هويّة تلتقي شاهد النكبة الحاج الأستاذ أحمد سليم الدّعّاس من قرية طيرة حيفا
1 كانون الأول 2025 – سورية/حلب
أ. زياد غضبان
التقى مندوب “هويّة” في حلب أ. زياد غضبان، يوم الاثنين 2025/12/1، بالحاج الأستاذ أحمد سليم الدّعّاس، من مواليد عام 1946 ومن أبناء قرية الطيرة قضاء حيفا، وذلك ضمن سلسلة اللقاءات التوثيقية لشهود النكبة.
استعاد الحاج أحمد ذكريات طفولته وما نُقل له من آبائه وأجداده عن قريتهم طيرة حيفا، الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً من مدينة حيفا، والمشهورة بمناخها المعتدل وطبيعتها الجميلة وجودة خضراواتها. وأشار إلى القرى المجاورة كالطيرة وإجزم وصفد…
وتطرّق إلى معالم القرية قائلاً إن الطيرة كانت محاطة بالصخور والآثار التي يقصدها السياح، ويغلب عليها الطراز العربي ببيوت واسعة تترافق بإسطبلات لتربية الأنعام. واستعاد بعض أسماء العائلات من جيرانه: عِلّو، الناجي، الدويسة…
ونقل عن أخيه الأكبر محمد أنه درس حتى الصف الرابع وتعلّم اللغة الإنجليزية بطلاقة إلى جانب بقية العلوم. وأضاف الحاج أن القرية كان فيها مسجدان: مسجد فلسطين ومسجد الأقصى، وكانت تهتم بتحفيظ الأطفال القرآن قبل دخولهم المدرسة، كما تميّزت الطيرة بالتعايش المتين مع الإخوة المسيحيين.
وبفخرٍ تحدّث عن “المضافة” التي كان يديرها مختار القرية، جدّه الأكبر حسن الدّعّاس، حيث كان يجتمع فيها الثوار ويخططون للدفاع عن القرية عند تعرضها للهجوم. ثم انتقل للحديث عن أسواق الطيرة التي عُرفت ببيع المحاصيل من الحبوب والزيت وغيرها، إذ كانت أراضيها مروية من ينابيعها العذبة. كما لُقّب أبناء الطيرة من الصيادين بقولهم: “قوّصوا البحر” لتميّزهم في صيد الأسماك وبيعها في أسواق حيفا.
وفي الأجواء الاجتماعية، روى الحاج أحمد:
“كانت أعراس الطيرة تشبه أعراس بلاد الشام؛ تستمر أسبوعًا كاملاً، وتُقام الدبكات وتُقدّم الذبائح والولائم، وتُزفّ العروس على الفرس مساء الخميس. أما في رمضان، فكانت تُقام حلقات الإفطار أمام المنازل وفي الشوارع الرئيسة. وكان الأهالي يهتمون باللباس العربي الأصيل؛ الحطة والعقال والشروال الواسع، كجزء من ملامح حضارتهم.”
وعن أحداث النكبة قال الحاج أحمد إنه هُجّر وهو ابن سنتين، كما أخبره والده، إذ خرج أهل الطيرة آخر الناس عقب اشتداد غدر العصابات الصهيونية المدعومة بالانتداب البريطاني، وما رافق ذلك من قصف بالطائرات والقذائف. واضطر السكان للهجرة قسرًا، حيث نقلتهم السيارات والباصات إلى الأردن، فمنهم من بقي هناك، ومنهم من تابع إلى سورية ولبنان.
وذكر بحسرة أن جدّه حسن الدّعّاس رفض الخروج وبقي في القرية، ولا يزال مصيره مجهولًا حتى اليوم.
وتابع الحاج أحمد حديثه عن سنوات اللجوء قائلاً إن العائلة تجاوزت مرارة الغربة، فواصل تعليمه حتى درس أربع سنوات في دار المعلّمين بحلب عام 1967، ثم عمل مدرسًا في مدارس المدينة قبل أن يُعيّن مديرًا لمدرسة الجَبّول في الريف الشمالي لحلب، واستمر في عمله حتى تقاعده عام 2006.
وختم قائلاً:
“أنا أرفض التوطين والتعويض عن أرضي. لا أنكر أننا في بلد عربي كريم؛ فبلاد الشام وطن واحد أينما كنا… لكننا نريد العودة إلى أرضنا قريبًا بإذن الله.”
وأضاف: “دعائي للأبطال في غزة، والنصر قريب وقادم بإذن الله تعالى.”
