عين غزال في عيون الحاج يونس صالح ابراهيم
حيث يروي صِباه في القرية و أَلَم النّكبة
حلب - مؤسسة #هوية
أ. زياد غضبان
الجمعة 2025/10/10
في حَيّ الميدان وسطَ مدينة حلب السُّوريّة ، و قبلَ صلاة الجمعة
جلسَ الحاج يونس صالح ابراهيم بعد أن تجاوز ال 9 عقود من عمره في منزله يحمل بيده مسبحته يذكر الله في ضُحى الجمعة
و قبل بدء المقابلة أجرينا التعريف عن المؤسسة و أثرها في قلب كل فلسطيني يريد إنعاش ذاكرته بثرى بلاده ثمّ محاورة بسيطة عن طبيعة المقابلة عندها تجَّهز الحاج يونس
فوضع مسبحته و أمسك عكّازته التي اكتسبت منه الرُّوح الفلسطينية
ضِمن مقابلة مميّزة أجرتها مؤسسة هوية بالتعاون مع الأستاذ زياد غضبان
استفتحَ الحاج بالتعريف عن شخصيته { أنا الحاج يونس صالح محمد ابراهيم من مواليد عين غزال 1934 }
كان والدي يعمل بائعاً للفحم كما كان يعمل فلّاحاً و وصف قريته التي تعد سكّانها بحدود 3000 نسمة و بأنّها تبعد عن حيفا 22 كيلو متر تقريبا ، فيها بيادر و حنطة و شعير و فيها جِمال و بقر و بها عدّة طوائف و منها [ منصور ، عثمان ..... ]
انتقل إلى وصف منزله بأنّها حوش عربي مساحته من 300 إلى 400 متر و فيها شجرة ليمون و توت و رمّان و تين خليّة نحل تحتها و فيها صبرة و كثير من النباتات التي تزيّن داره و بها مضافة و لها أثر كبير عند سكان القرية إذ كانت تُحكى بها قصص الأبطال و دار للكرم الضيافة
و أكثر ما يميّز المضافة هي وجود طبليّة ( طاولة خشبية صغيرة ) طولها مترين خاصّة لطعام الضُّيوف و مِن عادتهم الجميلة ألا يأكلون قبل الضّيف ليشعروا أنّهم في منزلهم منذ اليوم الأوّل
و بذاكرة حَيَّة تكلّم لنا عن أسماء العشائر المجاورة للقرية و منهم [ عيسى الحمد ، عثمان عبد السلام ، عبد القادر زَليخة ( مختار قرية العصافرة بجانبهم ) ]
و بعد السؤال عن البنى التحتية و محتويات قريته ذكرَ مدرسة عين غزال بمراحلها ومدرّسيها ومنهم [ أبو طاهر ، أبو فخري ، يوسف حمّاد ، عبد الرحمن السَّعد ، زيدان سعد ] و أجمل ما في المدرسة في الاصطفاف الصَّباحي و ممارسة الرياضية قبل بدْء الحصَّة الأولى و بعدها ذَكَرَ مسجد عين غزال بشيخها الضَّرير و معاصر الزيتون و الذكريات الجميلة حيث يرويها و الابتسامة لا تفارقه شفاهه
و رَوَى لنا عادات الأعراس و تفاصيل زفافه و واجب المعازيم إذ تميّزوا عن باقي القُرى بوجبتين الغداء و العشاء و روحانيّات رمضان و تبادل الصحون قبل أذان المغرب و الذهاب إلى البريّة ليلة العيد و الألعاب و المراجيح و وضع ( نبتة البسباس ) على القبور
و قلبُهُ يعتصر ألماً ذكر لنا مسيرة هجرته من هجوم الصهاينة برّاً و هجرة الناس ليلاً حُفاة إلى قرية صوبرين ثمَّ إلى عين الشّوك و ما جرى من اعتقالات و رمياً للرصاص إلى قرية عارةحتى حدود لبنان إلى سورية و بعد تنقّله من منطقة لمنطقة إلى استقراره بمخيّم حندرات و إثر الأزمة السّورية نزَحَ إلى حَيّ الميدان
و رغم مرور 91 عاماً على النّكبة لا يزال الحاج يونس مؤمناً بحقّ العودة متمسِّكاً بمبادئه رغمَ أسقامه و أوجاعه ألم الهجرة ثمّ النّزوح و بذكرياته التي تعيش في قلبه كما أنها حدثت بالأمس
《 حَقّ العودة موجود إذا ما حصلت عليه راح يحصّله أولادي و أولاد أولادي ، الواحد ما في أحسن من بلده و وطنه 》
و بعد انتهاء المقابلة
ارتشفنا الشّايَ و حلوى يوم الجمعة
ثمّ أحضَر لنا ابنه طبقين من الزّعتر الفلسطيني و الميرميّة أرسلتهم ابنة أخته من فِلسطين
فأخَذَ يشتَمّ الأطباق و هو يردّد و في عينيهِ بَرقَةُ حنين إلى ثَرى عين غزال 《 ما أحلا ريحة بلادي يا ربّ 》
