أ. زياد محمد مغامس / قرية عكبرة
من ذاكرةِ لجوءِ الطُّفولة إلى أحضان مخيم النيرب
مخيم النيرب – الخميس 2025/10/30
#هــــويّــة – أ. زياد غضبان
بعد طَلب دعوة من مُربّي الأجيال الأستاذ زياد مغامس للحضور إلى مخيم النيرب لإجراء مقابلةٍ مع مؤسسة هويّة ، أبدى موافقته بلهفةٍ للحديث عن تاريخ أجداده في عكبرة ذات الارتباط الوثيق بالفلاحين والأرض
في منزل أخيه الكائن جانب الملعب الترابي في مخيم النيرب في حلب
و بعدَ سَماع تسبيحات ليلة الجمعة المباركة و أداء صلاة العشاء في مسجد القدس ذهبَ وفدُ مؤسسة #هويّة
حيثُ استقبلنا الأستاذ زياد بمنزل أخيه العم كامل مغامس وصهره الأستاذ حسام ميعاري و بعد تدوين شجرة العائلة بدايةً جدّه الأكبر { مغامس } العائد من قبيلة بنو تميم ومُحاورةٍ جديرةٍ بتاريخها
شرعنا بالمقابلة إذ بدأ بالتعريف عن نفسه " أنا زياد محمد مغامس مواليد 1946 من قرية عكبرة و هي قريةٌ صغيرةٌ جميلةٌ تقع شمال فلسطين قرب مدينة صفد "
- لقد هاجر الأستاذ زياد قريته و هو طفلٌ في الثانية من عمره ، لذلك عاشَ سنوات اللجواء يستنهلُ من والده و والدته و أجداده تاريخ قريته حتى أصبحتْ عالقةً في ذهنه و قلبه مرتبطةً ارتباطاً قلبيّاً و نفسيّاً تنمو كالبذرة مع الأيام -
تابع بالحديث عن معالمها إلى بيوتها و رعْيها للمواشي إلى سكانها من آل ( ميعاري ، مغامس ) حيث كانوا جيراناً متآلفين في القرية و ما لَفَتَ انتباهِي هو تشبُّثُ العائلات بالأرض و تعتبرها عِرضها حيث أنَّ والده كان يجمع مَصاغ نساءِ القرية و يذهب إلى دمشقَ و يشتري بها بنادقَ و ذخيرة و عند العودة يوزّع شباب القرية لحراستها أثناء العدوان
يحدّثُهُ والده أنَّ الأرض مزروعةٌ ( وليسَ كما يزعم البعض أنَّنا بعنا أراضينا ) بداخله و الدليل أنه اشترى أرضاً عام 1948 و يدلُّ ذلك على الارتباط بالأرض و الإيمان بأنّها أرضٌ مباركة
ثمّ تابعَ مُشيراً إلى بُناها التّحتيّة من مدارسها و مبانيها أنّه لم يكن هناك مدارس بل ما هو أهم بعضُ كبار السِّنّ يدرّسون في الكتاتيب و الذين يريد متابعة دراسته يذهب إلى مدينة صفد التي تبعد عن عكبرة ٥ كم
كي يتعلّم التعليم المناسب للثورة العلمية السّأئمة في تلك الفترة ومن المدرّسين الذين درّسوا والده ( عطوة ، مصطفى المختار ، علي حسين .... )
و روى عن جدّته أنها ببداية اللجوء إلى سورية لم تُعجب باللّوز و أقسمت أنّها لن تأكل لوزاً حتّى ترجع إلى فلسطين ، ففاجأتها والدته بجلبها بذور اللّوز معها و زرعتها بشتلات المنزل و إِثرَ ذلك كَتَبَ الأستاذ زياد هذه الواقعة في أرشيف الأدبيّ بدايتها : { إنَّ الشَّجرة التي زرعتها جدّتي و برمتها أصبحتْ سبيلاً يأكلُ منهُ النَّاسُ جميعاً لأنّها على الطَّريق }
و أشارَ إلى تسمية أولادهم و أحفادهم باسم جدّتهم #زبيدة كما تحدَّث عن خيرات زيتون و عسل قريته التي صنعت من شباب عكبرة رجالاً أشدّاءَ لا يهابون الصَّهاينة
أما عن الأعراس الجميلة في القرية فكانت تبدأ بالتعليلة( السَّهرة ) للعروس و كلٌ على حِدا و ما يُقدَّم فيها و أكثرها فريكة باللحم ، و أشارَ إلى الخطأ التاريخي حيث عائدية الكُبّة إلى عكبرة و أكمل حديثه الأتراح و رمضان و ليلة العيد حيثُ يحملُ أطفالُ القرية الشُّموع و يطوفون بها حول البيوت وهم ينشدون بعض الأناشيد توديعاً لشهر الخير و استقبالاً لعيد الفطر [ عُود علينا يا رمضان بالأوطان يا رمضان ]
و أكثرُ ما تمِيّزت به المقابلة { المهباج } الذي حمله والده و جدّه معه من فلسطين و حديثه عن القهوة الفلسطينية
إذ شرح خطوات تحميصها و دقّها بالمهباج و نغمتها أثناء الدّقّ إذ أنها تُعطي إيقاعاً خاصَّاً يُغيّره عندما يريد تغيير الأغنية
ثمّ انتقل إلى شرح تفاصيل زخرفتها حيثُ رُسِمَت بِحِرِفيّةٍ و عناية
و ذَكَرَ ميزتها عن القهوة العادية بحبيباتها أثناء احتساءها التي تُضفي طَبعاً خاصّاً
و أثّر في نفسي عندما قَبَّل بشفتيه صينية القهوة التي كان والده يضيّف بها ضيوفه
إثرَ نكبة 1948 نقلاً عن والديه و خاله و عمّه أحمد أنّهم لاقوا أصنافاً من مآسي الهجرة بدايةً حيثُ بدأ القصف الشديد و اختبؤوا بكروم القرية لمدة يومين و عند اشتداد القصف تابعوا مشيهم إلى المجهول حتى وصلوا إلى جنوب لبنان وهم لا يدرون و استمروا إلى مدينة صُور في لبنان ثمّ اخذتهم القطارات إلى حلب و هناك بدؤوا معاناة اللجوء في الخِيَم تحت المطر و مرارة البُعد ظروفه و أصبح يعمل هو وأولاده و زرعَ فيهم الصَّبر و عِزَّة النفس وتابع الأستاذ زياد دراسته حتى حصلَ على إجازةٍ في اللغة العربية و دبلوم تأهيل تربوي
واختتم اللقاء بتعبيرها الصادق عن إيمانها الثابت بالعودة إلى فلسطين قائلاً : " لا فرقَ عندي بين حلبَ و دمشقَ و فلسطينَ و النَّاصرة "
و أن آخذَ مقابلاً مادّيّاً هذا بيعٌ الوطن ، ولا يمكن أن أبيعَ وطني و لا بمال الدُّنيا ...
إن لم أستطع أن أعود و لا بُدَّ أن أعود سيعودُ أبنائي أو أبناء أحفادي
{ ذرَّةٌ من تراب فلسطين تساوي الدُّنيا و ما فيها } "
