حبيبتي معشوقتي من هي ....
انها بلدتي الحبيبة نوباالخير فلها مني كل الشوق والحنين الذي يكتنف مشاعري وانا اتذكر بلدي الارض والانسان والسماء والتراب والهواء اقولها وحالي كمتعبد صوفي في صومعته يهلل ويسبح ويتأمل الذكرى
يبهرني الكثير مما شاهدت بأم عيني ومما سمعت من الاهل والاقارب عن علاقة حميدة ما بين الانسان والانسان القريب والجار وابن البلد وما كان من آلفة ومحبة وتعاون كانت العلاقة طيبة صادقة حتى النخاع الكل يحمد الاخر والجميع قلوبهم على بعضهم البعض والخير بذرته موجودة في كل اهل نوبا لأنها صلة من الأباء تتصل في الأبناء
عندما تذكر نوبا امام اي شخص من ابناء الخليل يبادرك انها البلد الجميل والاهل المحترمين اهل العشرة واصحاب الدين والخلق الرفيع لا اجامل فيما اكتب لا بل هي الحقيقة عندما يقول لي زميل في عام الهجرة اي النكبة سكنا في نوبا وولدنا في نوبا وشوقنا دائم الى نوبا الارض والانسان لا بل انه ينتمي الى نوبا ويقول انا نوباني ليس لي بل للاخرين يقولها وبكل فخر واعتزاز وترفع رأسك عاليا بشموخ لماذا لأنها السيرة العطرة للأرض الطيبة والأنسان طيب المعشر ايضا الممتد جذره في تربة جبلت بدماء الصحابة والشهداء والصالحين فكان النبت من الأجداد والأباء والأبناء الطيبين
انا متيم وعابد وعاشق لكل ما ينتمي الى نوبا لا يكاد يمر يوما علي دون الحديث عن البلد بكل ما تعنيه لي من انها مسقط راسي وفترة طفولتي البسيطة وزياراتي القليلة الكبيرة في خاطري ومخيلتي فبحمد الله حباني الله تعالى بمعلم زاد فينا المحبة للبلد والأهل انه والدي جزاه الله خير الجزاءوالذي لديه من المعرفة بحال واحوال وشؤون كافة الأهل وزرع لدينا المحبة والأنتماء عبر القصص الجميلة الصادقة والبسيطة عن شريط الذكريات كيف كان الحال وكيف اصبحنا حدثنا عن كيفية توزيع الاراضي مابين العشائر والرباع وحتى مابين الفخذ الواحد وعن ايام صعبة للغاية بالنسبة لأجيالنا لكنهم يعتبرونها جميلة وممتعة من فلاحة وزراعة الارض وايام الشتاء والمطر وعن كيفية جني المحاصيل والتعزيب بعيدا عن البلد وكيف كانت الفزعة في جني المحاصيل الموسمية ايام الزيتون والحبوب على الجروون والبيادر وتخزين بركة الارض وغلالها في خوابي وروابي المنزل (العقد) وكيف كان الجميع يأتي للعونة في البناء وعن حال اهل البلد كأسرة ممتدة فيها الوالدين وابناءه المتزوجين والمعناة وضيق الحال الذي كان على مستوى البلد وكل فلسطين وعن ايام الافراح والاتراح والسهرات في الساحات وعن كيفية تأسيس المدرسة والجمعية وعن ايام الأعياد والمواسم الدينية ورفع البيارق وجلسات الذكر وعن قدسية نوبا بما تحويه من مقدسات ومزارات شهداء واصحاب كرامات واجمل شيء انهم ببساطتهم وتواضعهم فقد كانت لديهم اجندة سنوية تسمي الأيام والشهور والفصول بمسميات وخاصة ايام الشتاء من الزراعة التشرينية والاربعينية وسعد الذابح واخوانه والتي في مجملها تصلح لان تكون مسلسلا وفلما لا بل ملحمة تاريخية تأصلت في فكرنا ووجداننا عقيدة لا تتزحزح تحتاج الى التوثيق والعناية كموروث ثقافي محكي يشكل لنا ارثا حضاريا من مكنوزات الرجال الأوائل
اقول بصراحة انه اذا لم يكن في يومي حديث عن البلد اشعر وكأنني قصرت بعبادة من الشعائر الدينية المفروضة لله عز وجل وهذا قد يكون حال الأخرين من الاهل في بلاد الغربة فطوبا للغرباء
الحديث عن الذكريات يحتاج الى جهود كبيرة من الخيرين لعمل مدونات و كتب ومجلدات قد لا تتسع فهي بحاجة الى الموسوعات الأرشيفية حتى تجمع الماضي بالحاضر تحت مفهوم الأهتمام بالأصالة والمعاصرة.