أنا قطف جميل صالح حسن قدورة مواليد 1934، من قرية سحماتا.
والدي كان منزله بجانب القبر، ومن ثم انتقل وبنى بيت فوق منطقة البركة، جيراننا دار محمود السعيد (من ناحية شرق البيت) ودار عمي أحمد ودار عمي علي وبيت دار مختار محمد سعيد (أبو كارم) وبيت سويلم، وبيت أهل رجا، كامل فاعور، الحجة ريا، وعمي كامل وعمي العبد. ولتحت، نقلوا دار محمد سعيد وأخته فاطمة مقايضة، ونجيبة الدرزية، والحارة الفوقا، دار مصطفى أمنية، ودار أبو ابراهيم.
والدتي كانت وحيدة والدها، أي ليس له غيرها وعندما توفي ظلت عند جدتي، وعند زواجها وخروجها قالت إن ورثتني أريد قسمتها بالنص، بيني وبين عمي لأنه ربّاني. درب برزة لأمي، حكورة الحريم لأمي، صبيح لأمي، بيتان اللي بجانب القبو كان كبير وعواميد وسدة، أمي باعت البيت لخالتي بدل كرم الزيتون، سمان لأمي، السلطانة لأمي، سلباط، السمان،... إسم أمي نورا سعيد قدورة.
والدي له الغزالية، والخنيدق، وخلة الدياب، والجنينة، حاكورة الصيرة، والكرم الشمالي حلان العين لأمي.
والديّ وأختي أكبر مني (جميلة) ومحمد وأحمد ومحمود، كنا بالبيت وخرجنا مع بعضنا من فلسطين. والدي فلاح، كان يفلح بأرضه وكنا ننكش الأرض في المواسم، الرجل يذهب الى الأرض مبكراً وأمي تلحقه لتزوده بالطعام وثم نحن نلحقهم. كانوا يستأجرون أشخاص للعمل بالأرض، ووقت الزيتون، كل واحد يعمل بزيتونه، وهناك من يعاون الآخر أو يستأجروا أشخاص للعمل. كنا نذهب نحن ووالدتي ووالدي للمساعدة. كنت أطلع على الزيتون وأرميه على الأرض.
ونروح نعشّب مع أمي ونرجع، أخوتي كانوا صغاراً، محمود كان عمره 8 أشهر والباقي صغار لم يعملوا معنا. أما أختي جميلة أكبر مني سناً، وكانت تساعدنا أيضاً بالعشابة.
كنت أنا وأختي نعمل بالزيتون، نقطف الزيتون، ونعصره. كان في معصرة نعصر الزيتون فيها. قبل اخراجنا من فلسطين بسنة عملوا بابور زيت (دار عمي الحاج وأبو العبد إبراهيم خليل) شراكة، ودار أبو جلال وأبو محمود كلهم تشاركوا وعملوا البابور. ودرست الناس في سنة، وثاني سنة زتّنا (أي قطفنا الزيتون) وبعدها يومين جاءت الطائرات تقصف وبخلة الدياب، ضربت الطائرات البلد، وصارت الناس تخرج من القرية.
في اليوم التالي لم نذهب للزيتون وبقي بالأرض. وقالت الناس لا نريد الذهاب الى أراضي الزيتون في البداية، وجاءت الطائرات ضربت دار أبو العبد فضة، مات إبن القسطي (محمود) من الدير، وضربت على البياضة (فوق التربة) وضربت دير العين، وتوفيت السيدة موزة من الضرب (من الحارة الفوقا).
وتصاوبت روان ابنة أبو كمال أحمد الحاج، ثم نزلنا الى المغارة في الاسفل لنختبئ، ثم جاءت زوجة عمي علي، وضربت الطائرات علينا، بعدها اضطررنا للخروج من فلسطين. كنا عاجنين الطحين، وأخذناه معنا الى الزيتون، وأخذنا فرشتين، وأخذ الجحش وساق البقرات، وأنا حملت الصابون وأختي أخذت ملابس إخوتي. وخبزنا الخبز وطلعنا الساعة 10 ليلاً ومشينا لغاية رميش، ثم لم يستطع أخوتي الاكمال مشياً، فنمنا برميش وقمنا صباحاً مشينا الى دبل حيث بقينا أسبوع. وجاءنا خبر وفاة والد الأستاذ علي وجدي عبد الوهاب بأنهم قتلوه، اليهود قتلوهم. ثم بقينا أسبوع وبعد ذلك مشينا من دبل لبنت جبيل.
ونحن أيضاً في السابق، خرجنا الى حوران (كفر شمس) قبل مجيئنا الى لبنان، أي قبل موسم حليشة القمح. ذهبنا نحن وخالتي وأحمد ثريا وأمه وخالتي خديجة وجدتي، بقينا شهر هناك ودار خالي شحادة هناك وأحمد الشيخ ومحمد شحادة. ثم عدنا الى فسطين، وبدأنا بالزيتون.
إستأجر أبي غرفة وبقينا فيها 4 – 5 أيام، وسمعنا بأن الناس تريد الذهاب الى صور، فركبنا السيارة لغاية برج الشمالي، فنصبنا شوادر. أعطوا لكل 4 شادر. كان أبي عائد الى فلسطين. وأنا كنت مجدرة ولذلك لم يدعني أحد أنام عنده في الشادر. وشتت الدنيا، كان في واحد من صفد إسمه أبو طالب (رحمة الله عليه)، قال لأمي تعالي وأحضري الأولاد وأدخلي عنا، ونمنا عنده. وشتت الدنيا، وإلا أبو عادل والشيخ محمود (جد محي) كانوا مستأجرين غرفة ببرج الشمالي، فقال لأمي، يا نورا أنت هنا، فأخذنا الشيخ محمود وأبو عادل لعندهم. بعد ذلك بأيام، قالوا لنا أن الناس تريد الذهاب الى بعلبك.
وقد قررنا الى بعلبك بالباص، لكن نحن لم يدعونا أحد لنركب في الباص، لأني مجدرة وأبي بفلسطين، فقامت أمي برمي اللحاف وجلست أنا وهي على الكرسي داخل الباص، ولفّتنا أمي باللحاف أنا وأختي واخوتي وأمي على كرسي.
جلسنا في بعلبك بقاووش. ثم جئنا الى الراشيدية مرة أخرى. البنات الصبايا، بالشتاء، كانت تأتي في الشمس للتطريز وحياكة صوف والصنارة، حياكة مناديل ودواير للملابس والمخدات، كنا نذهب معهم ونحيك على السياخ.
وبالشتاء، الناس تسهر عند بعضها، تعمل الناس عصيدة، وشاي، كله على الحطب والنار. والرجال تلعب الورق، والكبار تحكي الحكايات.
بالنسبة للأعراس، عن الخطبة كانوا الكبار والوجاهة مثل المختار وكبير البلد مثل عمي الحاج هاشم وجدك وأحمد نعمان ورشيد، يحكوا بالبنت وثاني يوم يعقدوا العقد. بعدها تذهب النساء ليعزمن، والبنات والصبايا يذهبون عند أهل العروس. وتتضمن الزيارة وصلة من الأغاني الفلسطينية
وعند موعد العرس، يُعزم العريس في بيت، فأهل البيت يحضرون العباءة له. وبالنسبة للبنات كل واحدة تجهز نفسها. كان العريس يذهب الساعة 8 الى الفريحة، يأكل ويتحمم، والساعة 9 تأتي الناس عند العريس، العريس يريد أن يحلق شعره. في المقابل تأتي الصبايا وتجمع حالها عند العروس. العريس تحمم، وحلق، يأتي الفرس وتتجمع الناس.
الشباب يأخذون العريس الى الطوفة، وتصير الناس تغني له، ويجلس العريس تحت التبنة وإشبينه بجانبه، جهة للشباب وجهة للنساء، يغنون ويدبكون.
ثم يعود الى البيت بالعريس عند العصر ويبخرون العريس.
العريس يكون لابس الطقم والعباي والعجمية والعروس عاملة له منديل خصوصي وفيه وردة ويحملها العريس، وحطة وعقال. اما العروس، فتلبس فستان زهر في الصبح، وعصراً ترتدي فستان أبيض (يوم العرس) وثاني يوم أزرق. والناس تأتي ثاني يوم تبارك.
بالخطبة أهل العريس ينقطوا العروس بفستان، ومناديل وشلحات وإشاربات. أهل العروس ينقطوا بنتهم بذهب، حلق وإسوارة. جهاز العروس كان فراش، طرز، شلحات ومناديل، نحبك مناديل، ومناشف ومخدات.
حنة العروس، تُعزم العروس، والجهة الداعية يأخذون شرشف وتُعزم العروس، تذهب الناس وفي عشاء للعروس خلال التحنية، ويغنوا لها للحنة وتدبك بعد ذلك. يحنوا العروس، أهل العريس يجيدون الحنة. ويأتوا بالحنة، ويحمموا العروس. وصباحاً تأتي واحدة لتبرزها (يعني تضع لها المكياج) وتلبسها وتسرح شعرها.
إذا فتحوا الطريق الى فلسطين بدي أروح ركض، يا ريت أبقى طيبة وأرجع الى فلسطين، فلسطين يا كبيرة يامن هجرتينا، يا يامن قبلتي اليهود ولم تقبلي بنا.
يا دار يا دار وإن عدنا دهر الأول
لذبح ذبايح عن أول عام أول
قلتلها يا دار وين أصحابك الأول
قالت والله هدوك رحلوا ورحيلهم طوّل