وقد يكون المقصود إما مكاناً أو أن يكون بئر ماء، وقد درج العرب منذ القدم على تسمية الأشياء بمدلولها أو بمن قام بفعلها إذا كانت عملاً بمعنى أن تسمية بئر ماء (بالدجاني) يعني أن أحداً يحمل اسم الدجاني قام بحفر ذلك البئر.
وفي مدينة الطائف القريبة من مكة المكرمة تقيم جماعة عربية اصيلة تحمل الاسم الدجاني نفسه دون تحريف أو تبديل وتعود بنسبها إلىالحسين بن علي رضي الله عنهما وتتبع المذهب السني.
وفي منطقة القطيف في الإحساء تقيم جماعة عربية أخرى تحمل نفس الاسم (الدجاني) وتتبع المذهب الشيعي.
وفي ضواحي مدينة صنعاء عاصمة اليمن تقيم قبيلة عربية تحمل الاسم نفسه ولكن بتحريف بسيط إذ أنهم يكتبون الاسم ( الـديجاني) بإضافة حرف الياء قبل الجيم، وهو أمر لا يدل على وجود اختلاف. ذلك أن الكثيرين من الناس ومنهم من آل الدجاني الفلسطينيين أنفسهم من يلفظون الاسم (الدِجاني) بوضع كسرة تحت حرف الدال. ومن الواضح أن الفرق بين الكسرة وحرف الياء في مثل هذه الحالة ليس ملحوظاً.
ويقول الأستاذ على يوسف الدجاني الذي أرسلته جامعة الدول العربية الى صنعاء في أوائل الخمسينات من القرن الماضي ليعمل بوظيفة خبير مناهج التعليم لدى وزارة التربية والتعليم اليمنية بأن بعض وجهاء تلك القبيلة قدموا لزيارته للتعرف عليه، وقد أخبروه بأنهم من السادة الذين ينتسبون إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
إن هذا التطابق في الاسم والانتساب إلى الحسين بن علي بيننا وبين تلك الفئات المذكورة لم يأت من فراغ، ولا بد أن يكون هنالك صلات بينها.
ومهما يكن الحال فإن الثابت الذي لا يقبل الشك فإن الأصل الذي يضم الجميع يعود إلى الحجاز في الجزيرة العربية. قد تفرقوا وتباعدوا بحكم الهجرات المتتابعة للقبائل العربية في الجزيرة العربية. وقد تفرقوا وتباعدوا بحكم الهجرات المتتابعة للقبائل العربية سواء في الجزيرة نفسها أو خارجها. حتى أن اسم (الدجاني) وصل إلى المغرب العربي إذ أن هناك مقاماً معروفاً لأحد الأولياء يعرف بمقام سيدنا الدجاني مما حدا بالبعض للاعتقاد بأن آل الدجاني في فلسطين قدموا إليها من المغرب كما حدث مع عائلات فلسطينية أخرى.
ولكن غاب عن هؤلاء أن يتساؤلوا من أين جاء الاسم قبل وجوده في المغرب.
وهنالك رواية وردت على لسان أحد الفقهاء من آل الدجاني اليافيين دونها بخط يده قبل مائة وخمسين عاماً هو الشيخ حسن سليم ابو الاقبال بقول فيها:
الدجاني نسبة الى (دجانية) بفتح الدال والجيم المخففة بعدها الألف. قرية من أعمال القدس سكنها العارف الجد الأوحد السيد شهاب الدين أحمد فاشتهر هو وذريته بالانتساب إليها، ولما هاجر منها حذفوا دالها يريدون أنه لم يخرج منها إلا بذنب جنته فصارت تدعى بالجانية. وقد سكن بيت المقدس وتولى نظارة مقام ذي الكرم والجود خليفة الله تعالي سيدنا النبي داود عليه الصلاة والسلام ومات ودفن في قرية مأمن الله بظاهر بيت المقدس في جوار سيدي الولي أبي عبد الله القرشي رحمهما الله تعالى. انتهى النص.
إن هذه الرواية لم تذكر شيئاً مهماً ولم تأت بأي جديد. فالشيخ حسن أبو الاقبال لم يحاول تتبع تاريخ السلالة والبحث عن الأصل الذي جاءت منه.
ويعتقد المؤلف بأن أحد الأجداد كان قدم من الحجاز إلى فلسطين من أجل الجهاد في سبيل الله زمن الحروب الصليبية، وأن ما يدعم هذا الاعتقاد هو عدم تواجد اسم (الدجاني) في فلسطين قبل الحروب الصليبية وأن ظهور الاسم وانتشاره بدأ بعد الحروب الصليبية.
وقد سكن هذا الجد في مكان قريب من بحيرة طبريا لم يكن له مسمى في ذلك الزمن. وأطلق عليه فيما بعد اسم (دجانية) نسبة الى ذلك الجد. ولا يزال الاسم مستعملاً ودارجاً لغاية الان.
أما الرواية التي وردت على لسان الشيخ حسن سليم أبو الاقبال حول إقامة الشيخ احمد بن على علاء الدين في قرية (دجانية) قضاء رام الله التي تغير اسمها إلى (الجانية) بعد انتقال الشيخ أحمد منها حسب قوله فقد تكون رواية صحيحة من ناحية تسمتها على اسم من سكنها من آل الدجاني. تماما كما حدث في بلدة دجانية القريبة من بحيرة طبريا.
وهنالك أمر آخر لا بد من الاشارة الية وتوضيحه وهو تساؤل الكثيرين عن السبب في إلحاق كنية (الدجاني) بالشيخ أحمد بن علي علاء الدين لوحده ودون غيره من الأجداد. كما ورد في وثيقة النسب، إن تفسير ذلك يعود إلى أن تعيين الشيخ أحمد في مركز رسمي مسؤول عن وقف النبي داود لا بد وان يقترن ذلك بذكر اسمه كاملا وبيان انتمائه، والأمر الثاني هو أن أحد الأجداد المعروف باسم بدر الدين أو الشيخ بدر الدين قد دفن بعد وفاته في واد عرف باسم (وادي النسور) يقع ما بين القدس والخليل.
ويلاحظ أنه لم يدفن في القدس أو في مكان آخر آهــل بالسكان مما يدل على وجود سبب لذلك، والأرجح أن يكون السبب هو استشهاده في إحدى المعارك التي وقعت في ذلك الوادي.
ولدى مقارنة التواريخ والحوادث وتحليلها نظرا لعدم توفر التواريخ في وثيقة النسب فانه يتبين بأن ذلك الجد كان معاصرا لفترة معينة من الحروب الصليبية التي امتدت الى مئتي عام 1096 – 1291 م . الا انه لم يعثر على أي تاريخ يدل بوجه التحديد إلى الزمن الذي جاء فيه هو أو غيره من الأجداد إلى فلسيطن.
ومن الجدير ذكره أن نسب آل الدجاني ونسب آل الحسيني يلتقيان عند الجد بدر الدين المذكور والمعروف باسم بدر الحسيني، وقد حقق ذلك المرحوم الدكتور اسحاق موسى الحسيني وقديما قالت العرب (الناس أمناء على أنسابهم).
كتاب: من أنا؟