إليكم آل هارون وآل جوده المادة الثالثة في سلسلة الكنز الثمين الذي وصلني من ابن العم (عاطف عبدالرحمن محمود جوده ؛ رحمه الله وغفر له) ..
والكنز بالطبع عبارة عن مادة ورقية مكتوبة بخط اليد .. جاء في مقدمتها النص الآتي:
هذه المذكرة أعدها (عبدالرحمن عبدالغني جوده ؛ أبو مجدي) شافاه الله وعافاه .. وستلاحظون (من صياغة الحديث) أن الجزء الأول من المادة أدناه جاء على لسان أبي مجدي .. بينما الجزء الآخر جاء على لسان جدّنا (جوده) أسكنه الله فسيح جناته ..
وفيما يأتي النص الكامل بعد أن قمت بطباعته دون أي تغيير فيه سوى بعض الهمزات والتنسيق ..
وأجدد الدعوة لكم ولمن حولكم لتعبئة الأنموذج الخاص ببيانات شجرة العائلة
ودوماً لكم صادق مودتي
محبكم عادل جوده
------------------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
ولاية الحجاز سنة 1650م
مكة المكرمة
بلدة عين شمس / وادي فاطمة
على الطريق الذي يخرج من مكة المكرمة ومن مسجد السيدة عائشة (مسجد العمرة) وبعد حوالي 12كم يتجه الطريق الرئيسي نحو اليمين وبعد حوالي كيلومتر ونصف يوجد وادي فاطمة ... وفي بدايته الجنوبية توجد بلدة (عين شمس) والتي تقابلها على الجهة اليسرى من الطريق الرئيسي قرية الجموم ..
في أحضان وادي فاطمة ترقد قرية عين شمس ... هادئة ... وادعة ... فرحة بما حباها الله من ماء وخضرة وأمن ونماء وسعادة ورخاء .. والجماعات التي تستقر فيها تعمل بالزراعة والرعي ... ومعظمها يعود في أصله ونسبه إلى جدهم الأكبر على بن أبي طالب كرم الله وجهه وخاصة زوجته طيبة الذكر فاطمة الزهراء ... ومن أشهر هذه الجماعات ... جماعة اللحيان ... والتى كانت تلقب بعائلة اللحام ... ثم جماعة الهارون ... وجماعة آل الدويك ... وغيرها ..
ومن عدة سنوات وبالتحديد في سنة 1650 ميلادية وفي منتصف شهر تشرين أول / أكتوبر حدثت القصة التالية التي يرويها ( جوده ) مؤسس عائلة جوده التي استقرت في بلدة اسدود ..
------------------------------------------------------------------------------------------
يقول : عشنا نحن آل هارون حياة هانئة وادعة مستقرة بجانب الجماعات الأخرى من أهل بلدتنا عين شمس ... كان عميد عائلتنا والدي ... محمد الهاروني ... يتصف بالحلم والشجاعة ... أما حالتنا المادية فكانت جيدة لأننا نمتلك الأراضي الزراعية الخصبة في جنوب وادي فاطمة ووسطه نزرعها كروم الزيتون والنخيل والرمان والشعير لأغنامنا وإبلنا وبعض الخيول ... أما مياه الشرب والري فمن بئرين نمتلكهما في مكان منخفض من أرضنا ...
في يوم من أيام شهر أكتوبر خرجت أختي آمنة وأختي صفية وبعض قريباتي يجمعن الزيتون من أشجار زيتوننا ... تسلقت أختي آمنة شجرة زيتون كبيره قريبة من طريق زراعي ضيق ... وتصادف مرور اثنين من الرجال مسلحين بالبنادق ... يجيدان الرمي بالرصاص ... لفت نظرهما لمعان وبريق قطعة ذهبية تتدلي من رقبة أختي في ضوء الشمس تسمى المحنكة ... قال أحدهما لزميله هل تتمكن من إصابة الذهبة دون إلحاق الأذى بالفتاة ؟ فأجابه بنعم ... وتراهنا على ذلك ... فأنزل بندقيته من على ظهره وصوبها نحو الذهبة وأطلق رصاصته التي استقرت في رقبتها فسقطت صريعة من فوق شجرة الزيتون ... فصرخت النسوة ولاذ الرجلان بالفرار لكن أختي الثانية عرفته فهو من عائلة آل الدويك جيراننا في الأرض ... الأقل منا عدداً وقوة ...
توجه القاتل إلى بيت زعيم وشيخ آل اللحيان ( اللحام ) وهي جماعة كبيرة وقوية وطلب منه الحماية والطنب فمنحه الشيخ ما طلب ...
أما نحن آل هارون فقد صممنا وعزمنا على الثأر قبل دفن جثمان أختي فلم نستطع ... إلا بعد أسبوع فقد اقتحم والدي البيت الذي يختبئ القاتل فيه وطعنه بخنجر عدة طعنات أودت بحياته على الفور ... فهدأت الثورة في نفوسنا ... ونال القاتل جزاءه ...
أما آل اللحيان (آل اللحام) فقد ثاروا واعتبروا مقتل ابن الدويك الطنيب إهانة لكبريائهم ... وهبوا لمقاتلتنا ... فكان ذلك بداية لحرب ونزاع بيننا وبينهم ...
نجح آل اللحام في قتل بعض الرجال من بينهم والدي ... وقمنا بقتل اثنين منهم بعدها قررنا ترك بلدتنا عين شمس متوجهين شمالا نحو بلاد الشام ...
بدأت رحلتنا من وادي فاطمة بشمالي مكة نحو المدينة المنورة ومنها اتجهنا شمالاً متتبعين وادى الحمض ومنه سرنا شمالاً إلى تبوك ومن تبوك إلى العقبة بلدة صغيرة على رأس خليح العقبة ومنها سرنا شمالاً عبر وادي عربة الممتد من العقبة حتى النهاية الجنوبية للبحر الميت حتى وصلنا مدينة أريحا ومنها اتجهنا غرباً حتى وصلنا جبال رام الله ونزلنا في مغارة كبيرة قرب بلدة صغيرة اسمها (المزرعة) وكنا إخوة ثلاثة هم 1- على 2- عبدربه3- جوده ومعنا بعض الأقارب مثل عمنا حمادة والشيخ الزبن وغيرهم.
أمضينا في المزرعة قرابة الشهر ... ولما عزمنا على الرحيل أبدى أخي (علي) رغبته في البقاء في (المزرعة) وبقى معه عمنا (حمادة )و(أختنا صفية).
بينما توجهت مجموعة ثانية يرأسها (الشيخ الزبن) وغيره من الأهل جنوباً نحو مدينة (الخليل) واستقروا في إحدى قراها وهي (الظاهرية ) ويسمون عائلة (الهوارين) نسبة لعائلتنا الهارون.
أما أخي الثاني (عبد ربه) فقد استمر في سفره شمالاً نحو (دمشق الشام) وظل يتنقل بين مدنها وقراها حتى استقر نهائياً في بلده ( قلعة المرقب ) في شمال بلاد الشام
وأنا الأخ الثالث (جوده) فقد توجهت من المزرعة غرباً نحو السهل الساحلي حيث استقر بي المقام في بلدة (اسدود) وهى ميناء هام على الساحل الجنوبي من بلاد الشام على البحر المتوسط ترسو فيه السفن التجارية ... وتحيط بالبلدة أراض زراعية خصبة ... ووجدنا فيها مسجداً قديماً يسمى بالمسجد العمري أمر ببنائه عمرو بن العاص يوم فتح فلسطين ...
ووجدنا في (اسدود) عائلتين هما عائلة الشويخ وعائلة السدودي ... ولما كنت قد حفظت معظم سور القرآن وتفقهت في أمور الدين ولأنني قادم من بلاد الحجاز ومن مكة بالذات فقد رحب بي أهل البلدة وتمسكوا بي وصرت أصلي بهم في المسجد ... ولكي يشجعوني على البقاء في البلدة وعدم مغادرتها منحوني ربع مساحة أرض البلدة بالإضافة إلى بيارة واسعة بها ثلائة آبار لسحب المياه كانت تسمى ( بيارة الجَوَده ) وحتى المسجد سماه أهل البلدة ( جامع الجَوَده ) .
وبعد عشر سنوات من استقرارنا بدأنا نبحث عن بعضنا بهدف تنظيم الاتصالات وتقوية الروابط وقام بهذه المهمة الطيبة (عمنا حمادة) الذي بقى (بالمزرعة) مع (أخي علي) فقد سافر إلى شمال الشام يبحث عن أخي عبدربه فوجده (بقلعة المرقب) وكان أهل ذلك الزمان يضعون فوق رؤسهم طرابيش رفيعة تشبه الطرطور كان عمي حماده يلبسه ... وتكررت زياراته بين (المزرعة) و(قلعة المرقب) و(اسدود) فأطلق أولادنا علية لقب (أبو طرطور) ... وقد أعجبته (اسدود) فقرر أن يستقر بها وأعطيته قطعة من أرضنا وعشنا سوياً فلحنا الأرض وبنينا الدور...
تزوجت واحدة من قريباتي تعوقت عن الإنجاب مدة خمس سنوات ... بعدها رزقت بولد أسميته (محمد) على اسم والدي ... وبعد ثلاث سنوات رزقت بولد آخر أسميته (عبد الجواد) ولما كانت البيوت صغيرة ضيقة وعندما كبر ابني محمد قررت أن أزوجه فأقمت له منزلاً بجوار بيتي على مكان مرتفع من الأرض ..
وبعد سنوات قررت تزويج ابني الثاني (عبد الجواد) ولما لم يكن متسع ليناء بيت له بجوار بيتي وبيت أخيه فقد بنيته على مسافة غير بعيدة في مكان منحدر من أرضنا وصار أطفالنا يتنقلون بين البيوت الفوقة والبيوت التحته تحولت مع الزمن إلى (الفَوَاقة) و (التَّحَاتة) وبعد عشرات السنين تكونت (حارة الجَوَده) أو (حمولة الجَوَده).
محبكم عادل جوده