جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
ولد عام 1938، في قرية سحماتا من قضاء عكا. لم يمهله القدر ليعيش في قريته وينعم من خيراتها، فجاءت نكبة فلسطين والعرب دافعة بعائلته للهجرة قصرا إلى لبنان، بحيث عاشت العائلة فترة في الميناء في شمال لبنان، وبعد إنشاء مخيم البداوي انتقلت العائلة إليه في عام 1958، بعد أن عاش زمنا في مخيمات التنك والصفيح والشوادر البالية، لم يكن الحال أحسن في مخيم البداوي فاستمرت معاناة العائلة المؤلفة من 6 أخوة و3 أخوات، وهم أحمد" أبو ماهر"- برهان- هاني- نظمي- نظيم- وماهر الذي اعتقل في أثينا إثر خطف طائرة للخطوط الجوية الصهيونية في عام 1969، ومن أخواتها: إنعام" أم مازن السعيد- المرأة الحديدة التي يعرفها المخيم بصلابتها وقوة شخصيتها واندفاعها للعمل الوطني والاجتماعي- وهنية واسمهان. ولعل أشهر إخوته على الإطلاق، أحمد " أبو ماهر اليماني" الرجل الغني عن التعريف، والذي لقب بضمير الثورة، والذي ناضل لأجل فلسطين أكثر من ستين عاما، وهو من مؤسسي حركة القومين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع عدد من المناضلين. عاش محمد في بيت مناضل وتأثر بأجواء النضال وبأخيه، وعشق الوطن فانتقل إلى بيروت متفرغا للعمل السياسي والعسكري مع حركة القومين التي انضم إليها منذ بداياتها، وقد كان من ضمن المجموعات التي كانت تدخل الأراضي المحتلة منذ الخمسينيات بهدف تخزين الأسلحة وتعبئة فلسطينيي1948، تحضيرا لساعة المعركة، وكانت المجموعات بقيادة المناضل وديع حداد ضمن النشاط العسكري لحركة القوميين العرب. وانضم لمنظمة شباب الثار(الجناح العسكري لحركة القوميين العرب)، منذ تأسيسها وكان من أوائل الشباب الذين قاموا بعمليات مسح واستطلاع للأراضي الفلسطينية المحتله قبل نشوء العمل الفدائي الفلسطيني عام 1965. لا بد لكل مناضل أن يدفع ضريبة نضاله، فخلال نضاله مع حركة القوميين العرب، وتنقلاته بين مخيمات لبنان ودخوله الأراضي المحتلة، كان المكتب اللبناني يداهم بيته باستمرار للإمساك به إن كان خلال عمله أو خلال الاجتماعات التي كان ينظمها لأعضاء الحركة، و قد سجن أكثر من مرة في سجون السلطة اللبنانية وكانت حركته مقيدة ومراقبة كغيره من أعضاء الحركة في ذلك الوقت، فما يزال أهل مخيم البداوي لعل منهم الكبار نوعا ما ، يذكرون كيف تم اعتقاله هو والمرحوم رمضان ساق الله" أبو عيد" من قبل السلطات اللبنانية، وكان ابنه البكر هيثم معهم مما اضطروا أن يدخلوا الطفل الذي لا يتجاوز السنتين إلى السجن أيضا. وعندما سافر إلى مصر للتدرب في أحد معسكرات الجيش المصري" معسكر انشاص" في خمسينيات القرن الماضي، كان بيته معجة لمخابرات الجيش والشعبة الثانية اللبنانية، بحيث كانت المخابرات دائمة السؤال عن مكان تواجده. وقد اعتقل أكثر من مرة من قبل السلطات اللبنانية ودوهم بيته في مخيم البداوي عشرات المرات من قبل عناصر المكتب الثاني ويساق إلى أروقة المخابرات للتحقيق معه. عدا عن العمل العسكري فقد كان مسؤولا عن تنظيم أعضاء في حركة القوميين العرب وتحريض اللاجئيين الفلسطينيين في المخيمات إلى رفض فكرة التوطين وضرورة النضال من أجل حق العودة، والنضال ضد أجهزة السلطة القمعية التي لم تكن تسمح للفلسطينيين بالتعبير عن ارائهم السياسية، والمطالبة بالكفاح المسلح وصولا لحق العودة. محمد اليماني، حمل بذور الحب لفلسطين والكراهية للصهاينة، الذين حرموه وطنه وأرضه وهو ما زال على مقاعد الدراسة، و كان مؤمنا أن قضية فلسطين هي جزء لا يتجزأ من القضية العربية، وعمل في كل المناسبات الوطنية، وشارك في كل الانتفاضات الشعبية، و كان محرضا فذا وبارزا بين رفاقه وأهل المخيمات الفلسطينية، بحيث قادهم في العديد من المظاهرات و خاض معهم غمار النضال من أجل قضيته بالرغم من عمليات التنكيل والاعتقال التي تعرض لها. كانت آخر مهامه في 21 تشرين الاول 1966 حين اصطدمت مجموعته المؤلفة من 4، بحيث استشهد ثلاثة منها وهم: رفيق عساف وسعيد العبد ومحمد اليماني وأسر المناضل سكران سكران، تلك المجموعة التي كانت متوجه إلى الأراضي المحتلة لتنفيذ مهمتها، فاصطدمت مع كمين للعدو الصهيوني، ونشبت بينهم معركة استمرت عدة ساعات في بلدة المالكية داخل فلسطين. ومن المحزن أن عائلة اليماني لم تستطع أن تعلن عن خبر استشهاده، لان السلطات اللبنانية نفت أن يكون من الفدائيين الذين انطلقوا من أرضها. متزوج من السيدة انتصار أحمد الشيخ سالم" أم هيثم اليماني" وهي من مواليد يافا، له ولدان: هيثم و قد أسماه تيمنا باسم رفيق دربه في حركة القوميين العرب ومسؤولها العسكري المناضل هيثم الأيوبي، ولد هيثم 1963، وابنه الثاني، خالد و الذي اسماه على اسم الشهيد خالد أبو عيشة، الذي كان رفيق دربه ونضاله في عمليات الدخول إلى الأراضي المحتلة، وكان الشهيد خالد أبو عيشة قد استشهد بعد أن كان عائدا من فلسطين باتجاه لبنان بعد تنفيذ مهمة الاستطلاع التي كانت موكل إليه واستشهد على أرض فلسطين في 2 تشرين الثاني 1964 في منطقة أدمث. له من الأحفاد 5 وهم أمال- طارق-محمد- هادي و انتصار. عندما بدأت بالكتابة عنه، كانت كل معلومه عنه ترجعني للزمن الجميل، زمن الثورة والمناضلين، فتعرفت إلى أول شهيد فلسطيني من مخيم البداوي في لبنان على أرض الوطن، الذي ضمه ثراه في عام 1966. وانتهيت من الكتابة مع دمعات على وطن وشهيد، نهنئ به أهله وأنفسنا وفلسطين.
عن صفحة مخيم البداوي - فايس بوك