ولد الشيخ كمال خطيب في 25/8/1962، في قرية صغيرة من قرى الجليل تعدادها لم يزد يوم ميلاده عن 800 فرد، تدعى "العزير" في سهل البطوف، لأسرة متواضعة لأبوين عاملين مرة بالأرض وفلاحتها ومرة ما عمل به غالبية الفلسطينيين تقريبا وهي مهنة البناء، فعمل والده أجيرا في الشركات الإسرائيلية.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة القرية، وانتقل في المرحلة الثانوية مدرسة أهلية تبشيرية خارج القرية اسمها كلية "تراسنتة" في مدينة الناصرة، وشكل الانتقال من القرية إلى المدينة حالة متميزة في حياة الشيخ خطيب خاصة في ظل وجود مسلمين ومسيحيين في المدرسة. وعن ذلك يقول الشيخ كمال خطيب: كان لي مشاركة لا أنساها لليوم، ففي الشهر الخامس من كل سنة، كانت المدرسة تعلن عما يسمى الشهر "المَريمي" حيث يكرس للحديث عن مريم العذراء أم سيدنا المسيح-عليهما السلام-، وكطالب مسلم طلب مني أن أقدم أي شيء يخص السيدة العذراء، فتلوت آيات من سورة مريم تحدثت عن قصتها وميلاد السيد المسيح عليه السلام.
انتقال الشيخ خطيب للناصرة رافقه نشاط سياسي متواضع، حيث يقول "هذا النشاط كان يقوم به الوالد وأخي الأكبر مع من كانوا تقريبا من مثل هذا الجيل، هو التعبير عن القناعات الوطنية من خلال الحزب الشيوعي الاسرائيلي، بتفاوت طبعا هي أن تكون قناعات او مجرد تعبير عن الرؤية الوطنية من خلال متنفس واحد كان يومها الحزب الشيوعي وصحيفته "الاتحاد" التي كانت وسيلة الإعلام الوحيدة التي يتعاطى بها العرب في إسرائيل آنذاك".
ومرت تلك المرحلة بحدث مميز في الوسط العربي، ألا وهو يوم الأرض الأول عام 1976، وما رافقه من سقوط لعشرات الشهداء والجرحى دفاعا عن الأرض.
ويمضي الشيخ خطيب قائلا: "جاء العام 1979، عشنا مع من عاش أحداث الثورة الإيرانية وهروب الشاه وعودة الخميني، ضمن مصطلحات وشعارات دينية وإسلامية، والتي بدون شك جعلت التفكير يتباين بين تفكير بالانتماء الإسلامي أو بالانتماء الوطني والجري خلف ومع من جرى ضمن مركبات المؤسسة الاسرائيلية، كل هذه العناصر راحت تختمر حتى نضجت على شكله الذي عليه أحمد الله سبحانه وتعالى".
ويتابع "في ذات العام، كانت زيارة الرئيس السادات لإسرائيل بعد توقيع اتفاقية السلام، فبرز لدي توجه لدراسة الشريعة الإسلامية في مصر، وكان ذلك بغير حالة انتماء ديني واضحة، بقدر ما كانت عاطفة دينية، وكان المحفز الأول هو والدي -رحمه الله- الذي لم أجد عنده أي ممانعة، بالرغم من أن الحديث يومها عن دراسة الدين والشريعة كانت تعتبر حالة فريدة، لكن آفاق تحقيق هذه الأمنية كانت مستحيلة، لذلك كان توجه لكلية الشريعة في جامعة الخليل بالضفة الغربية".
بلورة الشخصية الاسلامية
رتبت أوراقي وذهبت للتسجيل، فسمعت عن طلبة لم أكن اعرفهم من قبل كانوا قد درسوا هناك، كالشيخ رائد صلاح، والشيخ هاشم عبد الرحمن، والشيخ خالد مهنا، وأخوة آخرين، ولم ألتق بهم إلا بعد تخرجهم ومن خلال زيارات كانوا يقومون بها للجامعة.
وفي هذه المرحلة تشكلت شخصيتنا الإسلامية عبر الالتقاء مع خيرين من العاملين للمشروع الإسلامي في الخليل، منهم من يقبع الآن في السجن، أمثال الشيخان جمال وعبد الخالق النتشة.
العام 82 مثّل عاما مفصليا في تاريخ الشعب الفلسطيني بعد احتلال اسرائيل للعاصمة اللبنانية بيروت، ووقع العديد من المجازر أهمها في مخيمي "صبرا" و"شاتيلا"، وهذا شكل حالة من التباين بين الأمل بنجاح المشروع الذي نؤمن به وبين اليأس من عدم نجاحه.
في العام 83 شهدت مشهد لن ينسى من الذاكرة، والذي تمثل بدخول مجموعة من المستوطنين وإطلاقهم القنابل والرصاص داخل حرم جامعة الخليل، وكنت مع بعض الزملاء جالسين في رواق الجامعة، واستشهد يومها ثلاثة زملاء...وتبين بعد ذلك أن مجموعة المستوطنين كانوا يلبسون الملابس الفلسطينية.
هذه المرحلة ساهمت في تشكيل شخصيتي مع انتمائي للكتلة الإسلامية ومنافستها للكتلة الوطنية التي كانت تقودها حركة فتح، ممل دفع باتجاه بلورة الشخصية أكثر، ويومها كنت ممن خاضوا الانتخابات ضمن الكتلة الإسلامية وتشكيل مجلس الطلبة في جامعة الخليل.
مشروع الزواج
في نهاية السنة الثالثة عام 83، بدأ مشروع التفكير في الزواج، كون التفكير أصبح أكثر للعودة وخدمة العمل الإسلامي في المنطقة، وباعتبار عدم وجود أخوات داعيات وواعظات، فذهب التفكير إلى إمكانية أن تكون الزوجة فعلا أخت عاملة للإسلام، وهذا ما كان وتيسر مع "أم معاذ" ابنة القدس ، وأنهيت السنة الرابعة لي في الجامعة بالانتساب ولم انتظم بالدوام بسبب الزواج.
تزامن هذا مع قرب الانتهاء حينها من افتتاح مسجد عمر بن الخطاب في قرية "كفر كنا"، فتحدث معي بعض الأخوة وتم الاتفاق على أن آتي إلى "كفركنا" إماما وبقيت هناك حتى اليوم.
قيادي اسلامي منذ الانطلاقة
حتى تلك الأيام لم يكن هناك حالة انتظام مع مشروع الحركة الإسلامية، خاصة وأن حدثا جللا أصاب المشروع المبتدأ حينها تمثل بضرب ما يسمى "أسرة الجهاد" واعتقال الشيخان عبد الله نمر درويش ورائد صلاح وآخرين، لكن بعد خروجهم عام 83 بدأ انتظامنا كأخوة كل يعمل في منطقته، وتعارفنا على العمل للمشروع الإسلامي والتقينا عليه دون سابق علاقة تنظيمية، لكن اللقاء كان على مدرسة واحدة كلنا ينتظم إليها وهي مدرسة الأم الحركة الإسلامية العالمية.
ويتابع الشيخ خطيب قائلا "الحقيقة أنني ولعل هذا اعتبره إما أن يكون فضل الله عز وجل او يكون حالة من الابتلاء والامتحان او أن يكون هو ظرف الواقع، أنني ما عُرفت إلا وأنا أتحمل مسؤولية، سواء كانت عمل دعوي في قرية مهمة جدا مثل "كفر كنا"، في ظروف ومركبات اجتماعية وعائلية فريدة من نوعها وصعبة، حيث كانت مضرب المثل لما يجري بها من شجارات عائلية منذ سنوات الخمسين والستين، وقسمت القرية إلى كتلتين اجتماعيتين اثنتين وبالتالي الخوض في طرح المشروع الإسلامي ضمن هذه المتناقضات وهذه التعقيدات لم يكن أمرا سهلا".
بين عامي 84/85 بدأنا بتشكيل لافتة العمل الإسلامي بإقامة بعض المؤسسات كرياض أطفال، ومراكز متواضعة لتعليم الأطفال في المساجد، من خلالها بدأ واقع الحركة الإسلامية يلقي بثقله، خاصة مع وجود السلطة المحلية في قرية "كفر برا" تحت إدارة الحركة الإسلامية من خلال الأخ كامل ريان، وهنا برز صوت داخل البيت الإسلامي يطالب بضرورة الاستفادة من هذا الزخم بخوض انتخابات الكنيست الإسرائيلية، التي كانت ستجري في العام 89، لكن تجاوزناها عبر قناعة أن الظرف ليس مناسبا وأن الحركة الإسلامية يجب أن تذهب لتوطيد نفسها وذاتها، وتحديد معالم سيرها، إضافة إلى قناعات أن خوض الكنيست يجب أن لا يكون هو المنبر الذي تذهب الحركة الإسلامية باتجاهه ، وفي ذات العام قادت الحركة الإسلامية المزيد من السلطات المحلية من ضمنها بلدية ام الفحم.
أحداث احتلال العراق للكويت عام 1990 وما أعقبها من تطورات ألقت ظلالها على منطقة الشرق الاوسط ، في نفس الوقت كانت الحركة الاسلامية في حالة نمو واتساع عن هذه الفترة يحدث الشيخ كما خطيب : " العام 1990 بدون شك جعلنا نعيش كلنا عربا ومسلمين حدث احتلال العراق للكويت وما أعقبت ذلك من حرب الخليج الاولى وتوابعها بدون شك على المنطقة ، فهذه الحرب كان تمثل بداية لما يسمى مشروع السلام في الشرق الأوسط ، في أعقاب مؤتمر مدريد والكشف عن اتفاقية اوسلو وتوقيعها وبداية عودة السلطة الفلسطينية الى غزة وتشكيل ملامح ما يسمى الدولة الفلسطينية ، كل هذا كانت فيه الحركة الاسلامية في حالة نمو لا بد من الاشارة الى ان هذه المرحلة كان يواكبها إضافة الى المؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية للحركة الاسلامية النشاط الاعلامي الذي كان يومها يتمثل بمجلة الصراط والتي كان لي فيها بعض الكتابات المتواضعة ، هذا الامر طبعا تقدم والحمد لله لتكون صحيفة صوت الحق والحرية ، والتي بدأت كذلك فيها بكتابات لم تكن كتابات منتظمة وكلها دون شك كانت ضمن الواقع الذي نعيشه ".
الكنيست والمرحلة المفصلية
ويعتبر العام 92 عاما فارقا، فقد عادت قضية مشاركة الحركة بانتخابات الكنيست لتطفو على السطح، فكانت الظروف تشير لملامح مرحلة غير عادية ستمر فيها الحركة عبر إصرار البعض خوض تلك الانتخابات أمام الكسب الجماهيري الذي كانت تحظى فيه الحركة الإسلامية، لكنها تجاوزت تلك المرحلة بسلام.
لكن انتخابات الكنيست عام 96 قادت إلى مرحلة مفصلية في تاريخ الحركة الإسلامية، وعنها يقول الشيخ كمال "تمثلت تلك المرحلة بوجود جسمين اثنين داخل الحركة، جسم أصر على خوض الانتخابات وخاضها بالفعل، وجسم يمثله الشيخ رائد صلاح وآخرون ارتأينا أن مصلحة العمل الإسلامي ليست في خوض الانتخابات، وكانت يومها -والحمد لله- قراءة مصيبة، وما نعيشه كواقع الآن يؤكد على صدق ما ذهبنا إليه".
واعتبر الشيخ كمال هذا الظرف ظرفا غير عادي : " لا شك أنّ هذا الظرف ليس عاديا، ان يظهر بعض رموز في الحركة الاسلامية في أعين البعض وكأنهم شقوا الحركة الاسلامية وكأنهم عمدوا على اضعافها ، خاصة الأخوة الذين ذهبوا للانتخابات ، من الذين حقيقة أساؤوا ورمونا بصفات كبيرة ، ترفّعنا عن الرد عليها وسنظل كذلك ان شاء لله ، لكن الواقع يشير الى ان ما ذهبنا اليه كان يمثل الصواب وما فيه مصلحة العمل الاسلامي ، والحركة الاسلامية والحمد لله "
المسجد الأقصى في بؤرة الاهتمام
ويتابع الشيخ كمال "شكل عام 96 أيضا بداية حضور الحركة الإسلامية في قضية المسجد الأقصى المبارك، عندما أعلن "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها افتتاح ما يسمى نفق "الحوشمونئيم"، تحت المسجد الأقصى فوقعت مواجهات عنيفة سقط إثرها عشرات الشهداء من أبناء شعبنا بالضفة والقطاع، بدورنا نظمنا أول مهرجان تحت عنوان "الأقصى في خطر"، وبدأ حملنا لهمّ المسجد الأقصى عبر مشروع إعمار المصلى المرواني والمسجد الأقصى القديم، وكانت الذروة في افتتاح المصلى المرواني ثم الاستمرار بمشروع نصرة المسجد الأقصى المبارك.
اعتقال " رهائن الأقصى "
ومثلت مرحلة اعتقال الشيخ رائد صلاح ومجموعة من أخوانه الذين عرفوا فيما بعد بـ"رهائن الأقصى" مرحلة بالغة الأهمية لدى الشيخ كمال خطيب بشكل خاص وللحركة الإسلامية عامة.
يقول الشيخ الخطيب: "وقوف الحركة بشكل واضح أمام السعي لتهويد المسجد الأقصى، وكشفها للنبوءات اليهودية بأنه أقيم على أنقاض الهيكل المزعوم، جعلها في مواجهة مباشرة مع المؤسسة الإسرائيلية التي لم تعتدّ لا بالعرب ولا بالمسلمين، ولا تكترث لإمكانياتهم العسكرية أو الاقتصادية، وبالتالي أصبحت تتعاطى معنا نحن الجسم العربي الفلسطيني وهي التي تنظر إلينا نظرة المزدري والمستضعف".
ويتابع الشيخ كمال خطيب "كان لا بد لكل عاقل أن يدرك أن الحركة الإسلامية ستتعرض لامتحان وابتلاء أو تقليم أظافر وقص أجنحة، كما اصطلح على ذلك بعض السياسيين الإسرائيليين. هذا برز في العام 96، لكن الخطوة الفعلية من قبل إسرائيل كانت في 17/3/1996 حينما أقر "شمعون بيريس" وزير " الدفاع" الإسرائيلي وقتها بإغلاق لجنة الإغاثة الإسلامية في مدينة الناصرة ومنع استمرار دعم مشروع الأيتام، واستمر هذا بمراحل متفاوتة بين تحقيق عبر أجهزة المخابرات وبين منع السفر هنا وهناك، وبين إصدار أوامر لمنعنا من الدخول إلى الضفة الغربية وقطاع غزة عبر أوامر عسكرية صدرت بحقي وبحق الشيخ رائد وإخوة آخرين".
ويمضي الشيخ كمال يسرد حكايته مع الحركة الإسلامية قائلا "مع اندلاع انتفاضة الأقصى، في 28/9/2000 وسقوط 13 شهيد من أبناء شعبنا داخل الخط الأخضر، واعتبار الحركة الإسلامية يوم الأول من شهر تشرين يوم "المسجد الأقصى المبارك"، الذي تبنته لجنة المتابعة العليا، ومع استمرار تعاطينا مع أسر الشهداء والجرحى، ومع أحداث اجتياح جنين عام 2002، وما قامت به الحركة الإسلامية بتزويد المواد الغذائية، وإنشاء الحركة لـ"لجنة الطوارئ" في الوسط العربي لمساعدة شعبنا هناك بإيصال المواد الطبية وحتى التبرع بثلاجات لحفظ الجثث في مستشفيات جنين التي لم تكن مهيأة لاستيعاب ذلك العدد الكبير منها، دون أن يغيب عن بالنا كشف الحركة الإسلامية عن الأنفاق التي كانت تحت المسجد الأقصى المبارك، وحضور الشيخ رائد صلاح القوي في هذا الجانب... كل هذا جعل الحركة الإسلامية في تقديري تقترب أكثر وأكثر من اليوم الذي لن تصبر فيه إسرائيل على هذا العطاء وهذا الحضور، مما جعلها تنظر للحركة الإسلامية ليست مجرد حركة عاطفية، إنما هي حركة لها أبعاد ورؤى وتطلعات ومنهج في سيرها، وهذا كله قاد لبداية التفكير لعمل ما؟".
غياب المسؤول الأول
ويستدرك قائلا "حتى كان فجر يوم 13/5/2003 حينما اعتقل الشيخ رائد صلاح والدكتور سليمان إغباربة -رئيس بلدية أم الفحم-، و14 آخرين من أبناء الحركة الإسلامية –أفرج عن 9 وبقي 5-... هذه المرحلة بلا شك أدخلت الحركة في وضع جديد يجب أن تتعاطى فيه مع وجودها بدون مسئولها الأول، تتعاطى فيه مع رغبة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في خلق حالة من الخوف والإرباك داخل الوسط العربي، حتى الذين يفكرون في دعم مشروع الحركة الإسلامية، ولو إعلاميا أو جماهيريا، عبر إظهارها وكأنها خارجة عن القانون وتتعامل مع مؤسسات دولية إرهابية، وهذا ما أثاره الإعلام الإسرائيلي عبر الزفة التي قامت بها أجهزة الأمن بدعوتها الطواقم الصحفية لمواكبة عملية الاعتقال، وخرج الواقع الإسرائيلي يوم 13/5/2005 بالتطلع إلى الحركة الإسلامية باعتبارها حركة معلنة الحرب على الدولة وكل ما هو يهودي وإسرائيلي".
ويشير الشيخ كمال إلى حساسية تلك المرحلة قائلا "كنا بين أمرين اثنين، بين مواكبة الملف الصعب والشائك الذي أعدت له المؤسسة الإسرائيلية قبل الاعتقال بما يزيد على سنة ونصف من تنصت على هواتفنا وبيوتنا وخصوصياتنا، وبين استمرار المشروع الإسلامي من اجل أن لا تظهر حالة الضعف أمام رغبة الجانب الإسرائيلي بتقزيم عملنا وتحجيم عطاءنا".
نجاح بأعلى العلامات
ويتابع "مضت الأيام ونجحنا بإثبات صدق ما أعلنا، أنه اعتدي على خصوصياتنا، وأننا لم نكن كما صورتنا الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ووسائل إعلامها، تكلل هذا بالنجاح عبر النشاطات والمهرجانات والحضور إلى المحاكم، والاعتصامات أمام السجن، والوقوف أمام مفارق الطرق، إلى أن كان اليوم الذي نزلت النيابة عن الشجرة العالية التي صعدت عليها، وعادت ذات طواقم الإعلام الإسرائيلية لتصوير ما كان يوم الاعتقال بأنه "الجبل الذي تمخض فولد فأرا"، حيث أفرج عن ثلاثة معتقلين بداية العام الحالي، وها نحن على نستقبل فضيلة الشيخ رائد صلاح ليكون معنا ، وبعده سنستقبل الأخ محمود أبو سمرة".
يقول الشيخ خطيب "أظن أن الحركة الإسلامية خرجت أكثر صلابة ومتانة، أكثر حضورا وترتيبا، وهذا يشير إلى أنها تسير -إن شاء الله- على الطريق الصحيح السليم".
علاقة وطيدة بالشيخ رائد صلاح
وتربط الشيخ خطيب بالشيخ رائد صلاح علاقة متينة، تمتد لأكثر من 22 عاما، وعن ذلك يقول "سبق وأشرت إلى أنني تعرفت في العام 1983 على رموز بداية المشروع الإسلامي، ومنهم كان الشيخ رائد، وخلال هذه السنوات الطويلة ربطتني به علاقة يومية ومتواصلة عبر المواقف التي خضناها في إدارة الحركة الإسلامية، حيث كنا دائما أصحاب رؤية واحدة، وحتى لا أبالغ إذا قلت نمط التفكير الواحد، الأمر الذي جعل الحركة الإسلامية في تقديري تحظى بذلك التوفيق الرباني، الذي لا الشيخ رائد صلاح ولا أنا سعينا من أجل أمور خاصة أو طموحات شخصية، بل اعتبرنا أنفسنا وقودا لهذه الدعوة ورصيف تعبر عنه دعوتنا إلى الإمام".
ويمضي يصف "توأم روحه" بالقول: "لا شك أن الشيخ رائد صلاح بطبيعة تصدره لقيادة العمل الإسلامي، كان يحمل الحمل الثقيل أكثر مني وخاصة المسجد الأقصى المبارك وقضيته، وهذا يرجع أولا لإمكانياته، وثانيا للحركة الإسلامية التي أعطته هذه المساحة من الوقت الذي يخصصه للمسجد الأقصى دون غيره".
وعن مرحلة اعتقال الشيخ رائد وإخوانه، يقول الشيخ خطيب: "ما كان مني أمام مرحلة الاعتقال وأمام بناء مؤسسي قائم وراسخ إلا أن ألتزم بقيادة سفينة هذه الدعوة والوقوف على مقودها بالضرورة وبالواجب وبأمانة المسؤولية.
كفكفوا الدمعات .. لا تشفقوا علينا
غياب الشيخ رائد بدون شك دفع الشيخ كمال لتحمل المسؤولية كاملة على كافة الاتجاهات والمستويات، ولعل أشرف وأطهر ما يمكن أن يصرف فيه وقته هو خدمة المسجد الأقصى. وعن هذا يقول "البعض يشفق علينا أن نقف في مواجهة الشرطة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية والجماعات الدينية المتطرفة التي تهدد بالانقضاض على المسجد الأقصى، لكنني أقول للمشفقين "كفكفوا هذه الدمعات، نحن نعيش في حالة من السعادة والطمأنينة والنشوة، لو أنكم عرفتم ما نحن فيه لجالدتمونا عليه بحد السيوف، فنستمتع بعبادة "المراغمة" لهؤلاء السيئين الذين يريدون بالأقصى سوءا".
ويتابع "ما زلت أقول إن المسجد الأقصى يمر في أصعب ظرف تاريخي له إلى الآن، هذه السنة هي سنة "حمّى" بناء الهيكل. اليهود على حالة من الجنون، اسمه جنون بناء الهيكل. الإعلان عن تواريخ لاجتياح الأقصى هي خطيرة، ولكن الأخطر منها "تدبير بليل من أجل تدمير وإيقاع الدمار فيه".
ويناشد قائلا "على الأمة أن تتنبه وتستيقظ ، نحن كفلسطينيين يجب أن نظل الحراس الأمينين على المسجد الأقصى، نشد الرحال إليه دون كلل، أو تعب، وإن تطلب الأمر أن نبيت هناك فلنبت، وإن تطلب الأمر أن نرابط هناك فلنرابط، كيف لا وقد أكرمنا أن نكون سدنة المسجد الأقصى وحراسه وخط الدفاع الأول عنه".