أحمد عزب + زكية عزب – المنشية
أحمد حسين عزب من منشية عكا، مواليد 1937.
زكية محمد الزحمد من منشية عكا، مواليد 1944.
تعود أصول عائلتي الحاج أحمد والحاجة زكية إلى عائلة واحد، فهما يعتبران نفسيهما «أبناء عمومه».
يروي الحاج أحمد في معرض ذكرياته عن بلدة المنشية ويقول، «كان نشرب من ماء عكا، وفيها أبار ارتوازية. كنا نعمل في البيارة، كان في بالمنشية بيارة لعلي عطر وعائلة المصري، وبيارتنا، أما دار رستم كرّيم ودار دعبس ودار الحاج حسين عندهم كروم».
توضح الحاجة زكية الفرق بية البيارة والبستان من كلام زوجها: «البيارات كانت تزرع بالخضار، والبساتين كانت تزرع بالفاكهة».
وتضيف «لحد الآن لا تزال بيارتنا موجودة، واحد من بلدنا يدعى وليد دعبس دخل الى البلد بعد النكبة، ورأى البيارة. وزّوج أختي (نبيل الخطيب) ذهب أيضاً الى القرية وصّور البيارة، وعندما رأى والدي الصّور أصابته جلطة من الحزن ودخل المستشفى 5 أيام».
والدي عمل في مزرعة الحكومة اسمها (دبويا)، كان يزرع التفاح والأفندي، وحلو الأرض أشجار الزيتون.
«عندما ذهب زوج أختي وزار البيارة، لفتت إنتباهه جمالها وكان فيها بيت من حجر، وكان يهودي قد سكن فيه، كان هذا البيت لعمي. فشعرت بالأسى والحزن، لأن هذا المغتصب ساكن في بيتنا ونحن مطرودون خارجه».
البلد تم جرفها بعدما خرجنا، من غربها كان في بيت وسقف زينكو. أما الآن كلها أصبحت فلل للمستوطنين.
مختار المنشية كان علي خريبي في ذلك الوقت، ولم يكن هناك مضافة في القرية، فكان الاستقبال يتم في البيوت. والد الحاجة زكية كان يقول أن عدد سكانها 400 نسمة، فهي قرية صغيرة نسبة لباقي القرى.
«المنشية وعكا بلد واحدة، أهل عكل من أهل المدينة، وأهل المنشية أغلبهم فلاحين. وكانت الناس تأتي وتسكن بالمنشية لأنها قريبة من الدبويا، حيث تتوافر فرص العمل هناك».
وكان يوجد في الدبويا (مزرعة للحكومة) مختبرات زراعية، ووالد الحاجة زكية كان يبعث الخيول إلى البلد والأردن، وهو معروف بالقرية. أما والدتي (الحاج أحمد) وجدة الحاجة زكية كانوا يخرجون البقرات إلى الدبويا، وهم بقرات "مأصلات" من الدبويا، وإذا أرادوا زراعة الشجر، يأخذوا أحلى شتلات وشجرات من الدبويا.
الدبويا قطعة أرض كبيرة مزروعة أشجار كثيرة وفيها مختبرات، وفيها إستطبل وطيور على أنواعها. كان يستفيد منها أهالي شمال فلسطين، وكان موقعها غرب المنشية، من الشمال هناك البيادر ومن الغرب بيوت البلد.
وضعنا المادي كان جيد. جيراننا دار المقدم (جده لمنير) هم أصلاً من الغابسية، ودار حمدوه كان عنده فرن. كان في المنشية قهوة لصاحبها فهد حامد (هم من عائلة عطية)، كانت عامر بالزبائن بالرغم من صغرها.
النكبة
يقول الحاج أحمد، «أثناء احتلال عام 1948 كنا نجمّع من كل بيت بالمنشية ليرة ذهب لشراء السلاح. كان والد زكية يقول إنه عندما وُلدت أمي باعت ذهبها واشترى والدي بارودة إنكليزية. وعندما سُجن واعتقله اليهود، عرف اليهود مكان البارودة (جاءت إخبارية عليه)».
«جدّ زكية (حسن) كان قائد فيصل هو عيسى الحاج أحمد، وبيت عائتي وأهل زوجي (بيت واحد) نُسف ثلاث مرّات (أيام العثمانيين لأن جدي كان مع الثّوار). حين جاء اليهود حاصروا البلد عدة مرّات ولكنهم فشلوا في دخولها. وعندما كانوا يأتون ليقتلوا او يعتقلوا الرجال، والدي وعمي كانوا يهربون ويختبئوا».
«عندما حاصر اليهود الإنكليز صور عكا، جاء رجل اسمه نايف أبو عطية لا يملك بارودة، فجاء إلى جدي حسن وقال له خذني معك، فقال له جدي ليس معك بارودة فقال له: صحيح ليس معي بارودة ولكنك لا تستطيع أن تحرمني من الجهاد وفي سبيل الله، أنا أستطيع أن أذهب معكم وإذا كان هناك شخص متعب أو نعسان، أخذ بارودته بدلاً عنه وأجاهد معكم، فما كان من جديّ الا أن أخذه معه».
«في هذه الموقعة، استيقظوا صباحاً ووجدوا بين بيادر المنشية وعكا خيم منصوبة، هذه الخيم كانت تنصب أيام الأعياد والمراجيح، فاليهود نصبوا الخيم مثل النَورَ (البدون)، فجاء رجل من البلد دَارَ حول عكا وطوقها حيث توجد أنفاق وصعد على السور وقال لأهل البلد أن هذه الخيم فيها يهود وإنكليز معسكرين فيها، إلتفوا حولكم ويريدون قتل الثوار على سور عكا. فقام الثوار بالليل وصارت معركة، ومات فيها حوالي 100 يهودي، وأخذوا أبي مع الأسرى، حيث بقي نحو 9 أشهر، وخرج بعملية تبادل مع بعض الأسرى الأخرين في الأردن برعاية الملك عبد الله».
«وجاء جيش الإنقاذ وأخذ مواقع الثوار وسلموها للإنكليز واليهود. لم تقصف عكا لأنه فيها يهود وفلسطين. ولكن الضرب والقصف كان على الأراضي التي حول البلد. كان فيها مطار للطيران، وكان قديماً فلم يكن يُستعمل للطيران، فكانوا يضعون فيه عتاد الجيش».
«إذا سنحت الفرصة للعودة لفلسطين سأرجع حتماً، عندما شاهدت صور البيارة، صار عندي حنين لأعود إلى بلدي».