منذ القرن السابع عشر حتى القرن العشرين، كان الكثيرون من رجال آل عرفات – شأنهم في ذلك شأن سواهم من رجال عائلات التجار الأصيلة الأخرى- من علماء الدين، كما يظهر من ألقابهم المثبتة في شجرة العائلة.
كما كانت المصاهرات أساسية هي الأخرى. وفي حال آل عرفات، كان النمط السائد هو الزواج من داخل العائلة. وكان العرف المألوف أن يتزوج الرجال من آل عرفات بنساء من آل عرفات، أو ان يزوجوا بناتهم برجال من آل عرفات. وقد حمى ذلك ممتلكات العائلة وثروتها من التفتت. ومن الجائز أن هذا النمط كان قائماً في القرن الثامن عشر، لكن من المؤكد أنه كان مألوفاً في القرن التاسع عشر، كما يظهر من وثقائق المحكمة الشرعية في قضايا تتعلق بأبناء الإخوة وبناتهم.
أما الحالات التي تزوج فيها رجال من آل عرفات، أو نساء، من خارج العائلة، فالخيارات تظهر تفضيلاً واضحاَ لأزواج جمعوا بين المكانة الدينية الرفيعة وملكية المصابن، أو الإشتغال بتجارة الأقمشة؛ وهذا الإتجاه أضعف من الأول. فعبد الرزاق، مثلاً تزوج من عائلتي هاشم (الحنبلي) والفتياني. وكان لآل الفتياني تراث عريق في الإتجار بالأقمشة كما كانوا معروفين بانهم عائلة علماء دين. فمن هولاء من علموا نظاراً على أوقاف مسجد النصر، منذ القرن الثامن عشر، على الأقل، حتى أواخر القرن التاسع عشر. وقد خرج من فرع بني هاشم من آل الحنبلي نفر من علماء الدين البارزين خلال العهد العثماني. كما انهم حافظوا على تراث طويل من الإشتغال بإنتاج الصابون. وكانت هاتان المزيتان، ولا سيما الأخيرة منهما، مشتركتين عند معظم العائلات الأخرى التي إرتبط آل عرفات بها من خلال التزاوج والمصاهرة، ومنها: بشّه، وقاضي – شويكة، وشموط والصدر والتميمي وتفاحة والبشتاوي.
كانت الأسباب الكامنة وراء هذه الخيارات واضحة الى حد ما. فآل عرفات يتحدرون من تراث طويل من الشخصيات الدينية المثقفة، ولذلك كانوا يرغبون في التزوج من عائلات تتمتع بمكانة مماثلة، وفي مصاهرتها. غير أنه من الحري بنا ملاحظة أن عدد المشايخ من آل عرفات تراجع بصورة لافته خلال القرن التساع عشر، في حين راح لقب "سيد" يطلق عليهم جميعاً تقريباً. ولقب "سيد" يشير إلأى أن صاحبه يتحدر من سلالة النبي محمد علية الصلاة والسلام، وكان يدل خلال ذلك العصر على ان "سيد" أول مرة خلال تلك الفترة، ومن المرجح جداُ أن يكون إدعاؤهم الإنتساب إلى سلالة النبي إختلاقاً. وفي هذا الصدد، فلعل علاقة آل عرفات بآل هاشم الحنبلي، الذي هيمنوا على منثب "نقيب الأشراف" قد أثبتت جدواها. وفعلاً فإن آل هاشم نالوا النصيب الأكبر من التزاوج خارج العائلة.
إعادة إكتشاف فلسطين
أهالي جبل نابلس
بشارة دوماني