جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
تدمير وتجويع وإرهاب
عبدالله طالب صالحاني يرفض ما يقال عن الهجرة . هو كما أهل فلسطين انتُزعوا من أراضيهم ولم يهاجروا . يقول ابو صالح بنخوة الشباب وهو قرب التسعين من عمره إنه “من الظلم ألا تذكر الحقائق كما هي . شعب فلسطين تعرّض ليس فقط للارهاب ومجازر الصهاينة، انما لحرب اقتصادية الحصار والتجويع والمطاردة” . يضيف وهو يستعرض صوراً من قبل التهجير “لماذا لا أحد يشير الى دور جيش الانقاذ السلبي في اخلاء مدن وقرى فلسطين؟ هناك شريط كامل لوقائع ومعارك نجح فيها الثوار بالاحتفاظ بأرضهم رغم عدم تكافؤ الأسلحة ومعدات القتال والتآمر والحصار . لكنهم اضطروا لإخلائها تحت وعود وعناوين مختلفة تؤكد على الحفاظ عليها ليفاجأ الجميع بأن تلك الوعود كانت كما البالونات في الهواء . يضيف: “انا من مواليد البصّة سنة 1932 كنت وما زلت شاهداً على جريمة احتلال فلسطين . كان ابي يمتلك مزارع شاسعة للقمح، وكمزارعين كان اعتمادنا على الأرض الاّ أن الاحتلال البريطاني في اضراب سنة 1936 مارس حصاراً اقتصادياً رهيبا ضد المزارعين والاهالي حتى اضطررنا لتناول خبر النخالة . منعوا تسويق مزروعاتنا واغلقوا الطرق على تسهيل بيعها، طاردوا الثوار وصادروا السلاح وفي الوقت نفسه بادر الثوار الى مطاردة العملاء في ظاهرة عرفت انذاك ب”الكف الاسود” فإن وجد العميل كفاً اسود على بابه، يعني انكشاف أمره ونهايته وفعلا كان يتم اعدامه .
تجارب ومآس كثيرة عايشتها قبل النكبة، يقول عبدالله صالحاني . وما حدث في بلدة البروة قضاء عكا والتي استعيدت من قبل الاهالي لثلاث مرات من عصابات الصهيونية يؤكد ما أسوقه . كان ممثلو جيش الانقاذ يطلبون اخلاءها وتسليمها لهم بحجة التمترس فيها وحمايتها لنفاجأ لاحقاً باخلائها واحتلال اليهود لها . وهكذا حدث معنا ايضاً اذ ارغمنا على مغادرة البلدة بوعد العودة اليها بعد اسبوع على الاكثر . فاذا بالاسبوع يمتد شهوراً وسنوات تجاوزت الستين عاما . حين غادرت بلدتي كنت خاطباً بانتظار فُسحة من الهدوء ليتم الزفاف فيها، الأمر الذي لم يحصل الا خارجها . غادرت وفي قلبي غصّة أنا الذي قاوم العصابات الصهيونية وتصدى لها وصار شاهداً على جرائمها قديمها وجديدها، وما سوف يستجد اعظم لأن الصهاينة يريدون أرضاً بلا شعب . وهذا ما يعملون على تحقيقه .
جريدة الخليج - 15-5-2010