غزة
من الآثار المروية عن الرسول عليه الصلاة والسلام. ابشركم بالعروسين غزةوعسقلان. وقال الامام الشافعي رضي الله عنه:
وإني لمشتاق إلى أرض غزة
وإن خانني بعد التفرق كتماني
سقى الله ارضها لوظفرت بتربها
كحلت به من شدة الشوق أجفاني
... وغزة، أخت خان يونس، حرسهما الله تعإلى،وللأختين في القلب مكان سيبقى وقفاً عليهما، بل ولا أنسى دير البلح، والفخاري وقاع القرين.. ففي هذه البقاع التي سموها (قطاع غزة) أرى البسمة لا تفارقني، فإذا غابت عن ناظري، بقي القلب يتلفت اليها، مكتوياً بنار فرقتها، وعلى بعد آلاف الاكيال، في المدينة المنورة، تعاودني ريح ما كنت أشتمه في ربوعها قبل عشرات السنين، وإذا جاءت الرياح من جهة الشمال فتحت لها صدري استقبلها، وأضم عليها جوانحي، وتراني أنعم بريح الشمال بارداً أو حاراً، لأنني أظن فيه رسائل الود قادمة من هناك. أرجو معذرتي إذاكتبت مشاعري في كتاب جغارفي، فليست الجغرافية عندي خارطة ترسم ومدينة توصف، وإنما الجغرافية حب، بل هي وطن فيه الاهل والخلان، وفيها الشمس والهواء والماء، وبها كان سبب الحياة. وغزة التي أثارت اشجاني، ليست مسقط رأسي ولكن فيها أحباب الحبيبة، فيهاأخوالي، أحباء أمي (مريم) فيها خالي معروف، وخالي سالم، وخالي صبحي، ويا حسرتي ذكرت اسماءهم، ونسيت والله كناهم، وكيف لي أن ابقى حافظاً اسماء اولادهم، والزمان قدأناح علي بكلكلة، ورمتني الخطوب عن قوس واحدة.
* غَزَّة:
بفتح الاول وتشديد ثانية. بلدة كنعانية من أقدم مدن العالم. قال ياقوت: معناها من غز فلان بفلان، واغتز به، إذا اختصه من بين اصحابه، وقيل بمعنى، قوي،ومخازن، وكنوز. وقد أطلق عليها الفرس اسم :هازاتو (والعبرانيون اسم غزة) سماهاالعرب (غزة هاشم) نسبة إلى هاشم بن عبد مناف جد الرسول (ص) الذي مات فيها وهو راجع بتجارته إلى الحجاز.
واقدم ممن سكنها، الكنعانيون ثم سكنهاالفلسطينيون، وكان فيها أيام الرومان شوق كبيرة يحضره العرب ويمتارون منه. قال أبوذؤيب الهذلي:
سلافة راح ضمنتهاأداوة
مقيرة ردف لمؤخرة الرحل
تزودها من اهل بصرى وغزة
على جسرة مرفوعة الذيل والكفل
فوافى بها عسفان ثم اتى بها
مجنة تطفو في القلال ولا تغلي
... وكان العرب يردون إليها كثيراً قبل الإِسلام، وتوفي بها هاشم ابن عبد مناف، الجد الثاني للرسول، وما زال قبره في الجامع المسمى باسمه في حي الدرج، فقال الشاعر يرثي:
مات الندى بالشام لما أن ثوى
فيه بغزة هاشم لا يبعد
وبها ولد الشافعي رضي الله عنه، ثم حملته أمه إلى مكةطفلاً مدركاً، لأن شعره الذي قاله فيها يعني أنه يتذكر معالمها، ويشوق اليها. ولماوصل كتاب الرسول عليه السلام إلى هرقل يدعوه إلى الإِسلام. نادى صاحب شرطته وأمره أن يبحث عن حجازي، فوجد أبا سفيان في غزة (والقصة في البخاري). والقافلة التي هاجمها المسلمون في بدر كانت راجعة من غزة. دخل العرب غزة بعد معركة (داثن) بقيادةعمرو ابن العاص في خلافة ابي بكر [أنظر داثي].
وقد بنيت غزة القديمةعلى تل يرتفع (45) متراً فوق سطح البحر، ولما نمت المدينة امتد العمران إلى الشمال والشرق والجنوب. والموضع القديم يشغله جزر من حي الدرج وجزء من حي الزيتون. وتتميزهذه الاماكن بانبساط ارضها التي ترتفع قرابة (30) متراً فوق مستوى سطح البحر. وجنوبي شرق المدينة، يقع تل المنطار الذي يرتفع (83) متراً فوق سطح البحر، وعليه بعض المساكن والآثار والقبور المحيطة بمقام (علي المنطار). ومنذ الثلاثينات أخذت تمتد نحو الغرب حتى وصلت إلى ابحر، فيما يسمى بغزة الجديدة أو حي الرمال.
قدر سكان غزة سنة 1947م: (40،000) أربعين ألف نسمة. وبعد الهجرة وصل عددهم سنة 1978م مائة وخمسة وسبعين الف نسمة.
ومن أشهر عائلات غزة التي ظهر منهاالعلماء:
ىل الغصين: ويذكرون أنهم من أحفاد العباس،منهم عبد القادر الغزي الغصين، المتوفى سنة 1087هـ، ومحمد الغصين، وهو الذي قال فيه المقري:
يا سائلي عن غزة
ومن بها من الانام
أجبتهم مرتجلاً
ابن الغصين والسلام
... وممن ظهر في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين: الشيخ حسن النخالة. مفتي الشافعية بغزة،ومحمد الريس، كان طبيباً حاذقاً باسم الغزي. ومن أشهر شعراء غزة في العصر الحديث (معين بسيسو) وهارون هاشم رشيد..ومن عائلات غزة الشهيرة: عائلة (الشوا) وعائلة (الريس). وهما عائلاتان تتقاسمان النفوذ في المدينة. ومن العائلات الاخرى اليازجي،ومرتجى، وشراب، والخازندار، والحلبي، وبسيسون ودار مراد، الغزيةالدمشقية.
تنقسم غزة إلى قسمين: القسم الشرقي: ويشمل الشجاعية أو السجاعية. والقسم الغربي: ويشمل أحياء الزيتون والتفاح، والمشاهرة،والدرج والفواخير، وقسم من حي الدرج يعرف باسم حارة بني عامر، نسبة إلى سكانه القدماء الذين يعود نسبهم إلى عامر بن لؤي، ومنهم عائلة الغزي التي نزلت دمشق في أواخر القرن الثامن الهجري. وحي الشجاعية: حي من غزة، لعله سمي باسم الامير شجاع الدين عثمان بن علكان الكردي الذي استشهد في غزة ايام الحروب الصليبية، ويضم حي الشجاعية: حي الجديدة، والتركمان نسبة إلى جيل من الترك سكنوا فيها أيام الحروب الصليبية.
ومن جوامع غزة: الجامع الكبير.. يعود بأصله إلى الكنيسة التي بنيت في منتصف القرن الثاني عشر للميلاد من قبل فرسان المعبد، على اسم القديس يوحنا المعمدان. وجامع السيد هاشم: أول من أنشأه المماليك. وجامع الشيخ زكريا، وفيه رفات الشيخ زكريا التدمري المتوفي سنة 449هـ. ومن الاماكن الاثرية : (تل العجول) جنوب غزة وخربة أم التوت، جنوب غربي تل العجول. (وتل المنطار) شرقي غزة.
معجم بلدان فلسطين
محمد محمد حسن شراب