سلمان أبو عبيد
تقع قرية أبو تلول على خط 25 الذي يربط ديمونا ببئر السبع وتبعد عن بئر السبع 15 كم. يحد القرية من الشمال خط ديمونا بئر السبع وقرية بير المشاش , ومن الشرق قرية المذبح وأم متنان , ومن الجنوب المنطقة العسكرية "رمات بيكع" ووادي المشاش ,ومن الغرب قريتا صوين والشهبي.
تعود تسمية أبو تلول لروايتين ؛ الأولى كون المنطقة يكثر فيها الخير بحيث يقال في اللهجة البدوية "الخير تل أو تلول" والسبب الثاني كون المنطقة تكثر فيها التلال والهضاب. تصل مساحة القرية نحو 20 ألف دونم وتسكنها عشيرة الأعسم وعائلات أبو قطيفان والحميدي والديدل والجرابعة وكلهم من عشيرة الأعسم كما تسكن فيها عائلة الفيومي وجزء من عائلة النباري. وعن تاريخ وجود السكان في أبو تلول يقول الشيخ عطية الأعسم ,أول رئيس للمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها وأحد سكان القرية : " سكنت أبو تلول على مر العصور وفيها خربة قديمة وكانت مركزا لقوافل التجار القادمين من شمال الجزيرة العربية وجنوب الأردن في طريقهم الى فلسطين وغزة وقسم منهم كانوا يأخذون قسطا من الراحة في قرية أبو تلول يتزودون بالمياه حيث تكثر آبار المياه فيها . ومنطقة أبو تلول كانت تعتبر منطقة زراعيه ومنطقة مراع وهذا مصدر رزقهم الرئيسي".
ويبلغ عدد سكان أبو تلول نحو 3 آلاف نسمة غالبيتهم الساحقة من عشيرة الأعسم.
وعن تاريخ هذه العشيرة ,التي تعتبر إحدى العشائر العريقة في النقب يقول الشيخ عطية :"تعود أصول عشيرة الأعسم الى قبيلة الشمري في الجزيرة العربية وجاءوا الى البلاد منذ مئات السنين وسكنوا فيها منذ عهد الخلافة العثمانية الإسلامية ويبلغ عدد أفراد العشيرة نحو 10 آلاف نسمه موزعون في العديد من القرى والتجمعات العربية في النقب , لا سيما أبو تلول وخربة الوطن وتل السبع وصويين وبير المشاش والزرنوق ووادي الخليل وحورة ". وتعتبر عشيرة الأعسم من العشائر العربية التي تمتلك أراضي واسعة في النقب وتقدر مساحة الأراضي بعشرات آلاف الدونمات , وتعود جذور عشيرة الأعسم في أبو تلول إلى مئات السنين . وفي عام النكبة اضطر عدد من أبناء العشيرة لمغادرة القرية قسرا ، فقسم منهم هجر الى الأردن مثل سائر العشائر في النقب وصودرت آلاف الدونمات من أراضيهم وخاصة في الجزء الجنوبي من القرية والتي تسمى منطقة "الطفح " وكانت أول مصادرة سنة 1978 بعد اتفاقية كامب ديفد مع مصر وتحولت أراضي "الطفح" الى عسكرية وحرم الأهالي من استخدامها أو حتى دفن موتاهم في مقبرتها التاريخية التي تقع الآن ضمن حدود المنطقة الصناعية. ويقول الشيخ عطية :"وجدنا أنفسنا مرغمين على دفع الثمن في حالة السلم والحرب وهذا الثمن على حساب مصادرة أراضينا حيث صودرت في المنطقة مساحة 65 ألف دونم لعشائر الأعسم والعزازمة وأبو قرينات" ومما يميز قرية أبو تلول موقعها الجغرافي الاستراتيجي وكذلك كونها تفصل بين قبائل العزازمة وقبائل الظلام.
** مسلسل الاعتراف
بدأ مسلسل النضال من أجل الحصول على الاعتراف بالقرية منذ عشرات السنين . ويقول الأعسم : تمكنا من انتزاع الاعتراف بالقرية سنة 1968 ,وفي نفس العام أعلنت السلطات إقامة ثلاث بلدات للعرب في النقب وهي تل السبع ورهط وأبو تلول . وكان يمكن لأي إنسان يريد أن يبني بيته في تلك البلدات، شراء قطعة أرض والبناء عليها , ولكن مع مرور السنين، وبعد الاتفاقية مع مصر وإجلاء السكان العرب من منطقة تل الملح، وإقامة بلدتين لهما هي عرعرة النقب وكسيفة، تم شطب أبو تلول من قائمة الاعتراف. في السنوات الأخيرة كانت هناك الكثير من التوجهات والمفاوضات مع ممثلي المؤسسة الإسرائيلية لتحقيق الاعتراف بالقرية، لكن ذلك كله لم يتكلل بالنجاح. والسبب يرجع لمحاولة الدولة تركيز العرب في أقل ما يمكن من البلدات، ما أثبت فشله بسبب إصرار السكان على عدم ترك قراهم والنزوح إلى قرى أخرى جديدة . وبقيت قرية أبو تلول تتجرع مرارة عدم الاعتراف شأنها شأن عشرات القرى في النقب. وعن مسلسل المعاناة يقول الشيخ عطية الأعسم :"لم تتوقف سياسة الحكومات المتعاقبة عن محاولاتها ترحيل واقتلاع أهالي أبو تلول من أرضهم, ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل أمام إصرار وصمود الأهالي . ومن بين المحاولات عمدت الحكومات الى إجبار الناس على الرحيل الى بلدة تل السبع عبر الدوريات الخضراء وأذرع السلطة وأجهزتها المختلفة , ورفض الأهل الرحيل وبقوا صامدين على أرضهم وفي بيوتهم. واستمر الوضع على ما هو عليه وتحمل الناس وما زالوا ظروفا صعبة للغاية.
** بدون رعاية صحية تعيش قرية أبو تلول مثلها مثل سائر القرى غير المعترف بها في النقب في ظروف مأساوية؛ بيوت من الزينكو والبراكيات, تفتقر الى أبسط مستلزمات الحياة اليومية, بدون بنى تحتية أو شوارع وتظهر معاناة البنى التحتية في فصل الشتاء حيث تنقطع القرية بالكامل عن العالم الخارجي في حالة سيول الأودية والفيضانات. ( أثناء إعداد التقرير واجه مراسلنا خطر السيول التي شهدتها المنطقة منذ يوم الاثنين – المحرر ) . كما لا تتوفر في القرية شبكة الكهرباء والمياه ويضطر الأهالي لاستخدام المولدات الكهربائية التي تكلف مبالغ طائلة تفوق قدرات الكثير من أهالي القرية كما ان قسما من السكان يعاني من ضعف متواصل في ضخ المياه . في القرية مدرستان حتى الصف التاسع ,يتعلم فيهما نحو 2000 طالب , كما أن في القرية عيادة واحدة تقدم الخدمات الطبية الأساسية فقط ولا تكفي حاجة المواطنين . كانت القرية تضم عيادة للام والطفل تقدم الخدمات الصحية للأطفال والنساء , غير أن وزارة الصحة أقدمت على إغلاقها مؤخرا بحجة عدم توفر الممرضات , وبقي السكان يتجرعون معاناة السفر الى بئر السبع وما زال الموضوع يبحث في أروقة المحاكم , بعد أن توجه أهالي القرية للمحكمة العليا بهدف إلزام الدولة بإعادة الخدمات الصحية. ولا تتوفر في القرية مدرسة ثانوية مما يساهم في ارتفاع نسبة التسرب في صفوف الطلاب ولا سيما الطالبات. وتبلغ نسبة الأطفال ما دون سن الـ16 عامًا، 55% من سكان القرية، التي تعاني من نسبة بطالة عالية تصل الى 25% بين الرجال ونحو 90% بين النساء. أما السكان الذين يعملون، فغالبيتهم يخرجون لكسب رزقهم في المدن اليهودية المجاورة، ومنهم من يعمل في مركز البلاد، والغالبية منهم أجيرون، وقليل منهم رجال أعمال أو يعملون في مهن حرّة.
** اللجنة الفعالة
شكلت في القرية لجنة محلية منتخبة ، يرأسها الشيخ عطية الأعسم، تهدف الى تنظيم النضال من أجل المطالبة بالحقوق . واللجنة المحلية مكونة من كل من أحمد أبو قطيفان، وأحمد الفيومي، وفايز الأعسم، ويونس الأعسم وإبراهيم الحميدي، وتقوم بعقد جلسات دورية ، تبحث من خلالها كل الأمور المتعلقة بشؤون القرية.شغل عطية الأعسم منصب رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، منذ تأسيسه ولمدة أربع سنوات. وتعتبر اللجنة المحلية في أبو تلول من أكثر اللجان المحلية فاعلية في النقب , ويبرز دورها ونشاطها من خلال توجهاتها للمحاكم لمطالبة المؤسسات بتوفير الخدمات الأساسية ,وكان لها عدة نجاحات من خلال مركز "عدالة" الذي تبنى الكثير من قضايا القرية في أروقة المحاكم. هذا وشهدت أبو تلول العديد من النشاطات الجماهيرية والشعبية ومنها مهرجان يوم الأرض.
** مشاريع الصمود
حظيت أبو تلول مثل سائر القرى والتجمعات العربية في النقب بمشاريع الصمود التي تبنتها الحركة الإسلامية عبر مؤسسة النقب للأرض والإنسان من خلال معسكرات التواصل مع النقب. ويقول الشيخ عطية الأعسم: " تمت خلال معسكرات التواصل صيانة مدرسة الأعسم "ب" وكذلك إنشاء حدائق فيها كما شمل مشروع ترميم مسجد الرحمن وتبليط ساحته الخارجية ".
موقع: صوت الحق والحرية