الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وأصحابه ومن والاه. وبعد:
فقد ورثت عن والدي ( أحمد جبريل بار ود ) رحمه الله العاطفة الجياشة التي هي ينبوع الشعر وقد غمرني بحبه وكان هو أمياً وصوفياً.
وقريتي ) بيت دراس ( قريبة من ( عسقلان ) من لواء ( غزة ) جناتها وخيراتها رائعة الجمال ولا تزال منطبعة على قلبي . ولا أزال إلى يومنا هذا أراها في منامي عامرة بأهلها الكرام مع أني منذ عهد بعيد أطلال دارسة.
المرحلة الأولى من حياتي عشتها في تلك الجنة من جنات لسطين وهي أحد عشر عاماً وكانت في ظل الاستعمار فحولنا مطار عسكري إنجليزي ومستعمرة (بير طوفيا ( الصهيونية ، ومعسكر ( خسة ) الإنجليزي .وإلى الغرب معسكر ( ٦٩ ) الإنجليزي وبجواره إلى الغرب (معسكر أبو هم ) الإنجليزي، ومستعمرة ( نتسانيم ( اليهودية وإلى الجنوب الشرقي ) معسكر جولس ) الإنجليزي . درست في القرية حتى منتصف الصف الخامس الابتدائي وقُبيل هجرتنا تعاون أهل القرية على بناء مدرسة جديدة جميلة حتى الصف السادس الابتدائي وقد نسفها اليهود. وقد رأيتها وهي منسو فة باكية وكتبها مبعثرة بين الأنقاض وقد أخذت أحدها وأظنه لتوفيق الحكيم . ولم أنظم في تلك المرحلة شعراً. أما هجرتنا من الوطن ورحيلنا وتشردنا فقد بدأت في الشهر الثالث أو الرابع من عام ١٩٤٨ م بعد معركتين كبيرتين وكان ذلك قبل مجيء الجيش المصري . وقصة هجرتنا ملأى بالأهوال والعذاب.