وفي دعوى قضائية مؤرخة في شباط 1862 مؤشرات على بعض المسائل ذات الصلة. ففي ذلك الشهر إدعى حمد إبن محمود الرماني، وهو فلاح من قرية بيتا، كرسي ناحية مشاريق نابلس المعروفة أيضاً بإسم مشاريق البيتاوي، أن نسيبه خضر الرماني كان شريكاً له ".... في سلم زيت وأخذا مبلغاً من الدراهم من السيد محمود هاشم (صاحب مصبنة غني من أبناء المدينة) على الإشتراك فيما بينهما وأسلماه للغير وربح الزيت المذكور وخص المدعى المذكور عشرة أجرار زيت من الربح ويريد... أخذ ذلك من المدعي عليه بالوجه الشرعي كون أن الزيت المذكور تحت يد المدعى عليه سئل المدعي عليه عن ذلك أجاب بالانكار لذلك كله..."
وقد عجز حمد عن إثبات أن نسيبه منع الزيت عنه، فخسر الدعوى.
إن مصطلحي "طبقة وسطى ريفية" و "فلاحين وسطاء" يستعملان في الإشارة إلى أولئك القرويين الذين ميزتهم أراضيهم ومواردهم المالية من معظم أقرانهم من الفلاحين، ومن العائلات الريفية الحاكمة، كحمولة الحاج محمد التي كانت مستقرة بقرية بيتا أيضاً.
ويبدو، إستناداً إلى تكرر ظهورهم في محكمة نابلس الشرعية، أن عدداً غير قليل من عائلة الرماني كان ينتمي إلى هذه الطبقة الوسطى الريفية، التي رسخت أقدامها في هذا الموقع منذ أواسط القرن التاسع عشر، إن لم يكن من قبل. فمن ذلك مثلاً، أن ستة من أفراد عائلة الرماني – وهم حماد بن محمود، وخضر وولداه (أحمد ومصطفى)، وإبراهيم وإبنه (أسعد) – كانوا جميعاً من مسلفي المال النشيطين، وأداروا شبكة واسعة من عقود السلم على زيت الزيتون، وبنسبة أقل على السمسم. وكانوا يبيعون هذه المحاصيل لأصحاب المصابن ولتجار الحبوب في المدينة. كما أنهم كانوا يقرضون المال من دون فائدة أيضاً. وكانت هذه المعاملات تتم مع أقرانهم الفلاحين من أبناء القرية نفسها (بيتا) أو من اأبناء القرى المجاورة، مثل بيت فوريك أو قبلان.
إعادة إكتشاف فلسطين
أهالي جبل نابلس
بشارة دوماني