نماذج وأشخاص مهما ابتعدوا وفارقناهم تبقى ذكراهم الجميلة وأعمالهم الحسنة في مخيلتنا، فقد كان شغل بعضهم الشاغل، خدمة الفلسطينيين بل أبعد من ذلك، خدمة الجميع بما تجود به أنفسهم وأوقاتهم وطاقاتهم، ففي المناسبات تجده مسارعا مبادرا، وفي الإشكالات الاجتماعية تجده سباقا لتقديم الخير ونشر الألفة والمحبة ولم الشمل.
كان عجولا لكن بالخير، شديدا بالحق والصدع به، ولا يخشى في الله لومة لائم، لا يجامل ولا يحابي، وكان له دور بارز في المجتمع الفلسطيني في العراق، لا سيما وأنه ينحدر من عائلة معروفة في تلك الأوساط، وقد آثر الكثير من وقته خدمة للاجئين ومساعدتهم، وما عمله مع مؤسسة الأكناف لأكبر دليل في ذلك.
ومن حرصه الشديد على كل ما يخدم قضية اللاجئين في العراق، شارك ضمن الوفد الشعبي عام 2005 الذي قابل مقتدى الصدر على أمل تخفيف كثرة استهداف الفلسطينيين من قبل الميليشيات الشيعية لاسيما جيش المهدي، وهذه بحد ذاتها تعبر مخاطرة فرحمك الله يا أبا عامر وتقبلك في عداد الشهداء وآجرك على ما قدمت وغفر الله لك وجازاك على عمل الخير خيرا في جنات النعيم.
قبل ثلاث سنوات من اليوم وتحديدا بتاريخ 1332007 فقد الفلسطينيون في العراق أحد وجهاء شعبنا الفلسطيني في العراق ،إنه الفقيد حامد علي الحانوتي رحمه الله الذي اقتادته جهة ميليشاوية طائفية مسلحة من منطقة الإسكان القريبة من مكان سكنه في حي السلام ( الطوبجي ) وكان معه ابنه الصغير هشام وشاب آخر من عائلة القدورة حيث أنهم أخذوا الفقيد أمامهم ورجع ابن قدورة مع هشام ليبلغ أهله بما حدث معهم وليعثروا في اليوم التالي على جثته في منطقة الحرية ذات الغالبية الشيعية .
الفلسطيني حامد الحانوتي والذي نحسبه عند الله من الشهداء من مواليد بغداد 731961 وهو من خريجي العراق من كلية الزراعة وانتقل بعدها ليكمل دراسته بكلية الشريعة في جامعة بغداد ، صاحب محل في منطقة سيد سلطان علي لبيع العدد و يعمل بمعمل الجلافات الذي يمتلكه إخوته وكان هو شريك معهم وكان للفقيد دور كبير في حل المشاكل بين المتخاصمين بالإضافة إلى تغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم لوجه الله وتقربا إليه مع بعض الفلسطينيين الآخرين.
ويذكر أن آخر عمل قام به قبل اختطافه وقتله هو تغسيل الفقيد عمر حسين صادق رحمه الله والذي اغتيل في محل عمله بنفس الأيدي قبل يومين وتحديدا بتاريخ 1132007 .
الفقيد حامد رحمه الله كان متزوجا ولديه ولدين عامر وهشام وثلاث بنات رؤى وربى ورسل ، حيث يتواجد الابن الأكبر عامر في إحدى الدول الأوروبية ووالدته وابنها هشام واثنتين من بناته في دولة أخرى بسبب عدم استقرارهم حتى الآن إذ أنهم خرجوا من العراق عام 2008 بسبب الظلم الذي وقع على شعبنا الفلسطيني وخوف والدتهم على الأولاد .
ويذكر أن والد الفقيد حامد هو الشيخ علي الحانوتي من الشيوخ الذين يشهد لهم التاريخ وكان إمام وخطيب مسجد فتاح باشا في منطقة البياع في بغداد وقد توفي عام 1984،وأشقاء الفقيد حامد هم كل من إبراهيم ويحيى وأحمد وشاكر المتواجدين حاليا في محافظة الموصل في العراق وشقيقه الكبير محمد المقيم في أمريكا منذ 20عام .
والجدير ذكره أن الفقيد حامد هو عم الفقيد أسامة إبراهيم الحانوتي رحمه الله الذي اغتالته القوات الامريكية في منطقة ابي غريب في يوم 842004.
نسأل الله تعالى أن يرحم فقيدنا بإذن الله ويتقبله في عداد الشهداء، ويجازه بالحسنات إحسانا وبالسئيات عفوا وغفرانا، كما ندعو الباري عز وجل أن يحفظ زوجه وذريته ويلم شملهم عاجلا غير آجل ، وأن يثبتهم ويسدد خطاهم