شهادة عبد الله مرعي همبوز (2003): سردية نكبة وصمود من عرب الطوقية والبصّة
تُعد المقابلة التي أُجريت مع عبد الله مرعي همبوز عام 2003 وثيقة شفهية غنية، تحمل ملامح الألم الفلسطيني والتشبث بالهوية رغم التهجير. يتنقل همبوز في حديثه بين الذاكرة الشخصية والجماعية، ليجسد من خلالها فصولاً من النكبة والشتات، وتفاعلات المجتمع الفلسطيني قبل وبعد التهجير. يُمكن تلخيص محاور المقابلة في خمس نقاط رئيسية:
1. ذاكرة ما قبل التهجير: مجتمع راسخ وعادات متجذّرة
في بداية المقابلة، يسترجع همبوز الحياة في البصّة ومحيطها، خصوصًا في منطقة عرب الطوقية، حيث يصف تفاصيل الحياة اليومية، والتقاليد التي نسجت علاقات متينة بين العائلات، مثل حفلات الأعراس، التعاون في الزراعة، وطقوس المناسبات. هذه الذاكرة ليست فقط وصفًا لزمن مضى، بل تأكيد على هوية اجتماعية راسخة كانت تشكّل نسيجًا مترابطًا من القيم والانتماء.
2. النكبة وتداعياتها: من الاستعمار إلى الاحتلال
يروي همبوز آثار الصراع السياسي والعسكري الذي شهدته فلسطين بين 1936 و1948، مركزًا على تصاعد التوترات حتى لحظة الاحتلال. يسرد كيف أن الاحتلال لم يأتِ فقط بالقوة، بل ترافق مع سياسات ممنهجة هدفت إلى تفكيك المجتمع وطمس معالمه، لينتج عنها تفكك قسري للعائلات وهدم للبنية الاجتماعية التي كانت قائمة.
3. التهجير: من الوطن إلى اللجوء
تشكل تجربة التهجير نقطة مفصلية في المقابلة، حيث يستعيد همبوز اللحظات الأولى للفرار من البصّة، والمشاعر المتداخلة بين الخوف والأمل. كما يصف واقع الحياة في مخيمات اللاجئين، حيث تحوّل الفلسطينيون من أصحاب أرض إلى منفيين في أوطان غيرهم. وتُظهر هذه الذكريات البعد الإنساني العميق للنكبة، لا كأحداث سياسية فحسب، بل كجرح شخصي مستمر.
4. الصمود كفعل مقاومة: الحفاظ على الذاكرة والهوية
رغم كل المعاناة، تحمل شهادة همبوز نبرة تحدٍ وإصرار. يشير إلى أن فقدان الأرض لم يكن نهاية القصة، بل بداية لمسيرة نضال حافظت على الذاكرة الحية والهوية الوطنية. يتجلى ذلك في دعوته للتمسك بحق العودة، وإصراره على أن الرواية الفلسطينية يجب أن تروى من أصحابها، لا أن تُختزل أو تُمحى.
5. التوثيق الشفوي: أداة للحفاظ على التاريخ الفلسطيني
تُبرز المقابلة أهمية التوثيق الشفوي كمصدر بديل وضروري لفهم التاريخ الفلسطيني، خاصة في ظل محاولات محو هذا التاريخ أو تحريفه. من خلال استحضار التفاصيل الدقيقة، تصبح الشهادة وسيلة لإحياء الذاكرة الجماعية وتوريثها للأجيال، كجزء من مشروع أكبر لحماية الهوية الفلسطينية من الضياع.