الحاجْ محمد حسين خلايلة
أجرى اللقاء رفيق بكري
حتى القرى التي صمدت في وجه التهجير والتدمير في الـ48 تعرّض سكانها إلى أقسى أشكال القمع فإمّا ارتكِبَت فيها مجازر وأعمال قتل ونهب وإمّا نزح عنها عدد من المواطنين إلى الدول العربية المجاورة خوفاً ومنعوا من الرجوع.
مجد الكروم كانت من هذه القرى التي عانى أهلها الأمرّين إبان النكبة. وفي بيته التقيت مع الحاج محمد حسين علي خلايلة (أبو سهيل) 80 عاماً وطلبت منه أولاً أن يحدِّثني عن حياة أسرته قبل نكبة شعبنا عام 1948.
تعلَّمت عند الشيخ حمّود اللي كان ضَريرْ قراءة القُرآن غيبْ
فقال أبو سهيل: وأنا صغير، كُنّا ساكنينْ بالبلد القديمة في مجد الكروم. وقبل المدرسة تعلمت عند الشيخ حمود صالح حمود، كان ضَريرْ وكان يِعَلِّمنا قراءة القُراّن غيبْ. وعِند الشيخ حمّود كان يجي ختيار أسمو حسين الناصر يعلِّمنا حروف الأبجدية على لواحْ تَنَكْ والحِبِرْ ترابِة حَوّارَة بيضا والقلم كان (قصب غار..).
صاروا الإنجليزْ يعْمَلوا استِحْكاماتْ ويُطلبوا من الزْلامْ يِعَبّوا شْوالاتْ تْرابْ ويُنقلوها لَمسافِة اثْنينْ كيلومِتِرْ تقريبا
وتابَعْ أبو سهيل: أبوي كان تاجر طَرشْ، يبيع ويِشتري المواشي ويطلع على السواقْ في الصَفْصافْ قُربْ الجِشّْ وكمانْ في الحولِة وبِنتْ جبيل، يِروحْ يِبيعْ البَقر وِالمِعزَة وِالغَنمْ.
بعد ما خَلَّصنا من الشيخ حمود كانت فترة ثورة الـ36 انتَقَلْنا نتعلم في المدرسة القديمة (اليوم مدرسة السلام)، أول ما بدينا كان يعلِّمنا الأستاذ حسن أفندي السباعي كل المواضيع، ومدير المِدرَسِة كان فاضِلْ زيدان من إجْزِمْ قضاء حيفا، والأستاذ نايف خليفِة من صفد وشوْكَتْ دَلال من عكا.
صارت الثورة .. وكانو الإنجليز ســنة 1938 كُلّْ فَترَة يجو يعملو طوق عالبلد، ومَرَّة أجوا عِمْلوا طوقْ عالبلد وجمعوا أهل مجد الكروم على ساحة العين وصاروا يِعْمَلوا إحْصاء للناسْ. بعد ما جَمَعوا الناس بِالنهار، صاروا الإنجليزْ يعملوا استِحْكاماتْ ويُطلبوا من الزْلامْ يِعَبّوا شْوالاتْ تْرابْ ويُنقلوها لَمسافِة اثْنينْ كيلومِتِرْ تقريبا.
أعْلَنو الإنجليز أنّو اللي ما بيجي يسجِّل إسْمو بالإحْصا مَعْناه بِتْعاوَنْ مع الثُوّار ورايحين نِنْسِفْ بيتو ..أبويْ بْهذاكْ اليوم كان في شَعَبْ، رُحتْ ناديتو من هُناكْ، ولاقيتو يومْها قاعِد عِند المُختار رشيدْ فاعور، قلت لأبوي هيك هيك القصه في البَلد، قام أجا مَعاي عالبلد ولاقينا الجيشْ صارْ مِنِسْحِبْ.
لما بِدْيَتْ الحرب العالمية الثانيِة مع المانيا الإنجليز قَمَعوا الثورة بظرفْ أُسبوعْ واحد
قلت: يَعني إنتِ عاصَرتْ ثورِة الـ36؟... أبو سهيل: طَبْعاً كان عُمري حَوالي سَبَعْتَعشر سِنِة وبَذكُرْ لما بِدْيَتْ الحرب العالمية الثانيِة مع ألمانيا، الإنجليز قَمَعوا الثورة بظرفْ أُسبوعْ واحد.
بَعِدها...رحت اشتغل في المطار اللي بين المنشية وعكا وكفرياسيف.. كان المسؤول عن الشغل واحد إسمو اَوارْباخ وواحد إسمو ماكس.. والفورمَنِيِّة (مديرو الشُغُلْ) العرب محيي الدين سعيد وخليل علي من بلدنا... وبعدين انتَقلت أشتغِلْ على كامبْ الطَيران اللي بين المَنشِيِّة وكُفُرياسيف وبعْدو انتقلت لَكامبْ القنابِلْ (مخازن للسلاح).
بَنْشَرْ ما هو زينْ تْرُمْبيلِكْ زَكيِّة
قلت: بْتُذكُر سالْفِة في شُغلَكْ؟...
أبو سهيل: مَرَّة وإحنا مجموعين على لِفطور بكامب الطيران كان معانا واحد من البلد إسمو خالد الحَموديِّة، كان يزَمِّرْ على اليَرْغول...وانا صرت أغني وَراه وأقول:
بَنْشَرْ ما هو زينْ تْرُمْبيلِكْ زَكيِّة
القصيدِة إلها كَمالِة وناسيها بتْحكي عن صَبِيِّه من الدامون خَطَفْها واحد من مجد الكروم بسيارة ... وهو راجِعْ على جِسرْ الحَلزون شوفيرْ السيارَة قال: أنا خايف بَدّي أنَزِّلْكو هون ودَبْروا حالْكو.. قام أخدها عَريسها المجدَلاوي على البِروِة ، وبعدين أهِلها رجَّعوها من البروة عالدامونْ وجَوَّزوها لواحَد من ألعيلِه على عينَكْ يا تاجِرْ وبعدين قتلوها. وراحَتْ بعدها جاهَة من مجد الكروم وعملوا صُلْحَة مع أهل ألدامون.
وتابَعْ أبو سهيل: إسّا مْنِرجَعْ لأوَّلْ القِصَّه في الكامبْ مع خالِد الحمودي... وأنا أغنّي عن البِنتْ الدامونيِّة قاموا قَرايِبْها سِمْعوا ألغُنّايْ وصاروا يتوشْوَشوا... وحِمْلوا لِكْريكات وهاشوا عَليّْ بَدْهِنْ يُضُربوني.
قام الفورْمَنْ المسؤول عَنْ أهل الدامون (والِدْتو من مجد الكروم يعني خْوالو مَجادْلِة) قَلّْهِنْ: كل واحد بِمِدّْ إيدو أو بُضرُب حَدا من مجد الكروم ما يلومْ إلا حالو!.
طَخّوا عُصْمان داهِشْ خلايلة وهو في الطريق لَشُغْلوا في شارع ألناصرة في حيفا
وتابع أبو سهيل: انتقلنا لحيفا.. واشتغلت بكامب الجيش بالعزيزيِّة اللي صارت اليوم (محانيه دافيد)..بعدين تركت الشغل وصرت ابيع قهوة بالسوق في حيفا كل الليل أدور أطَقْطِقْ بِالفناجينْ وعلى حِسّْها يِطلعو الزباين، كانوا كُلّْ بوليصْ الغََفَرْ اللي على المينا زَبايْني.
ظليتْ بحيفا للـ48... وبَلَّشَتْ المناوشات وصاروا اليهود من فوق الحِسْبِه يِطُخّو على الناس. بَذكُر طَخّوا عُصْمان داهِشْ خلايلة (14 سنة) وهو في طريقو لَشُغْلوا في شارع ألناصرة في حيفا.
ظلّيتني أبيع قهوة في حيفا لتاريخ 15 أيار 1948 يوم احتلال حيفا. قبلْها بْأسبوع طَخّوا عَلَيّْ من الحِسْبِة، قُمتْ انهزَمْت ورَوَّحتْ على مجد لِكرومْ وما عُدتْ رْجِعتْ.
كُنّا إذا بَدْنا نِشربْ شُرْبِة المَيّْ نِدفَعْ حَقّها مَصاري
ظلينا في البلد لـ481030. مع المِِغربْ أعْلَنْ جيش الإنقاذْ إنّو مَمْنوعْ التَجَوُّلْ وانسحبْ عالهَدا... بَذْكُرْ أجا الزابِطْ صًلاح التُركي وعِمِلْ إجتماع بساحة العين لأهل البلد وقال: عِنْدي أوامِرْ إنّو أنِسْحِبْ من السيعة وَحَدِه الظُهُرْ، بَسْ أنا أخَذتْ الإشي على عاتقي وما انْسَحَبتْ لإسا... وبَنْصَحْ الشباب اللي عليهِنْ العينْ يِطْلعوا من البلد وباقي الناسْ تِبقى.
في ناس صاروا يحِمْلوا غْراضهِنْ ويِمْشوا.. وأنا وأخويْ جاد وأُختي كُرْدِيِّة وحياة إبِنْ عَمّي مْخيمَرْ طْلِعْنا عَدير الأسد عالماحوزْ وكَمَّلنا على كِسْرى وع َدير القاسْيِة حتى وْصِلنا عالرميشْ السيعة عشرة الصُبِحْ، وَلاّ شو العالَمْ هُناكْ زَيّْ النَمِلْ من كل البلاد.
يعني الناسْ ذاقَتْ الويل، كُنّا إذا بَدْنا نِشربْ شُرْبِة المَيّْ نِدفَعْ حَقّها مَصاري، من الرميشْ عاوَدنا مْشينا ورُحْنا على بنت جبيل ونِمْنا عِندْ واحَدْ من بلدْنا مِتجَوِّزْ مِتْواليِّة إسْمو كايِدْ أيوبْ، وفي الصباح قُمْنا نْزِلْنا عالسوق وظلّينا هناكْ لَبَعدْ الظُهر... ما شُفْنا الا هالهيزَعَة، والناس صارَت تُركُضْ يمين وِشمال وتقول: اليهود وِصْلوا على مارون الراسْ.. قُمْنا انْهزَمْنا لبلد إسِمْها (تِبنينْ) ورُحنا عِند واحد من بلدنا ساكن هُناك إسْمو حسين أبو تركي ونمنا عندو. صُرْنا نِتْنقَّلْ من بلد لَبلد حتى وْصِلنا (صور)... وبَعدين نْزِلنا على كامبْ صورْ أخذت شادِرْ وسجّلولي تِسِعْ أنفارْ وأعْطوني كَرتْ عشان الأعاشِة.
بعد ما أخَدتْ الشادِرْ والكرت مَرْقََتْ سيارة فيها ناس من بَلدنا: محمد أبو صلاح ويوسف أبو صلاح قلتلهن: لوين مروحين؟ ... قالولي: آه مْرَوْحينْ... أخذت أُختي كُرديِِّة وِطْلِعنا عالسيارة وروَّحنا عالبلد.
اليهود بدهِنشْ ايّانا والعرب بدهِنشْ ايانا !!! وين يَعني نروح!!
قلت: وكيف أخذتو بعدين هويّات؟...
أبو سهيل: في أوائل الـ49 أجوا موظّفين من دائرة الإحصا يِسَجْلوا الناسْ.. كان المسؤول داهود حَجّارْ من حيفا.... بهذاك اليوم عِمْلوا طوقْ على البلد وجَمَعوا الناسْ عند مقر الحاكم العسكري... في واحد من البِروِة إسْمو سليم إسعد، كان سمسار اراضي ، صارْ يِوَصّي على أهالي البروة... إللي كان يِقول إنّو من دار الكيال من البِروِة يِبقى في لِبلادْ، والباقين حَمّلوهِنْ بالباصات ونقلوهِنْ فوقْ يوكنعام عِندْ مفرق عسفيا والداليِة وحَطّوهِنْ على طريق ترابِيِّة بتودي على منطقة خُبّيزِة .. ونِزْلوا مشي على عرعرة لعند مَقرّْ الجيش العراقي ومن هناك نقلوهِنْ بالسيارات لمخيم (عين بيت إلما) في نابلس. وبتاريخ 13-1-49 عِمْلوا كمانْ مرَّة طوق على مجد لِكروم وجَمَعوا الناس في مقر الحاكم العسكري، وصاروا يِنقّوا الناس، إللي إسْمو مِشْ مْسَجَّلْ يوَقفوه على جَنبْ، وطَلّعوا كمان دفعة من الناسْ عالباصات، وكنت أنا واخوي جادْ من الجُمْلِة، ووَصَّلونا لمنطقة خُبّيزِة وقلولنا يلا اسْحَبوا.... واحنا ماشْيينْ ما شُفْنا إلا هالجندي من الجيش العراقي جايْ، وقالْ:وين يا شباب؟..قلنا: عالعرب.. قال:إرجَعوا من محل ما أجيتوا.. قلنا: شو هالحَكي اليهود بدهِنشْ ايّانا والعرب بدهِنشْ ايانا!!! وين يَعني نروح؟!.. تْعاطَفْ الجُندي مَعنا وقال:طيِّبْ أُقُعدوا هونْ إسّا أنا برجع لعند الزابط إذا أعطينا إشارَة خَضْرَة بِتفوتوا وإذا أعطينا إشارة حَمْرَة بْتِرجَعوا هيكْ التعليمات بشكل عام، بَسْ أنا بقولكو، بِشرط ما تقولوا إنّو أنا اللي قُلتِلكو: ما تْرُدّوا لا على إشارَة حَمْرَة ولا على إشارَة خَضْرَة.. ومِنْ هايْ الطريق بْتِنْزلو... فِعلاً نْزِلْنا على عرعرة بعد صلاة العشاء ونِمْنا بالجامع للصبح... .
في بلد سوريِّة إسمها (تُرّا) أكَلنا خُبِزْ شعيرْ
وتابع أبو سهيل: الصُبِحْ أجوا جْنود الجيش العراقي جابوا سيارات ومِشْيوا فينا بْطريق ترابيِّة وأخذونا طريق يَعْبَدْ على جنين، بَسْ ما استَقبَلونا بِحجِّة إنّو فَشْ محلاّت.. رِجْعوا فينا على نابلس ولاقينا أهل بلدنا هناك مْحَضْرين الشوادِرْ وجابولْنا تَمِرْ وعَجْوِة... وبعدين فرقوا حرامات وأعطونا شادِرْ.. كنت أنا وأخويْ جادْ وعلي أسعد أيوب من شعب والشيخ أمين حمزِه وإبنو من شعب، قَعدنا خَمِستَعشَر يوم بِنابلِسْ وخِلال هاي المُدِّة أجوا قالونا: كُلْ واحد بِحبْ يِعملْ هويِّة فلسطينيِّة ييجي على مركز البوليص عشان يقدر يسافر على لبنان...الكل راحوا عملوا هويات...أجا الشيخ امين حمزِة سألني: عملت هوية؟.. قلت:لا..قال: ليش؟..قلت: معناش مصاري كفايِة .. عْمِلتْ هويِّة بس لأخوي...قلّي: قوام روح اعمل هويِّة وانا قُدّامك.. أخذت مِنّو مصاري ورُحتْ عْمِلتْ هوية وتاني يوم سافرنا على عمان، ولما وصلنا أجا الشيخ امين اعطاني خمس ليرات ونمنا بالأوتيل وتاني يوم طلعنا على إرْبِدْ ومنها، صرنا نِتنقَّل على لِحدود الأُردنية السوريِّة من بلد لَبلد، وبَذكُر في بلد إسمها تُرّا أكَلنا خُبِزْ شعيرْ خْميلْ، هذول الحورانِة كانوا يبيعوا القمح ويعملو خبز من طحين الشعير.
إسّا إذا بيجي رئيس الجمهوريِة بشارة الخوري بْحالو مش رايحين نرجع
وتابع أبو سهيل: وصِلنا عالشام وِركِبنا بتاكسي وطلعنا على بيروت، وفي الطريق صارت الدنيا تشتي وتِنْدِفْ ثلج... وِمشينا بالثلج ولاّ جنود الدَرَكْ اللبناني سَبّقولنا وقالو: وين يا شباب من وين انتو؟.. قُلنالوا: من فلسطين.. قُمت أنا قُلتِلهِنْ: إسّا إذا بيجي رئيس الجمهوريِة بشارة الخوري بْحالو لهون مش رايحين نرجع.. قالولنا: طيب إمشوا إمشوا....ومشينا ووصِلنا على (راشَيّا) كانت لبيوت مش مبينة من الثلج..... وظلينا قاعدين بالسيارة للصبح نوَلِّعْ السيجارة ونُنْفُخْ بإيدينا عشان ندفيها.
وصلنا على بلد إسمها شقيف عند قرابِتْنا نايف رشيد، وكملنا على صور وقعدنا بمُخيَّم للاجِئين... أجا حياة صالح عبد الرحمن من البروة وقال: أنا نازل على فلسطين شو بتوصّو.؟.. قلتِلّو: قول لأبوي إنّو وصِلنا لِبنان بخير وسلامِة.
التقيت مع شبابْ من ميعار محَمْلينْ على الدواب عَرَقْ زحلاوي
بعد فتره قلت لأخوي: أنا بدي أروِّحْ اذا بدك تظل هون انتِ حُرّْ.. نْزِلتْ عالرميش التقيت مع شبابْ من ميعار ومعهِن شبّْ من كابول اسمو قاسم حمود، والمياعرِة كانو محَمْلينْ على الدواب عَرَقْ زحلاوي وبضاعَة تهريب.. مشيت معهِنْ، وإحنا طالعين بالطريق ...قال واحد منهِنْ إستنوا هون تأشوف الشارع اذا أمانْ.. وبعد ما فحص الطريق اعطانا إشارْة وكَمَّلنا... لما وْصِلنا الشارع وإلاّ بَلَّشْ لِقْواسْ علينا وواحَدْ في الجبل يصرِّخْ ويقول عليهِنْ يا عوض.
انا وقاسم حمود ظلينا نافذين نركض من بين زتون وتين سعسع وكمّلنا...شَلّحوا قُطّاع الطُرُقْ المَياعْرِة بْضاعِتهِنْ اللي معهن وتركوهن وفَلّوا.
أنا وقاسم مشينا بالوعر وأجينا غربي بيت جن ونزلنا على نحف وهناك قلت لقاسم: إنتي روحْ من هون على بير الخَشَبْ تحت الكانِة، وأنا من هون على مجد الكروم.
حنا نقارة طلّعِلنا هويات بقرار من محكمِة العدل العليا
قلت: ما قُلتِلّي كيف حصلتوا على الهويِّة وِبقيتوا؟..
أبو سهيل: روَّحتْ وأخويْ جاد لِحِقني بَعدينْ....اسا بهاي الفتره: وَزَّعوا قسايمْ الهوِيّات على الناس ...اللي غايب ما اخذ قسيمِه ... وشَنصْ إنّو أرقام هويات أهلي كانت مِتْسلسلِة، أبويْ رقم 37 ، وإمي 38 ، وأنا 39 ، وأخويْ 40 ، وجاد 41 ، وكرديِّة 42، ولطيفِة 43، وصبحي 44.
راح حياة عمي أبو مْخيمر عِند المحامي حنا نقارة (أبو طوني) وحكالو القصة.. ردّْ عليه أبو طوني وقللو: روح جِبْلي الأسامي وأرقام الهويّات... أجا عمي عالبلد وجمع 48 إسِمْ وأخذ أرقام الهويات ونزل أعطاهِنْ لَحنا نقاره... واخذنا قرار بمحكمة العدل العليا وحَصَلنا على الهويات واستقرينا ببلدنا، ووقف عذابنا وترحيلنا.
وإحنا نلعب الشدِّة، ما حسّينا والاّ أبو خضر الشويلي بِدُقْ عالباب
لما رْجِعنا من لبنان قعدنا اكثر من سنــِة مْهَجْهجينْ نْظلنا بالنهار بالوَعرْ وبالليل نيجي عالبلد لحد ما اخذنا الهوية،
وِاللي كانوا يمسكوه بلا هوية إمّا يحبسوه أو يُكُبّوه على الحدود، وانا مسكوني مرتين ثلاثِة .
مرّة كنت أسهر أنا والفهد علي لِحسين عند أهلو نِلعبْ الشدِّة.. كانوا يومها بِالنهار ناس مَتاولِة مبَيْضينْ نْحاس في البلد بدون تصاريح... راحوا اولاد الحلال فَسَدوا على أبوه للفهد حسين إنّو عِندو مَتاوْلِة من لبنان.
بَذكُر أجا البوليص أبو خضر الشويلي، وما حسّينا وإحنا نلعب الشدِّة والا هو بِدُقْ عالباب.. فات وصار يفحص الهويات...أنا ومحمد اخو الفهد علي لِحسين ما كان معنا هويات، أخذنا ابو خضر ونزِلنا عند المُختار الحجّْ عبد سليم مناع وطلب من المختار نظلّْ عِندو للصبِح... ردّْ عليه المختار: خلّيهِنْ مَعاكْ إسّا بِنهِزموا وبِتْحملوني المسؤولِيِّة... بَذكُر لَمّا طِلعوا قَدّامي من البيت قُمتْ ظَبيتْ كل الدُخّان اللي على الطاولِة وحَطّيتو بِجيوبي.. نزلونا على عكا وبيَّتونا بالنظاره للصبح... والظهر حَمَّلونا وكَبّونا على حدود لبنان... بَسْ إحنا في كلّْ مرّة كانوا يِكُبّونا كُنّا نِرجع بِنفس اليوم. حوالي 200 واحد اللي كانو مُطارَدينْ، وبفضل جهود المحامي حنا نقاره ابو طوني بقينا بالبلاد، ولمّا أخذنا الهويات عْمِلنا عُرسْ بالبلد.
موقع صحيفة الحقيقة الالكتروني 29/08/2008