عندما يحل الظلام، وتغيب الشمس عن الأوطان، ويذهب الناس لدفء فراشهم، نتذكر الأسرى – الذين لا يغيبون أصلاً عن البال- في سجون الاحتلال، هؤلاء العمالقة الذين حولوا زنازينهم إلى منارات للصمود وقهر للسّجان.
قد لا نسمع ندائهم ونجواهم مع جدران السجون السوداء ولكنها تدق بقلوبنا بلا رحمة، لتذكرنا بأناس ذوي نفوس عظيمة استعدت لأن تموت ليحيا شعبها وقضيتها.
ونستذكر هنا أحد هؤلاء الأسود، وهو الأسير علي فرج الله "أبو الأديب" من مواليد بلدة إذنا غرب الخليل عام 1966م ويبلغ من العمر الآن 47 عاماً، والمحكوم لمدة 22 عاماً في سجن ريمون الصهيوني – قضى منها 9 سنوات- .
توجهنا إلى بلدته ومسقط رأسه إذنا وتحدثنا إلى نجله أديب -22 عاماً- وقال:
" فجر يوم 27/5/2005 اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال البلدة وجاءوا إلى بيتنا بالتحديد الساعة الثالثة فجراً ، قاموا باقتحام المنزل دون سابق إنذار ، وعاثوا خراباً فيه وبمحتوياته وقاموا بتفتيشه بالكامل، ومن ثم قاموا بتقييد أبي واعتقاله بطريقة تعسفية ووحشية واقتادوه إلى جهة مجهولة".
وأضاف نجله قائلاً:" منعنا من زيارة والدي لمدة ثلاث سنوات متتالية، وبعد ذلك تم السماح لأمي فقط بزيارته، وسمح لنا أن نزوره كأولاد كل ثلاث سنوات مرة واحدة فقط".
وأوضح شقيق الأسير زكي فرج الله ان والداه توفيا وأخوه الأسير علي داخل السجن ، وآخرة مرة رآهم فيها كانت قبل تسع سنوات اي قبل اعتقاله بفترة وجيزة، لأنه تم اعتقاله بعد مطاردة دامت لفترة".
حياة الأسير أبو الأديب المأساوية لم تبدأ من هنا وحسب، فقد تم هدم منزله مرتين بعام 1989م، وتم اعتقاله بنفس العام لمدة ستة شهور.
وبين شقيق الأسير أن أبو الأديب ذهب للعلاج خارج البلاد، وتم اعتقاله مرة أخرى وهو عائد إلى أرض الوطن.
وكغيره من الأسرى يعاني أبو الأديب من حالة صحية صعبة وسيئة ، وذكر ابنه أن إدارة السجون لا تقدم له أي نوع من العلاج ولا من الأدوية.
ومن المعروف أن أبو الأديب رغم كبر سنه إلا أنه لا زال بروح الشباب، واكتشفنا من خلال السؤال عنه بأنه كان شخصية محبوبة وبارزة في بلدته، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وصل صيته إلى أبعد من ذلك ، فوصل اسمه إلى نابلس ورام الله وغيرها من المدن والبلدات وذلك لمواقفه البطولية والرجولية وتضحياته من أجل وطنه الحبيب.
نجل الأسير " أديب " رزق بطفل قبل سنة من الآن فأسماه بـ "علي" على اسم جده الأسير أملا منه بأن يكبر هذا الطفل ويخطو بنفس خطى جده وغير جده من شرفاء الوطن، وأن يحمل شعلة الأجيال القادمة في الدفاع عن أرضه وتحرير قدسه ومقدساته وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس.