ذاكرة لا تموت: "هوية" توثّق شهادة الحاج محمود عبد حنينو عن ترشيحا قبل النكبة
في مبادرة توثيقية تهدف إلى ربط الأجيال الفلسطينية بذاكرة الوطن، قامت مؤسسة هوية بالتعاون مع الأستاذ زياد غضبان، بتسجيل شهادة الحاج محمود عبد حنينو "أبو ميمون" (مواليد عكّا – قرية ترشيحا عام 1943)، وذلك في مخيم النيرب بمدينة حلب. ويُعَدّ أبو ميمون من كبار المعمّرين الفلسطينيين في سورية، ويحظى بمكانة رفيعة في قلوب أبناء المخيم.
استعاد الحاج ذكرياته عن قريته ترشيحا قبل النكبة، فبدأ بالحديث عن والده المزارع الذي كان يزرع الخضراوات والتبغ، ثم وصف منزل العائلة البسيط: غرفة واسعة بجدران سميكة يتوسطها مخزن للمونة. وتحدّث بشغف عن دفء العلاقات بين الأهالي، حيث كانت توجد فتحة صغيرة بين كل بيت وآخر لتبادل الأغراض، في صورة صادقة عن الألفة والتكافل.
كما استعاد صورة القرية بمرافقها القليلة: مدرسة واحدة حتى الصف السابع، وروضة (كُتّاب) تعلّم فيها الأبجدية، من دون وجود مستشفى أو مصحّ، فيما كان مسجد القرية العريق بإمامة الشيخ أحمد المصري، خريج الأزهر الشريف، مركزًا روحانيًا لأهلها. وأشار أيضًا إلى وجود كنيستين (كاثوليكية وأرثوذكسية) ومضافة يجتمع فيها الأهالي.
وفي مشهد مؤثر، روى كيف كان يتقاسم مع إخوته السبعة تفاحة واحدة، في رمز للبساطة والرضا. ثم انتقل إلى سرد تفاصيل الهجرة عام 1948، ومعاناة التنقل تحت القصف، مؤكدًا أن ترشيحا صمدت أربعة أشهر بعد سقوط القرى المجاورة.
ولم ينسَ الحاج أن يتحدث عن عادات القرية، من أهازيج الأعراس إلى الكبة الترشحاوية التي كانت تُدق في المهداج رمزًا للفرح، .
واختتم شهادته بحلم العودة، قائلاً بنبرة مؤثر."
حق العودة لا يسقط بالتقادم ومابتنازل عن حبة تراب من أرضي ودعاؤه لأهل غزة بالصبر والثبات كان ختامًا صادقًا لشهادته التي تحفظها الذاكرة وتورّثها الأجيال
