المقال |
فواز أبو عبيد الكحيلي
انتقل الى رحمته تعالى يوم الثلاثاء 2.10.2012 الحاج فواز عبيد سعايدة (ابو عبيد) من قرية ام الغنم وشيع جثمانه الطاهر بعد صلاة الظهر من نفس اليوم.
قبل ان نذكر ابو عبيد علينا معرفة بعد السطور عن عشيرة السعايدة ام الغنم . تقع قرية ام الغنم بمحاذاة الجهة الجنوبية لجبل الطور في الجليل الاسفل على بعد 13 كلم تقريبا للمسافر من العفولة الى طبريا.
اصل العشيرة من منطقة قيرة وقامون – على الطريق الموازية لوادي الملح اليوم والتي كانت سابقاً ممرا للجمال التي كانت تجلب الملح من عتليت على شاطئ البحر المتوسط(البحر الشامي) مارة بمرج ابن عامر الى سوريا شرقا والتي ترتبط " بالطريق السلطاني" شرقي الشريعة. سكن اهل العشيرة في منطقة قارة وقامون في الكهوف وكانت مراعيهم في جبال الروحة في جنوب جبال الكرمل . عند ازدياد الاستيطان اليهودي في المنطقة وتواطؤ بريطانيا مع اليهود أًجبر اهل العشيرة على ترك المنطقة قصرا اما عرب الكعبية الذين سكنوا معهم تركوا منطقة وادي الملح قبل السعايدة وسكنوا في منطقة شفاعمرو مبين سنوات 1938-1940.
في قيرة وقامون كانت لهم اراضي زراعية وعندما تآمر التاجر اللبناني سرسق علينا وعلى غيرنا مع الوكالة اليهودية ورهن ارضنا مثل الاراضي التي رهنها اللسماسرة في فلسطين وفي النهاية وصلت الى الوكالة اليهودية. اجبرت العشيرة على الرحيل الى منطقة جبل الطور واشتروا ارضا من المطران في خربة ام الغنم اليوم. كل عائلة اشترت 50 دونما وهذه الارض صودرت سنة 1984 بقانون المصادرة الجائر. اغلب سكان القرية من عائلة الكحيلات وهناك ايضا عائلات ابو جابر والسلفيتي. عدد سكان القرية اليوم حوالي 3000 نسمة وهم في مجلس مشترك لهم ولعرب الصبيح( الشبلي).
اما ابوعبيد كختار عرب السعايدة في قرية ام الغنم- وهو آخر مختار في منطقة الناصرة وجبل الطور- دار شؤون القرية بعد وفاة ابن عمه الشيخ صالح محمد الكحيلي منذ خمسينيات القرن الماضي حتى عجز عن القيام بهذه المهمة.
وفي كتاب توجه المختار الشيخ صالح محمد الحجي من يوم 4.9.1957 الى مدير المعارف العربية في القدس لطلب معلم لفتح مدرسة في ام الغنم مما يدل على اهتمام العشيرة في الدراسة ولتعليم.
ومن الجدير بالذكر ان الحاج ابو عبيد رحمه الله تعالى كان معروفا باخلاقه الحميدة بالاجتماعية وكنت تراه في كل المناسبات في المنطقة الافراح والاتراح منها , يعتمر الحطة والعقال وكان يتقدم عشيرته في هذه المناسبات . من الجلسات التي كنت اجتمع معه بها ترى الاخلاق واحترام الاخرين على اختلاف اعمارهم بيته مفتوح للجميع يرتشف قهوته السادة التي يعدها لضيوفه يوميا.
بالاضافة الى ذلك فالحاج ابو عبيد مزارع يقوم بحراثة اشجار الزيتون التي زرعها والتي تعتبر من رموز بلادنا فلسطين , وللامانة اقول لن اسمع عن الرجل أي كلمة سوء من احد.
فقدان ابو عبيد هو فقدان رجل عمل الكثير لاهل قريته كما انه بنظري فقدان تراث كامل – تراث يعني البدلة العربية الاصيلة , حطة وعقال ايام الثورة العربية الكبرى ضد الاحتلال الانجليزي لفلسطين : تراث تربينا عليه بان للكبير قيمة وشان وراي وقرار واحترام . على كل الاخطاء التي كانت ايام المخاتير لكنها افضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه الان , وضع ينظر اليك من باب المصلحة والانتخابات والعائلة ومن تمثل وكم عدد اصواتك وعلى عقل وطبع أي رئيس تلائم نفسك . اصبح النفاق فن لمداراة هذا الوضع الذي نحن فيه . ايام مضت نبكي عليها مع بساطتها وبساطة قادتها المخاتير ومع ذلك تجد فيها صفاء النية في غالبية الامور . كل حطة دفنت صاحبها لن ترجع الى الابد , كل عقال وقمباز ذهب لن يعد بما تحتويه هذه المعاني.
في سنة 1983 دعيت مع الكثير من البدو والباحثين بخصوص البدو ليوم دراسي في جامعة حيفا وكان ذلك في شهر رمضان في احد ايام الصيف , وكان من "احترام" منظمي اليوم الدراسي اعداد وجبة غداء للمشتركين ورايت الكثير من من يرتدون الحطة والعقال والعباءة لبوا الدعوة أي انهم اشتركوا في وجية الغداء التي اعدت لهم . بينما ابو عبيد كان صائما والعطش يبدو على وجهه ويومها لم اكن اعرفه بعد فانتها اليوم الدراسي ورجعت بالباص من حيفا الى العفولة ومن ثم الى بلدي وكان ابو عبيد راكبا بالباص الذي كنت فيه وعند محطة دبورية دق جرس الباص بالوقوف لكن سائق الباص رفض الوقوف بحجة انه لا يقف الا عند محطة "كفار تابور-مسحة" وما كان من ابي عبيد الا ان قال له انا صائم والجو حار ولم يعر السائق لذلك أي اهتمام بامسك بمقود الباص وحاول اجبار السائق بالوقوف وعندها تدخل الركاب وصرخوا على السائق مم جبره على الوقوف.
هذا المنظر لم يغب عن ذهني ابدا خاصة في تلك الايام لم تكن الدعوة الاسلامية منتشرة مثل اليوم.
موقع زوفة
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|