بين صفد والشتات: حكاية عائلة محيي الدين من صفد

هوية – اللاذقية / سوريا
6/4/2025
في إطار الجهود المتواصلة لتوثيق شجرات العائلات الفلسطينية وتاريخها، قام الأستاذ غسان الحاج خليل بزيارة إلى السيد محمد جمال محيي الدين في منطقة اللاذقية في سوريا. ورغم أن السيد محمد من أبناء مدينة صفد الفلسطينية، إلا أنه وُلد ونشأ في سوريا بعد أن هجّر الاحتلال عائلته منها. دار بينهما حوار مؤثر، استحضر فيه السيد محيي الدين ذاكرة العائلة، وملامح حياة أهله بين صفد وحيفا قبل النكبة، مروراً بمحطات التهجير والاستقرار، وصولاً إلى حاضرٍ لا يزال ينبض بالانتماء والشوق إلى الأرض الأم.
⸻محمد جمال شكري محيي الدين:
كان بيت جدّي قرب الجامع الأحمر في صفد. تعود أصول عائلتنا إلى بيت درويش، ومنها تفرّعت عائلات الزواوي، وحمّادي، ومحيي الدين.
بحسب ما رواه الأهل، فإن من أخرج الناس من صفد كان “جيش الإنقاذ”، إذ نقلهم في حافلات؛ بعضهم إلى لبنان، وآخرين إلى دمشق وحلب.
كان بيت جدي شكري في صفد بيتاً عائلياً واسعاً، فيه قناطر، ويسكنه ثلاثة إخوة. وكان لبيت جدي “حاكورة” خاصة تقع بمحاذاة حائط الجامع الأحمر.
عندما خرج أهلي من صفد، كانوا لا يزالون أطفالاً. انتقلوا إلى حيفا، وهناك بدأ والدي وعمّي بالعمل في معسكر إنجليزي في مهنة النجارة. كان عمّي حسن أكبر من والدي بسنتين. أما والدي، فهو من مواليد عام 1924. كي يُقبلوا في العمل، زادوا في أعمارهم الرسمية. وبعد فترة، تعلّموا مهنة الغسيل والكوي، وافتتحوا مصبغة في حيفا يخدمون من خلالها الأهالي والجنود معاً.
ومع اشتداد المعارك في حيفا، عاد أهلنا إلى صفد حيث كان الوضع الأمني مأزوماً للغاية. ساهمت العائلات في صفد بجمع المال وشراء السلاح من أجل المقاومة. لكن دخول “جيش الإنقاذ” إلى المدينة، بحجة تنظيم السلاح والمقاومة، انتهى بإخراج السكان من مدينتهم.
طلبوا من الأهالي أن يقفلوا أبواب بيوتهم بإحكام، وقالوا إن الخروج سيكون ليوم واحد فقط… لكنه يوم لم ينتهِ حتى الآن.
خرج والدي إلى حلب، ثم انتقل لاحقاً إلى دمشق. وهناك، اعتمد هو وعمّي على ما تعلّماه من خبرات في المصبغة، وأضافوا إليها تجارة الأزرار. فتحوا محلاً، وتيسّرت أمورهم بعض الشيء.
عشنا في سوريا، ونحن نكنّ لها ولشعبها كل المحبة والاعتزاز. أولادي يحملون حباً وصفاءً لوطنهم، ربما أكثر مما أحمله أنا. يسألون عن صفد دائماً، ويتابعون أخبار فلسطين بأنفسهم، ولديهم الاستعداد للدفاع عنها والعودة إليها. معاناتنا لا تُنسى، وحنيننا إلى صفد لا ينطفئ.