مختار المخاتير
فايز المالك رحمه الله:
وهو المختار صاحب أطول مدة في المختره وكان مختار أول عن قرية عقربا . وقد برز دوره في فعاليات الإضراب والاحتجاجات ضد الاحتلال البرطاني .. كان فايز المالك حفيداً للمختار قاسم المالك مختار عقربا في أوآخر العهد العثماني والذي وافته المنية في الحجاز وهو يؤدي فريضة الحج..
كان الانكليز قد عينوا عدة مخاتير للقرية لكنهم تميزوا بعدم الاستمرارية إذ لم يستمروا لمدة طويلة.. لكن فايز المالك استمر بمنصبه حتى الخمسينات.. وكان مختار أول لقرية عقربا. وهو صاحب أطول مدة في المخترة في القرن العشرين.
وقد اتصف فايز المالك بالحكمة والذكاء وكان داهيةً فطناً ويجيد تدبير الأمور وحسن سياستها، وقد استطاع تطويع القرية وجعلها في قبضته رغم كثرة الخلافات والتناقضات التي كانت تعج بها القرية. وكان كريم النفس جواداً وصبوراً ذا مهابة وَيُحسَبُ له كُلُ حِساب.
وقد استطاع بناء علاقاتٍ وصلاتٍ مع كَثيرٍ من المسؤولين وذلك لخدمة بلدته وأهلها, ومن ذلك حل مشكلة مراعي عقربا في الغور، في ثلاثينات القرن الماضي. وذلك أن مجموعة من القرى أرادت تملك أراضي القرية في الغور بالقوة فتوجهوا إلى منطقة "سد حريز" وبدءوا يُقَسِمون الأرض فيما بينهم ، وهنا أرسل فايز المالك أهل قريته لمنعهم من ذلك بالقوة وتوجه هو للقدس لمقابلة المندوب السامي.. فأوصل المختار ابن مالك للمندوب الخبر بصورة تستدعي حضوره للمنطقة. فتحركت دوريات للانكليز باتجاه جسر الواد الأحمر ثم توجه فايز المالك مع المندوب السامي لنفس الموقع وبحضور مخاتير القرى في الموقع أخبرهم المندوب السامي بعد أطلعهم على الخرائط بأن هذه الأراضي مُسجلة كمراعي لقرية عقربا ولا يمكن لأحد الاستيلاء عليها.
ويذكر عن هذا المختار انه اعتقل مع عدد من أهالي قرية عقربا وحجزوا في سجن نابلس، فلما طال انتظارهم، وقف مقابل أحد الضباط وأخرج الختم الخاص به من جيبه وبدأ يُحطمه على مرأى الضابط . فاستغرب الضابط من ذلك وسأله لماذا يفعل ذلك؟ فقال له: لم يعد لوجود المختار بعد اليوم (لازم) .. وعلى اثر ذلك أفرج عنه وعن المعتقلين من أبناء عقربا.
أما سبب تلقيبه بمختار المخاتير:
ومن مواقفه المشهودة في القرية.. أنه حضر للقرية ذات يوم الانكليز للبحث عن سلاح عند بعض أبناء القرية وشرعوا بتفتيش البيوت، حتى إذا دخلوا منزل أحد أبناء القرية وكان يقتني بارودة وكان الاحتلال البرطاني يحكم بالاعدام أو السجن على من يمسك عنده سلاح. فاقترب فايز المالك من صاحب الدار وسأله عن مكان البارودة ثم تقدم وجلس في موضعها حتى لا يتم تفتش المكان الذي توضع فيه. وبذلك نجى الرجل من الموت المحقق.
ومن مواقفه أيضاً أنه لما كانت الحكومة تُرسل من يسجل ويحصي الاغنام والدواب من أجل الضريبة فانه كان يسجل أقل مما عند الناس بكثير.. كي يخفف من مقدار الضريبة عنهم.. وذات مرة اعترض أحد الجُباة عند تقيد أحد أصحاب الأغنام بأنه يملك عددا محدوداً ولما أصر على أن العدد أكبر من ذلك قال له فايز المالك بأن هذه الأغنام ليست له لوحده بل لخمسة آخرين من إخوته ونصيبه منها كما قيدت في السجل.
المصدر: حمزة أسامة العقرباوي
aqraba2030@gmail.com