أبو سليم قاطوني
الموطن الاصلي: قرية الخيرية/يافا
مكان الاقامة: مخيم العين/نابلس
العمر: عشر سنوات يوم الرحيل
كان عنا امتحانات بالمدرسة ومكملناش الصف الثالث وصارت الهجرة، مكنش في راديوهات كتير بالبلد، كانوا الناس يقعدوا على القهوةاللي على الشارع الرئيسي يسمعوا الأخبار، انا بصحا انه اليهود كانوا بيجوا من شمال البلد في اشي زي كيبوتس هناك ويضربوا ع البلد،ونسمع انه كل عيلة بدهم يشتروا باروده، وكل واحد بحمل باروده كان يطلع يعمل حراسه.
ابوي، لما صارت الأحداث، قال الحريم بنبعتهم لبره والرجال يضلوا، سكننا بالعباسية بيجي يومين تلاته، ورجعنا كمان مره على البلد،الدعايه هي اللي بتخوف، يقولوا اليهود بدهم يطخوا وبدهم يقتلوا، اليهود كانوا يبعتوا مكاتيب للمخاتير، خليكم عنا، متطلعوش، المخاتير شويقولوا: والله ولادة هالميته إلا نموتهم.
كان عندهن لليهود طيارات ودبابات وأسلحة، إحنا كل بلدنا افيهاش الا بواريد واكم فشكه، شو بدهن ينفعوا هدول! ما حدا كان متوقع انه رحتوصل الأمور لهيك، كانوا يطمنونا اللي بره انه بعد اكم يوم بترجع، طبعاً عملوا الشباب استقامات وكانوا محضرين حالهم، بس ما كان فيعسكريين، كان الواحد يطلع حامل هالباروده، وإذا يسمع طلقات من بعيد يجاوب.
كان نزولنا على الأرض خفيف في أواخر أيام الأحداث، صاروا يخافوا الناس، بعدين احنا رجنا من العباسية علبلد، وبعد تلت اربع ايام،حملوا الأواعي والأولاد وطلعنا على بديا، سكنا بيجي خمس ست أشهر وإجينا على نابلس.
كان في مكاتيب بين اليهود والمخاتير، خليكن هون، إحنا وياكم بنعيش، المخاتير ما كانوا يقبلوا، كانوا يقولوا لأ، إحنا النا كل البلاد. إنقتلعمي في احداث الحرب، اسمه سعيد قاطوني، هدا ضلّوا يقاوم ومسكوه وقتلو. كانت منطقتنا مسؤول عنها حسن سلامه، إحنا وسلمه ويافاجنب بعض. كان ما في هالتنظيم، انه المهم اتخلوش ولا ولد وَطلعوا النسوان من البلد، كانوا يقولوا انه اليهود بقتلوا.
ما شفت اليهود وهما فايتين على البلد، كنا طالعين، لما اجو اليهود، كيف دخلوا على نابلس! دخلوا من الطريق اللي الناس مش متوقعينهميفوتوا منها، وهيك عملوا بالخيرية، فاجأوا الشباب، واللي معاه باروده وقاوم طخوه. وكان اغلب الناس طالعين، حياة أبوي، لما دخلوا اليهودعالبلد فات على الخزانه ولم الأواعي، هيك كمشهن، وضل طالع، حياة سيدي، كبير كان، ركبّوه اليهود على الحمار وقالوله روح رَوّح.وأعطوه القبقاب الخشب، تاع زمان، شو عمل سيدي؟ قال شو بدي احمل فيه لهالقبقاب، بَحَش في الواد اللي بيننا وبين يازور، وقال احنا بسنرجع بطوله من هون بدل ما أحمله. كان متوقع يرجع بعد أكم يوم.
بسمع انه كان في اشي اسمه جيش الانقاذ، بس ما بذكر أجو عالبلد، يوميت ما قتلوا عبد القدر الحسيني صاحيها، كان عمي يقرأ الجريدة وسطالبلد، وصار يبكي. وكانوا الناس حواليه يسعموا له وهو بقرا، هدا عمي كان كل يوم ينزل من الخيرية على يافا عشان يجيب الجريده وييجيعالبلد. كنت انزل على يافا وعلى طبريا، ولو اني كنت عشر سنين بس بتذكر وصاحيها لهالحادثه.
سقطت البلد بسرعه، ولا ضربوا ولا صار اشي يذكر، الدعاية هي اللي خوفتنا، احنا بنخاف على عرضنا، وزعوا منشورات لما اجو بدهميستحلوا البلد، كانت الطائرات ترمي مناشير، يعني سلموا. لما دخلوا اليهود البلد كان في لسه شوية شباب، استشهد بعضهن والباقي انسحبوا،سيدي تركناه بالبلد، ختيار كبير، ضل هناك، ولما استحلوا البلد مسكوه وقالوله روّح.
هما دمروها للبلد، ضايل فيها اكم بيت، في دار عيسى شهوان لساها، دار عمي اللي استشهد كمان بقيانه لليوم، في دار شعبان ودار فارسكمان. احنا رجعنا عالبلد حياة ابوي وحياة عمي، اخوه للي استشهد، وكمان عمي اللي توفا بالسعودية، ومرة عمي، رحنا على البلد، لماوصلنا البياره تاعتنا، لقيناهم عاملين هناك بالبيارات جنينة حيوانات، البياره تاعتنا والبياره تاعة دار عطا الله، جنينة حيوانات رامات عانعاملينها، وقفوا صاروا يتطلعوا، قلت الهم هون بيارتنا، وقفنا شوي وروحنا.
البلد تاعتنا اليوم شو عاملينها هما؟ بيجيبوا زباله وبكبوها هناك، مزبلة يعني، والمقبرة لساتها موجوده، شو بدي احكي لما بشوف بلدي هيك؟ولادي بعرفوا انهم من الخيرية، ولهجتهم متل لهجة اهل الخيرية. سقطت البلد تاعتنا بـ28/4/48، إجينا على بديا، بعدين على الزاوية، قعدناشهر، اجينا في نابلس عند الشيخ فياض الخياط، جنب مدرسة العانشية، كانت المدرسة لسه مش مبنية، اجينا جبنا شوالات خيش، فتحناهمووصلناهم وعملنا عواميد وسكننا، بعديها أجت التلجه، لما اجت التلجه الكبيرة كنا ساكنين محل ما هي اليوم المدرسة العانشيه، كانوا بدهنيبنوها لسه، يعني بالخمسين، مكنش في دور هناك، حياة والدي اشتغل ببناء هاي المدرسه، لما صارت التلجه اتشتتنا، الشيخ حلمي الادريسي،محل المدرسة العامرية اليوم، في عنده ياخور هناك، سحبنا وحطنا هناك، الناس اللاجئين برده أجو هناك، وبمنطقة المحكمة الشرعية حطوانصنا هناك بدار عاهد الشكعة اكم يوم، يومين تلاته ورجعنا، بعديها هناك، عملنا بيت من حجار وباب تنك وبراميل، وبهالسلك نربط الباب،فش عنا اشي نخاف عليه، بعدين بالأربعة وخمسين اجينا على مخيم العين. من يومها لليوم.
رحلت كل العيلة مع سوا، احنا ما نسينا حدا ولا ضيعنا حد من العيله، كل دار القاطوني اجوا مع بعض، في ناس نسيوا حد من عيلتهن، دارابو عماره، في واحد بيبيع لبن جنب احمد بنات، شرقا، ابو عماره ابوه كان ناسي ولد، ولما هاجروا أخذوه جماعه وربوه، بعمان، وإتعارفواعليه بعد مدة. احنا كلنا كنا راكبين في ترك لما رحلنا، استأجرناه يوصلنا على بديا، يعني حياة ستي لما حملوا الاغراض كلهم والطناجر، شوتقول ستي: بدهم يعمروا بلاد الجبل (الضفة) وخلوا بلاد السهل فاضية، يعني تركنا الأرض السهلية والمنيحة وإجينا على الجبل. وصلنا بديابنفس اليوم، واخترنا بديا عشان النسب، ولما وصلنا نابلس ساعدونا اهلها، وكان في عراقيه بنابلس، ساعدونا كمان العراقية. في كمان منأهل الخيرية في عقبة جبر، انا أول ما اشتغلت بنابلس، إشتغلت بالصبانه، بعديها اشتغلت بتعباية المية، واشتغلت ببيع اللبن.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير