العفيفي، محمد آغا: (توفي سنة 1832)
(آغا الإنكشارية في القدس مدة طويلة، وقائمقام متسلم اللواء فترات قصيرة. كان في سنة 1824 من زعماء تمرد سكان القدس على الحكم التركي. وعندما تغلبت الدولة على المتمردين هرب إلى مصر، وبوساطة محمد علي عفا السلطان عنه. فعاد إلى القدس وسكنها ثانية حتى جاء جيش محمد علي لفتح البلاد، فكان من أوائل المتعاونين مع الحكم الجديد.)
هو محمد آغا بن عبد الرحمن عفيفي زادة. والعفيفي هي إحدى العائلات المقدسية التي كان من أبنائها كثيرون من أصحاب السيف والقلم. تجند محمد آغا من صغره، كما يبدو، في جند الإنكشارية المحليين (اليرلية)، وترقى حتى أصبح آغا فرقة الإنكشارية في القدس. وقد شغل هذه الوظيفة مدة طويلة في أوائل القرن التاسع عشر حتى أصبح أحد أعيان المدينة البارزين. واعتمد ولاة الشام عليه معاوناً للمتسلمين في لواء القدس. وكثيراً ما عين متسلماً في القدس بالوكالة، بالإضافة إلى وظيفته الدائمة في قيادة جند الإنكشارية. وقد حاولت السلطات العثمانية في العشرينات تعيين آغا تركي لفرق الإنكشارية، لكن من دون نجاح. وفي سنة 1824 قام أهالي القدس، وبالتعاون مع الفلاحين، بثورة على متسلم القدس وجنوده وطردوه من المدينة. وكان محمد آغا، بحكم وظيفته، أحد قادة هذا التمرد، بالإضافة إلى أحمد آغا الدردار، قائد القلعة. وبعد أن نجح الأتراك في إعادة سلطتهم على المدينة بوساطة جيش عبد الله باشا، والي صيدا، هرب محمد آغا والتجأ إلى محمد علي باشا في مصر. وتوسط هذا عند السلطان والي الشام حتى صدر العفو عن محمد آغا الذي عاد إلى القدس سنة 1824 وتسلم منصبه ثانية. وقد جاء في كتاب تعيين محمد آغا وعزل سابقه خليل آغا أنه بسبب «عدم امتزاج خليل آغا مع الوجاقلية.» لكنه لم يبق في وظيفته إلا مدة قصيرة، وذلك لإبطال جند الإنكشارية في القدس أيضاً في أواخر سنة 1826. وظل محمد آغا في المدينة بعد ذلك لكنه أصبح من المتضررين من إصلاحات السلطان محمود الثاني. فلما جاء جيش محمد علي لفتح البلاد في أواخر سنة 1831 اتصل محمد آغا به ونقل له أخبار القدس أولاً بأول. فكان بذلك يرد الجميل إلى والي مصر الذي ساعده سنة 1824، ويحاول أن يجد لنفسه منصباً جديداً في خدمة الحكام الجدد. لكن المنية لم تمهله كثيراً، فقد توفي في صيف سنة 1832. وخلف بعده من الذكور اثنين هما: عبد الرحمن وخليل، فقسمت وظائفه وتركته بينهما. وقد برز خليل أكثر من أخيه، فكان عضواً في مجلس شورى لواء القدس، ثم مدير الأوقاف فيها. وقد نفته الدولة سنة 1854 إلى العاصمة العثمانية مع بعض أعيان مدينة القدس. ولا ندري ماذا جرى له بعد نفيه من البلاد، ويبدو أنه أمضى باقي عمره بعيداً عن وطنه.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع