.
الادارة في المدرسة:
كان مدير المدرسة في بداية التحاقي عام 1944 الاستاذ سامي أبو شعبان، اما المعلمون فكانوا:
1- التربية الاسلامية: الشيخ علي حنفي من تل الترمس.
2- اللغة العربية: كمال ابو شعبان وهو شقيق مدير المدرسة.
3- معلم اللغة الانجليزية: كامل الحام من خانيونس.
4- معلم الرياضيات: رمضان الخطيب من تل الترمس وسعيد الطيب من النزلة غزة.
ومن معلمي اللغة العربية كذلك الاستاذ احمد فرح عقيلان، اما معلم الاجتماعيات فكان الاستاذ محم مصطفى مهنا من المسيحيين. والزراعة والعلوم سعيد الطيب ومعلم الرياضة الاستاذ محمد أبو بكر من الفالوجة. ومن الذين جاؤوا بعد ذلك مدير المدرسة اسمه محمد أحمد حنونه وأخوه المعلم محمود أحمد حنونه ومعلم من الفالوجة من حارة السعافين اسمه حسني محمد أحمد، والشيخ محمد قدورة مقيلان.
من الزملاء في صفي: السيد حسان حسن علي من أولاد عيسى ومحمود صالح بهدر واسماعيل جاد الله بهدر، وعبد الله شحادة شاهين، ويوسف حسن صبح، وقريبه جاد الله صبح، ويوسف الشاعر، ويوسف محمد أحمد رمضان، وعطا أحمد كتكت، وعوض محمد اصبيح (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر)، وحسن عبدالله السعافين، جبرين محمد برهم، ومحمد محمود برهم من الجسير، ومحمد عبد الله الحاج من كرتيا وعبد القادر جبر من عراق المنشية، وموسى الشيخ عقيلان، ومحمد طه عبد الجواد عقيلان.
كيف ومتى أصبحت معلماً؟
هذا الموضوع له علاقة بالدعوة الاسلامية في الكرامة، دعوة الاخوان المسلمين حيث وجد في المؤسسين لهذه الدعوة مجموعة من الشباب المثقف والذين أنهوا مرحلة معينة من الدراسة في المدارس الابتدائية والثانوية وليس هذا غريباً فقد أدركت قبل الهجرة عدداً ممن أنهوا الصف السابع في مدرسة الفالوجة عينوا معلمين في مدارس القرى وكانوا ناجحين في مهنتهم لأن مستوى التعليم في تلك المرحلة كان مستوى مقبولاً وجيداً في جميع المواد التي كانت تدرس في ذلك الوقت وهذا ما ساعد مجموعة من شباب الاخوان وأنا واحد منهم أن نؤسس مدرسة في الكرامة تتألف من مجموعة من الغرف الصغيرة وغرفة ادارة في مكان قريب من وسط المخيم وعينت إدارة الجماعة مجموعة من المعلمين هم: عبد العزيز شبانة، ابراهيم عمر عوض ابو شما (الرمحي)، ومحمد محفوظ العزازي، محمد أحمد شاهين، عبد الجابر تيّم.
وكان التأسيس في العام الدراسي 1952/1953 وجمعت هذه المدرسة عدداً لا بأس به من الطلاب وسارت الدراسة سيراً حسناً الا أن بعض المسؤولين الحزبيين في الوكالة انتبهوا لهذا النشاط الاسلامي فوضعوا خطة لإضعاف هذه المؤسسة وذلك بتوظيف ثلاثة من المعلمين الخمسة، حيث لم يبق الا معلمان: العبد الفقير عبد العزيز جبر والاخ ابراهيم الرمحي. وقدّر الله أن يتصل بنا المرحوم الاستاذ محمد عبد الرحمن خليفة المراقب العام للاخوان المسلمين وأعلمنا أن مدرسة الامام الشهيد حسن البنا في الكرك بحاجة الى معلمين وطلب منا الموافقة على العمل هناك وفعلاً تهيأنا للسفر وأذن الله سبحانه بأن نسافر الى الكرك في رحلة عبر وادي الموجب استغرقت أربع ساعات وبتوفيق من الله سبحانه وصلنا الى المدرسة واستقبلنا مدير المدرسة الشيخ أمجد (مصري الجنسية) وهو واحد من مجموعة جاءت من مصر عام 194 من أجل الجهاد في فلسطين فعاد من عاد وبقي من بقي ومنهم الشيخ المذكور حيث تزوج من امرأة خليلية ومكث في الاردن يعمل في التعليم مع الاخوان.
مؤسس المدرسة في الكرك المرحوم محمد زين أبو الفيلات (ابو سميح) وجه معروف وكريم في الكرك ورئيس غرفتها التجارية وبيته مفتوح للكرام حيث دعانا الى مأدبته العامة في اليوم الثاني من وصولنا جزاه الله عنا كل خير، كان أول عهدنا بعد وصولنا الى الكرك في المسجد العمري حيث ذهبنا لنصلي المغرب في معية مدير المرسة الشيخ أمجد. وعند ما حل وقت المغرب كنت قد صعدت المئذنة التي هي في اعتقادي من أعلى المآذن في البلاد وأذنت المغرب حيث كان المصلون يتساءلون عن هذا المؤذن الشاب الصغير، ثم صلينا المغرب خلف الام الشيخ الفاضل محمد الخطيب على أذكر. وبعد الصلاة صحبنا في العودة الى المدرسة التي هي من ضمن بناء الشعبة مجموعة طيبة من الاخوة المصلين ليستمعوا الى حديث الثلاثاء من الشيخ امجد مدير المرسة.
ويمكن اختصار تجربة الأستاذ عبد العزيز جبر شبانة كما سجلها في مذكراته باختصار:
1- طالب في قرية حتا من 1933 – 1948، وفي مدرسة حتا 1938 – 1943، وفي مدرسة الفالوجة 1943 – 1948.
2- الهجرة من حتا إلى الفالوجة ثم بانوبا – الخليل، حلحول – أرطاس – بين ساحور – الكرامة.
3- الكرامة من 48 – 53.
4- معلم في الكرك، ثم في الزرقا من 53 – 55
5- من 55 – 58 في الكلية العلمية الاسلامية.
6- موظف مدير مدرسة في وزارة الزراعة: 15/1/1958 – 1982، ومن 1982 الى 1985 في مكتبة دار الأرقم.
7- من 1985 إلى 1989 في جمعية المركز الاسلامي الخيرية
8- من 1989 إلى 1996 في مجلس النواب.
معلومات عن قرية حتا:
أرض حتا عربية 100% تضم 5193 دونماً تقريباً، لا يملك اليهود فيها دونماً واحداً، مشاع 112 دونم. المزروع منها 5112 دونم، الأبنية تحتل مساحة 45 دونم. عدد المنازل 163 منزلاً. ويشير اليها الجغرافي العربي ياقوت الحموي باسم حتاوه ويقول إنها مسقط رأس العلامة المسلم عمرو الحتاوي. في وقت من القرن التاسع عشر كانت حتا قرية تُحف بها الجنائن التي كان في بعضها أشجار الطمران، وخلال فترة الانتداب بنى الإنجليز قاعدة عسكرية – مطار بين حتا والفالوجة أي أثناء الحرب العالمية الثاني، كانت القرية تنتشر على شكل متشابك مستطيل اجمالا ومنازلها مبنية بالطين، وجميع سكانها من المسلمين، ولهم فيها مسجدان، جامع يطلق عليه جامع النبي عمران ومسجد للجماعة الصوفية الخلوتيه. وفي عام 1923 فتح فيها مدرسة ابتدائية كان عدد طلابها نحو سبعين طالباً في عام 194 وما بعده. وكانت تعتبر حتا تابعة ضمن الإدارة في الفالوجة وتعتمد عليها في حاجات كثيرة كالصحة والتجارة والتعليم.
النشاط الاقتصادي:
كان أهل القرية يعتمدون في حياتهم في الدرجة الأولى على الزراعة البعلية كزراعة الحبوب والخضروات وأشجار العنب والتين والمشمش وغيرها. وكانوا يربون المواشي كالبقر والغنم والخيل والبغال والحمير. وفي القرية بعض المواقع الأثرية منها (تل الطيور) وخربة في غربي القرية.
كيف هاجر أهل القرية في تموز عام 1948؟
احتلت قرية حتا أثناء عمليات لواء غفعاتي الصهيوني على الجبهة الجنوبية خلال الأيام العشرة بين الهزيمتين (8-18 تموز 1948) حيث يذكر المؤرخ الصهيوني بني مورس سقوطها في تاريخ مبكر في 14-15 تموز . فقد شهد الهجوم الكبير على هذه الجبهة في 17-18 تموز يوليو قبل أن تدخل الهدنة الثامنة حيز التنفيذ وقد أخفق الهجوم في تحقيق تقدم نحو النقب غير أنه نجح في انتزاع بعض المواقع من الجيش المصري ومنها قرية حتا وكرتيا، وجاء في رواية تاريخ الاستقلال ما يلي: "اقتحمت حتا سرية من الكتيبة 3 غفعاتي بعد إطلاق نار مركز ولفترة وجيزة وفرّ المصريون منها، وكانت حصيلة العمليات على الجبهة الجنوبية توسيع رقعة السيطرة الصهيونية الى الجنوب والشرق وطرد نحو عشرين ألفاً من ست عشرة قرية.
وقد أورد مراسل صحيفة نيويورك تايمز عن اشتباك حدث بين حتا وعراق المنشية عندما حاولت قافلة صهيونية الوصل الى بعض المستعمرات (مستعمرة غات). وفي آب 1948 كان من المفروض ان تقام مستعمرة باسم رحافا في موقع القرية غير أن الخطة لم تنفذ الا في السنة اللاحقة.
القرية اليوم (وقت الكتابة)
تغطي غابة بأشجارها جزءاً من القرية وينتشر ركام المنازل بين الأشجار (الجميز والصبار)، أما الأراضي المجاورة فمزروعة ولا يزال المطار
وجهاء قرية حتا ومخاتيرها:
الشبانات: الشيخ جبر عبد العزيز، الشيخ محمود جبر، ضمين حسن عبد، حسين أحمد علي، ابراهيم سعد ضح.
الشرقا: الشيخ عبد الرحمن جمعة غانم، المختار محمد جمعة غانم الشيخ شعبان، الشيخ حمدان، موسى محمد، محمد اسماعيل غانم.
الغربا: (الجامعة) الشيخ عبد الرحمن رشيد جمعة، عبد الفتاح رشيد، محمد حسين جحم، محمد عبد الجمعة، سليم محمد، وإخوانه الشيخ حسن جمعة، ومحمود عليان، محمد فارس عيسى علي أحمد.
آل طليب: صالح طليب وأحمد طليب والعبد طليب.
شهداء قرية حتا:
قد استشهد على أيدي الصهاينة المجرمين وعدوانهم الآثيم عدد من المواطنين من أهل القرية في القرية وغيرها من أماكن هجرتهم وهم:
1- الشيخ عبدالرحمن رشيد (مؤذن الزاوية)
2- خميس حسن عيد شبانة
3- محمد محمود عليان
4- عبد الرحمن متوالي
5- محمد الشاصي الغزاوي
6- عبد الفتاح حسن حمص
7- عامل كان عند علي الشربيني
8- مسامح محمد لافي
9- عبد الغني لافي
10-محمود لافي
11-شحادة لافي
12-المجاهد عماد مروان شبان.
ماجد الجمل
هوية/عمّان