الأحزاب السياسية في شَعَب
لم تصل الأحزاب السياسية المعروفة إلى شَعَب ولم تنتشر كما كان حالها في المدن الكبيرة، فالقضايا التي كانت تتناولها هذه الأحزاب لم تكن بمستوى رغبة الفلاحين، الذين كانوا يرغبون برؤية البارودة والتدريب، وليس المناورات السياسية والخلافات الداخلية بين تيارات الحسيني والنشاشيبي وغيرهم..
غير أن منظمة واحدة استطاعت الوصول إلى شَعَب وتأسيس شُعبة فيها، وهي منظمة النجادة التي تأسست في يافا عام 1945 وأعلن مؤسسوها منذ بداية نشاطها أن هدفهم الرئيس هو إكساب الشباب العرب المعرفة والتدريب العسكريين تحت غطاء نشاط رياضي. وفعلاً، بدا الطابع العسكري للنجادة في المظاهر الخارجية، مثل الرتب والألقاب العسكرية والرقم الشخصي، ناهيك عن فرض الطاعة العسكرية، وارتداء الزي الرسمي، والتقسيم إلى وحدات كما في المبنى العسكري تماماً.
تؤكد ملفات منظمة النجادة –كما ذكر الدكتور مصطفى العباسي- إلى أنها نجحت في التوسع سريعاً في الجليل الأعلى، ففي سنة 1947، بلغ عدد فروعها في القضاء 25 فرعاً، وكذلك انخرط مئات القرويين في صفوفها.
ويورد العباسي جدولاً لفروع الحزب في القرى، ذاكراً أن فرع قرية شَعَب كان يضم 45 عضواً.. وقد ذكر لي بعض أهل صفد (آثر عدم ذكر اسمه) أنهم كانوا يأتون إلى قرية شَعَب في مخيمات كشفية، وقد كانوا فتياناً لا يعرفون التفاصيل، ويبدو أن هذا هو تفسير تلك المخيمات.
وقد أكد إبراهيم حسين (أبو حلمي) أن حزب النجادة كان له شعبية في بداية الأربعينات، وأنه (أبو حلمي) كان عضواً في الحزب، وأن مسؤول الحزب في البلد كان فهد الحاج حسين (فاعور)، ونائبه وأهم كوادره على الإطلاق (الرجل القوي) عوض الشافع (محمود حسين)، أما المدرب العسكري لعناصر الحزب فكان فضل العلي (فاعور). ومن الواضح أن أعضاء الحزب كانوا من آل حسين وفاعور في الغالب، ولم يُسجل لآل الخطيب والأسدي حضور في الحزب.. وهذا مما يؤسف له أن السياسة كانت تتحكم فيها الإرادات العائلية والعشائرية..
غير أن الحزب بدأ يخبو في الأعوام التي سبقت النكبة، وذلك لأنه اصطفّ مع الأحزاب الأخرى في تشابه الأنشطة، ولم يستطع تحقيق ما تميّز به من خطاب عن الآخرين (كالقوة العسكرية، ودعم دور الشباب،..).
من كتاب: شعب وحاميتها
ياسر أحمد علي