من "إجزم" إلى اليرموك... معلم حمل فلسطين في ذاكرته وطباشيره
الحاج غالب حسين أبو خريش: قهرٌ للظروف وتحدٍ للواقع الأليم
مخيم اليرموك – 12/10/2025
هوية – فدوى برية
زار فريق "هوية" منزل الحاج غالب حسين أبو خريش، من مواليد عام 1944، من قرية إجزم قضاء حيفا، في شارع فلسطين – مخيم اليرموك.
استقبلنا الحاج برفقة زوجته وابنته وابنه مهند بحفاوةٍ وكرمٍ فلسطيني أصيل، واستعاد معنا صفحاتٍ من ذاكرةٍ لم تفقد صلتها بالوطن رغم مرور السنين.
كان الحاج طفلاً صغيراً عند النكبة، لا يتجاوز الرابعة من عمره، لذلك جاءت ذكرياته عن القرية ممزوجة بما تناقله عن والديه من حكاياتٍ وصورٍ محفورة في الوجدان.
تحدث عن البيت الأبيض الذي ظل شاخصاً في مخيلته، تحيطه الورود، وعن والده الذي كان يعمل في حيفا ويعود كل أسبوع إلى أسرته في إجزم، وعن حياةٍ بسيطة يسودها الترابط والعزّة، كانت تمثل معنى الانتماء الحقيقي للأرض.
روى ما سمعه من والدته عن رحلة الخروج القاسية عام 1948، حين اضطرت العائلة إلى مغادرة القرية بعد استشهاد عدد من أبنائها في المعارك، وكيف لجأ والده إلى العمل في قطع الأشجار وتحويلها إلى فحم لتأمين لقمة العيش لأطفاله، بينما كانت والدته تبث فيهم روح الصبر والإصرار على متابعة التعليم رغم ضيق الحال.
شبَّ غالب على هذا الإيمان بالتعليم، فأنهى دراسته الجامعية في قسم الجغرافيا بجامعة دمشق، ثم عمل في سلك التعليم منذ عام 1965 متنقلاً بين مدارس درعا وعدد من المحافظات السورية، قبل أن يستقر في دمشق حيث كانت زوجته تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية.
قضى نحو أربعة عقود في التعليم، ترك خلالها أثراً طيباً في أجيالٍ كثيرة من الطلبة، وكان يردد دوماً أن كل خريطةٍ يشرحها هي تذكيرٌ بفلسطين وحدودها المسلوبة.
اختتم الحاج مسيرة حياته المهنية بالتقاعد عام 2004، لكنه ظل يحتفظ بحلمه الأبدي بالعودة إلى قريته إجزم، مؤكداً لفريق "هوية" أن فلسطين لا تزال تسكن قلبه، وأنه يوصي أبناءه وأحفاده أن يبقوا أوفياء لجذورهم وأن يحملوا قصة العودة جيلاً بعد جيل.
غادر فريق "هوية" منزل الحاج وقد حمل معه حكاية معلمٍ آمن أن الكلمة يمكن أن تكون سلاحاً، وأن المعرفة قد تختزن الطريق إلى الوطن الذي لا يغيب عن الذاكرة.
