بسم الله الرحمن الرحيم
إن عشيرة الصوالحة هي جزء من العشيرة الأم عشيرة البستنجي. ارتبطت أفخاذها المتعددة بروابط القربى والمصاهرة والتحالف عبر التاريخ منذ أكثر من مائتين وخمسين عاما في بلدة دورا الخليل وفي قرية أم الشقف تحديدا حتى عام 1948 حيث النكبة الفلسطينية ولجوء غالبية العشيرة إلى الأردن والشتات وذلك لأن جل أملاكهم وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أما في الفترة السابقة والتي تسبق عام 1200هـ فأثبتت الوثائق المستخرجة من محكمة الخليل الشرعية إبان الحكم العثماني بأن الجد عبد ربه صالح بن عثمان الغزي كان يقطن مدينة الخليل وله أملاك ومسجد باسم "مسجد ابن عثمان" وكذلك أملاك ومسجد في مدينة غزة. أما بعد النكبة عام 1948 فإن ظروفاً قاسيةً وصعبة مرت على أبناء عشيرة البستنجي لما صاحب ذلك من شتات وتباعد وابتعاد عن مصادر المعلومة الموثقة أو المنقولة المؤكدة، حيث أثرّت هذه الأمور وأدت إلى الاعتماد على نقل ما سمع من تاريخ تقطعت بعض حلقاته وهو لا يصلح أساسا للتأريخ. ولكن الحقيقة الأكيدة والمعروفة لدى الآباء والأجداد ومنذ القدم هو أن أصل عشيرة البستنجي يعود إلى الشيخ سليم أبو مسلم العراقي الهمذاني الحسيني الهاشمي والذي دفن في بلدة كفر أبو مسلم/ أبو حماد/ الشرقية في مصر وله مقام فيها. ومن أحفاده الشيخ سليم المدفون في بلدة بيت لاهيه في غزه وله مقام فيها أيضا، حيث كان الأجداد يزورون مقامه سنويا في غزة ويتواصلون مع أقاربهم المسلّميين هناك. وبعد صحوة الناس من هول كارثة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، قام البعض من المهتمين بموضوع النسب بالبحث والتحري عن الحلقات المفقودة خلال فترة النكبة والضياع والتشرد وفي مقدمتهم المرحوم الحاج عبدالرحيم جبر البستنجي الذي زار مقام سيدنا أبو مسلم وأحضر وثائق تتحدث عن نسب العشيرة وتؤكد ما لدى الجميع من قناعة بنسبهم المسلّمي. غير أنه لم يتسنى لأحد الاطلاع على تلك الوثائق حيث توفي أبو ماجد رحمه الله دون الاطلاع عليها. ثم قام مهتم آخر بالأنساب وهو السيد عبدالله علي البستنجي بالسفر إلى مصر وزار مقام الشيخ أبو مسلم والتقى بعمدة البلدة وبالسيد الأستاذ الدكتور محمد حسن المسلّمي شيخ وعميد عشائر المسلّمية في مصر كافة، وقد زوداه بمجموعة من الوثائق التي تثبت بشكل قاطع نسب الشيخ سليم أبو مسلم إلى عترة آل البيت رضي الله عنهم أجمعين.
واستكمالا لبحث تسلسل النسب قام السيد عبدالله بالاتفاق مع الشريف عاهد الشريف وهو من النسابة المعروفين لمراجعة وتدقيق النسب وبواسطته تم إحضار مجموعة من الوثائق المهمة والتي تخص عائلة الصوالحة تحديدا من المحكمة الشرعية في الخليل زمن الحكم العثماني وهي أربع وثائق مهمة كما يلي:
· الوثيقة الأولى: تتحدث عن شهادة عبدربه صالح بن عثمان الغزي على عقد زواج عام 1055 هجري.
· الوثيقة الثانية: تتحدث عن ميراث زوجة رمضان بن عثمان الغزي وهي الشريفة سعود بنت الشريف كريم الدين الشريف عام 1082 هجري.
· الوثيقة الثالثة: تتحدث عن وصية عبدربه بن صالح حفيد عبدربه بن صالح بن عثمان الغزي عن وصايته في المحكمة الشرعية على أبناء أخيه منصور وهم صالح ولافي وإسماعيل وسارة في عام 1200 هجري.
· الوثيقة الرابعة: وصل مالي مدفوع إلى وكالة أوقاف غزة إبان الحكم العثماني كضريبة أملاك عثمان الغزي في كل من الخليل وغزة والذي يبين ما له من أملاك فيهما.
وبناءا على ما توفر من تلك الوثائق تطوع الدكتور إبراهيم البستنجي مشكوراً بعمل مشجّرة النسب الخاصة بعشيرة الصوالحة مفصلا فيها تسلسل النسب الشريف وأسماء أفراد العائلات وإحصائية دقيقة تبين أعداد كل عائلة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الهدف من هذه المساعي لم يكن الاستئثار بنسب، ولا التعالي به على أي من عشائر البستنجي بأفخاذها وعائلاتها، فليس من الأصالة أن ينسلخ المرء عن أخوة التاريخ والقربى والمصاهرة. وعليه نأمل من المهتمين من إخواننا وهم كثر البحث عن الحلقات المفقودة في العلاقات بين الأفخاذ في العشيرة الأم، فليس هذا الأمر حكرا على أحد خاصة وأن عملية البحث والتحري تحتاج إلى إرادة ووقت وجهد كبيرين. وقد تم الاطلاع على بعض المحاولات الجادة في هذا المجال ويشكر القائمون عليها، ودعاؤنا أن يُوفق الباحثون الجادون في هذا الموضوع عسى أن نلتقي جميعا في هذا النسب الشريف.
إن المناداة بأن تكون هناك كيانات اجتماعية متعددة، لا تعني التخلي أو التهرب من مسؤولية، فأولاد الرجل الواحد إخوان طالما هم في بيت الأبوة، فإذا ما انتشروا وكثروا فرضت أقدار الله سنتها فأصبح لكل من الأحفاد ومن تلاهم ذمته المالية والمعنوية المستقلة.
أما أقاربنا من العائلات الأخرى في عشيرة البستنجي فهم أصهارنا، وأخوالنا، وهم عزوتنا، وسوف نكون معهم ما أمكن ذلك من غير منّة أو إلزام أفرادا وجماعات.
وما موضوع وثيقة عشيرة الصوالحة إلا تنظيم وتحديد لكيان من مكونات العشيرة الأم لا يضير العائلات الأخرى أن تحذو حذوهم، وينظموا أمرهم. فعشيرة كعشيرة الصوالحة والتي يبلغ تعدادها ما يربو على (2200) شخص من الذكور والإناث تفرض عليهم وفي هذا الوقت بالذات وقبل فوات الأوان إيجاد آلية حضارية لتنظيم العلاقة فيما بين عائلات وأفراد هذه العشيرة.
وبناءا على ما تقدم من أسباب فقد تنادى عدد من وجهاء أفخاذ عشيرة الصوالحة جميعها لإجراء مجموعة من اللقاءات. حيث تم بعون الله وتوفيقه في صيف عام 1434هجري الموافق لعام 2013 ميلادي عقد اجتماعات عديدة لممثلين عن أفخاذ وعائلات العشيرة بعضها في الكرك وبعضها في عمان، وآخرها عقد في الكرك بدعوة من السيد عبدالله علي البستنجي وفي بيته يوم الخميس الرابع من المحرم عام 1435 الموافق 7 /11/2013م. وكان اجتماعاً عاماً حضره ما يزيد عن مائتين وخمسين رجلا. حيث ناقش المجتمعون فيه العديد من الموضوعات الاجتماعية والعائلية، وعرضت فيه أفكار وتصورات حول آلية اختيار الممثلين والموضوعات التي سيبحثونها، وقد تم الاتفاق على تشكيل لجان الممثلين ومواعيد اجتماعاتها وأماكن الاجتماعات وآليات اتخاذ القرارات.