المنشية: (قضاء عكا)
المنشية قبل سنة 1948
كانت القرية مبنية على مرتفع من الحجر الرملي في الجزء الشمالي الغربي من سهل عكا وعلى بعد 3كلم إلى الشمال من نهر النعامين وكان ثمة إلى الغرب منها, على بعد نصف كيلومتر, قناة الباشا التي كانت تجلب المياه من ينابيع الكابري إلى عكا. وكانت طريق فرعية قصيرة تربط المنشية بالطريق العام الساحلي المؤدي إلى عكا. وبسبب قربها من عكا, أتيح لسكانها الاستفادة من نظام المواصلات وغيره من الخدمات في المدينة. وكان سكان القرية يرون أن المنشية ظهرت إلى الوجود عقب الحروب الصليبية وأن المماليك استقدموا سكانها الأصلين من شمال لإفريقيا بغية إسكانهم في المنطقة التي تضاءل عدد سكانها كثيراً بسبب الحروب الصليبية والأوبئة وإن كان صحيحا فلا ريب أن القرية تلاشت لاحقا لأنها ليست واردة في جملة القرى التي تذكر السجلات أنها كانت تدفع الضرائب في سنة 1596 وفي نهاية القرن التاسع عشر, كانت المنشية آهلة مرة أخرى وكانت القرية تقع في سهل وتحيط بها الأراضي الزراعية وكانت منازلها مبنية بالحجارة والطين وعدد سكانها 150 نسمة تقريبا.
عند بداية القرن الحالي كان للقرية شكل مربع وكانت منازلها المبنية بالحجارة والأسمنت والطين متجاورة وكان سكانها جميعهم من المسلمين وكان فيها مقام بهاء الله مؤسس البهائية وهي ديانة ظهرت في بلاد فارس في القرن التاسع عشر. كان بهاء الله سجن في عكا على يد العثمانيين وذلك بطلب من الحكومة الفارسية وتوفي في المدينة سنة 1892 وكان في القرية أيضا ميتم إسلامي ومسجد يدعى مسجد أبو عطية أما اقتصادها فكان يعتمد على الزراعة ولا سيما الحبوب وتربية المواشي. في 1944/1945 وكان ما مجموعه 253 دونما مخصصا للحمضيات والموز 10818 دونما للحبوب و619 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين وقد أدت الحفريات الأثرية في القرية في 1955-1956 إلى العثور على خمسة قبور يعود تاريخ أقدمها إلى القرن الثالث الميلادي. ويقع تل الفخار على بعد نحو كيلومتر إلى الجنوب حيث عثر على الأسس القديمة لمدينة عكا في حفريات بدأت سنة 1973. كان هناك مجموعة صغيرة من المزارعين تعيش على سفح التل في أواسط الألف الرابع قبل الميلاد. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد كانت هذه القرية قد توسعت غربا في تجاه الشاطئ وكان التل هذا هو موقع عكا في العهدين اليوناني والروماني وبالإضافة إلى القطع الفخارية, كان التل يضم بقايا مقابر.
احتلال القرية وتهجير سكانها
زجت المنشية في الحرب أول مرة جراء تسلل إسرائيلي وقع في 6 شباط / فبراير 1948 ففي ذلك اليوم وفق ما ذكرت صحيفة (فلسطين) شن عدد من اليهود المسلحين بالأسحلة الأتوماتيكية ورشاشات (ستن) هجوما على القرية.
وجاء في الصحيفة أن سكان القرية صدوا ذلك الهجوم ولم تذكر وقوع إصابات وعلى الرغم من عدم توفر أية تفصيلات محددة فإن الدلائل تشير إلى أن هذه القرية كانت بين القرى التي سقطت في أثناء عملية بن عمي(أنظر الغابسية, قضاء عكا), في 14 أيار\ مايو 1948
وبعد احتلالها بشهر واحد في 16 حزيران \ يونيو, كان في استطاعة رئيس الحكومة بن- غوريون أن يذكر في تقاريره أن تدمير المنشية بدأ فعلا.
المستعمرات الاسرائيلية على أراضي القرية:
في سنة 1948، انشئت مستعمرتا شمرات (159261) وبستان هغليل (158261) على أراضي القرية، الى الشمال من موقعها.
وكانت مستعمرة شمرات في البدء تقع على بعد كيلومترين الى الشمال، وكان اسمها هايوتسيريم، وكانت أُنشت أول مرة في سنة 1946 على أراض تخص رهبان تمبلار (Templars) الألمان (الهيكلين)، غير انها انتقلت إلى موقعها الحالي في ايار/مايو 1948. أمّا موقع القرية فهو الآن جزء من مدينة عكا
القريــة اليوم
لا يزال المقام البهائي والمسجد ومدرسة الأيتام الإسلامية وبعض المنازل القليلة قائمة. أما ما تبقى من القرية فقد أندثر والمقام بناء جميل له قبة وتحيط بحائطه الأمامي ومدخله المقوس أعمدة حجرية كبيرة وثمة قبور عدة في فناء قريب. والمقام والقبور تحظى بعناية جيدة ويزورها البهائيون من أرجاء العالم كافة. أما المسجد هو بناء حجري له قبة وسقوف بيضوية الشكل فقد أصبح منزلا تسكنه عائلة يهودية. كما أن مدرسة الأيتام الإسلامية آهلة هي الأُخرى ولا تزال المقبرة ظاهرة للعيان غير أنها مهملة وفيها شاهد عليه كتابة بالتركية تعود إلى القرن الثامن عشر أما قناة الباشا المبنية بالحجارة فلا تزال قائمة غير أنها ليست في قيد الاستعمال ومثلها قناة جر المياه.
المصدر: "كتاب كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي"