
ولدت قبل النكبة بأشهر قليلة، والحرب التي أخذت من عائلتي أرضها، أهدتني يتمًا مبكرًَا، فوالدي استشهد نهاية عام 1948م عندما نصبت له العصابات الصهيونية لغمًا في قريتنا، حيث كان يتسلل إلى هناك بين فترة وأخرى مع بعض الرجال من أجل إحضار بعض المستلزمات التي لم يحملوا منها شيئًا عندما تم تهجيرهم من بيت جبرين، كانت الهدنة الأولى قائمة، والحرب تأكل كل من يقف في طريقها.
من مجتمع كامل له قيمه وثقافته وعاداته، إلى مجموعات متناثرة، استقرت عائلتي في منطقة السِفلة على حدود التقسيم منتظرة عودة قريبة لمدة عام تقريبًا، لكن الواقع كان أسوء مما احتملنا، فجمعنا ما تبقى منى ورحلنا نحو مخيم الفوار، وهناك جلسنا نحتضن آخر أحلامنا بالعودة تحت خيام وكالة الغوث وقرارات الأمم المتحدة، ومرضت أمي بالمنفى وكانت يافا التي تذهب للعلاج فيها، أبعد من المستحيل، لذلك اختارت مكانًا على طرف المخيم تحلم فيه كما تشاء.
بالرغم مني أني لم أعش في بيت جبرين إلا أني حفظتها عن ظهر قلب من كلام الناس عنها، وفي فترة شبابي عندما كانت تخرج المظاهرات من المخيم نحو الخليل، كانت شعارات وهتافات الناس تصل إليها، حتى في أعراسنا وأتراحنا، كنا لا نستحضر شيئًا سواها، في كل مكان ومخيم ومدينة توزع فيه أهلها، كنت أراها بالرغم من عدم معرفتي بها.
جانب من لقاء فريق التأريخ الشفوي التابع لنادي الندوة الثقافي بمشاركة فريق نخيل الخليل/ مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، يوم أول أمس الثلاثاء 10\12\2024، مع الأستاذ (عفيف غطاشة) مواليد بيت جبرين عام 1948، الشكر موصول له ولعائلته على حسن الضيافة والاستقبال.
المصدر: نادي الندوة الثقافي
12/12/2024
