دينا آغا - صيدا
يوم السبت الموافق 9/4/2011 كانت زيارتي إلى منزل الحاج قاسم محمد بشر ( مواليد 1927 ) القائم في مدينة صيدا وكانت برفقتي صديقتي غادة ماجد ميعاري.
بعد الترحيب والتأهيل من الحاج وعائلته ، بدأ الحاج حديثه :
" كان والدي محمد بشر يعمل تاجرا للمواشي والحبوب وكنا نملك أرضا لشجر الزيتون والتين :كرمين للزيتون وكرما للتين ، فوالدي كان متعهدا لعكا ويورد لشخص اسمه عباس الددن ويجلب له المواشي من المسلخ من لبنان ، وكان وضعنا المادي جيداً جدا والحمد لله .
غرب منزلنا كان بيت وحش صليبي ( أبو محمد ) وبيت قداح ، من شرقه كان منزل الشيخ محمد النبهان وبيت كنعان ، أما من الشمال فكان بيت أبو صبحي الخلايلي ومن الجنوب بيت محمد فارس اليعقوب .
وكان للقرية ثلاثة مخاتير، أول مختار محمد سليم المحمود " مناع " ، والمختار الثاني حسن سرحان، والثالث الشيخ ذياب فرحات من (الحارة الفوقا).
" إن عائلتنا قدمت الكثير من الشهداء منذ ثورة 1936 ، ففي تلك الثورة استشهد عمي أحمد بشر وابن عمي كامل أحمد بشر ، وعام 1969 استشهد أخي أحمد في عكا خلال عملية قام بها تعرف بعملية " حيحون " وقد كان عريسا لم يمر على زواجه سوى أربعة شهور ، وقد كان معه ابن عمتي اسمه أحمد منصور .
أما عن رحلة الخروج عام 1948 فيروي الحاج قاسم :
" عام 1948 كان جيش الانقاذ موجود في البلد وكنا نحارب اليهود في منطقة الليات ، فكنا نتناوب على الحراسة في تلك المنطقة وبقينا هكذا حتى أواخر عام 1948 وعندها نصحنا رئيس جيش الانقاذ " صلاح بيك " التركي الجنسية بأنه من الصعب المقاومة وأن التسليم أفضل لأهل القرية، وهكذا حصل.
فقد بعثنا مرسالا إلى اليهود في نهاريا بالتسليم، وبعد المناوشات دخل اليهود البلد، وبعد عدة أيام اختاروا حوالي سبعة شباب من البلد وقاموا بقتلهم رميا بالرصاص منهم أبو معلوف مناع وواحد من الناصرة، أما أنا فبقيت في البلد وبعد حوالي ستة شهور قاموا بإحصاء أهالي البلدة لأنهم أرادوا أن يعطونا هويات وجمعونا في السوق شرقي البلد ووضعوا الطاولات والكراسي وبدأوا بتسجيل أسماء الناس وصنفونا إلى فئات، ما بين الـ 20 والـ 40 سنة في جهة، فوق الـ 40 في جهة، متزوج في جهة وعزابي في جهة ، وأنا في ذلك الوقت كنت متزوجا ولدي ابن صغير وحين جاء دوري أتوا بجندي لمرافقتي إلى المنزل لإحصاء متاعي من دون أفراد عائلتي كلهم وهكذا فعلوا مع حوالي 22 عائلة ووضعونا في الباصات ونقلونا إلى " عارة وعرعرة " قضاء جنين حيث وجدنا الخيم في انتظارنا وبقينا فيها ستة شهور وكان الطقس بارداً جدا ولم نقو على العيش وحين جاء الربيع خرجنا من فلسطين متوجهين إلى لبنان مارين بالأردن وسوريا، وفي لبنان كان يسكن عمي وعائلته فلجأت لهم واستأجرت بيت صغير بجانبهم وبعدها تأسس مخيم شاتيلا وعشنا فيه، وبعد فترة وجيزة أصبح هناك عيادة خاصة بالمخيم وقد كان عندي رغبة كبيرة في التعلم لتحسين الأحوال فعملت في العيادة كسكرتير إن صح التعبير ولكني كنت أراقب الـ stuff nurse اسمها جورجيت عزام ، حتى تعلمت الكثير عن الأدوية وبمساعدة الممرضة ورئيسة الأطباء الطبيبة السويدية " كانستروم " تمكنت من العمل في هذا المجال بعد أن أخذت الكثير من الدورات حتى انتقلت إلى صور عام 1951 وعملت مع الانروا حتى عام 1987 وتقاعدت من العمل لبلوغ السن ، ثم انتقلت إلى صيدا عام 1993 واستقرينا فيها حتى يومنا هذا ".
وهذه كانت واحدة من القصص الكثيرة التي تروي تاريخ فلسطين وتاريخ شعبها الذي عانى الويلات عبر مر السنين.. وبالطبع لم ننه اللقاء قبل أن نعمل مع الحاجد قاسم على بناء شجرة عائلة (بشر) وكانت البداية مع حسين بشر: