أبو بديع محمد رضوان
الموطن الأصلي: وادي الحوارثة/قضاء طولكرم
العمر: 75 قبل الرحيل
مكان الاقامة: طولكرم
كنا نتابع الأخبار عن طريق الراديو، كان عندنا راديوهات وكنا عايشين في قرية وادي الحوارثة احنا واليهود سوا سوا، بعدين اليهود عملوا عصابات عسكرية بتدربوا وبهاجموا فينا واحنا معناش سلاح ولا معنا تاشي وصارو اليهود يناوشوا ويضربوا فينا وصارو الفلسطينيين يتشردوا.
أجت مجموعة من العرب يوم سبت، حوالي 6-7 لقوهم اليهود، كانوا يقولولهن الهجانا، لقوهم على الطريق، ربطوهم وطخوهم، قتلوا ثلاثة أربعة منهم، اجا الخبر للفلسطينيين انو اليهود قتلوا ثلاثة أربعة، ارتعبنا وخفنا، بلشوا يشردوا العالم، قالوا ارجعوا ارجعوا، صاروا يرجعوا، بعدين اليهود هاجموا الفلسطينيين مرة ثانية، قمنا استنفرنا، الانجليز قالوا احنا بنرحلكم على طولكرم دبابه من قدام ودبابة من ورا، واحنا بالنص.
كنا نسمع عالاخبار انه اليهود هجموا على دير ياسين، هذي الأخبار الي كنا نسمعها، كنا قاعدين سالمين، صاروا يقولولنا ارحلوا اطلعوا، احنا مش عارفين نضرب فيهم لليهود، اطلعوا، بس اطلعوا انتو، 4-5 ايام وبترجعوا، ضحكو علينا، طلعنا، ولا ضربوا ولا اشي.
كنا نشتغل ايام البلاد، وكانت الحياة منيحة، ما في حرب ولا شي، كنا عايشين ومسيطرين عليهم لليهود، ما حد يقدر يعمل إشي، بعدين اللي شجعهم لليهود هما الانجليز اللي اعطوهم السلاح ودربوهم، كانوا اليهود مشددين علينا لانه كان عنا مجموعة مسلحين حوالي 10-12 واحد مجننين اليهود، توقعنا نرحل قبل ما تصير الحرب وصاروا اليهود يدخلوا على القرية ويقتلوا اهلها وصاروا يشردوا الناس، معهمش سلاح ولا معهم اشي، واللي يشتري سلاح كانوا الانجليز يقتلوه، واللي يمسكوا معاه فشكه يعدموه، بس كان الحج امين يجبلهم سلاح.
كنا نروح على المزارع أيام الحرب، بس العمل فيها انشل، بطلوا يشتغلوا الناس، صارو يخافوا من الاغتيالات، كانوا يضلهم قاعدين بالبيوت، واللي عندوا بقر وغنم عاش عليهم، مطولش عنا هالوضع لأكثر من حوالي شهرين ثلاثة. والأسعار غليت، وصار شوال الطحين 5-6 جنيهات، مع الحرب كل شي غلي، ما قصفونا اليهود، بس كانوا بيجوا على الدور في الليل، واللي بدهم اياه ياخدوه والي بدهم يطخوه ويضلوا ماشيين.
احنا رحلنا بالصيف، كنا نلقط ايامها القمح، رحلنا من القرية عام 1948 بالنهار، كل واحد يحط اغراضه بالسيارات ويرحل، اليهود قالولنا خليكم واحنا بنصيبكوش وبنقعد احنا واياكم سوا، خلينا نعيش مع بعضنا واحنا ما نتعدى عليكم ولا اشي، اذا معكم سلاح او اشي سلموه وخليكم قاعدين عنا، العرب ما رضيتش، ما صار حرب ولا اشي، قتلوا اليهود ثلاثة اربعة منا، فالعرب خافوا، وكل وحد راح جابله سياره وحمّل اغراضه على طولكرم. كانت علاقتنا بأهل طولكرم منيحة، حطونا بأرضهم واتحملونا، صرنا نشتغل مع الجيش العراقي، كان يشغلنا على 20 قرش باليوم.
جيش الانقاذ اجا بعد ما انطروا الفلسطينين، وقريتنا ما اتدمرت ولا أشي، والزعماء العرب والاذاعات العربية والقيادة الفلسطينية قالولنا ارحلوا عشان نضرب اليهود ونسحقهم سحق، سحقونا احنا بدل ما يسحقوا اليهود، خربوا بيتنا والله انتو اطلعوا من هين واحنا منوريهم من هين. انا رحلت لما شفت الناس رحلوا، كانت قريتنا حواليها مستعمرات كتير، كانت بين اليهود، رحلوا الفلسطينيين، ولا اشتباكات ولا اشي، سحبوا حالهم منهم لحالهم، الانجليز كانوا يسهلوا اجراءات الرحيل مشان ينطو الارض لليهود، مهو سلاح اليهود من الانجليز كان.
احنا لما طلعنا اخذنا اغراضنا واواعينا والبقر والحمير والكلاب، بس الناس على خرافهم كانت القصة قصة اسبوع زمان وهيها سحبت 57 سنة، عشنا في مخيم طولكرم بدون شغل ولا اشي، قعدنا سنين ما اشتغلنا اشي. كان كل واحد قاعد فينا بدون شغل، نظل نهارنا قاعدين على القهوة بنستنا الأخبار، بكرة بترجع فلسطين، بعد شوي اشتغلت الوكالة وبلشت توزع طحين، وبلشنا بعدها نبني بيوت بالمخيم بسنين الخمسينات، بنوا أول اشي خيام بعدين بنو دور.
بعد حرب السبعة وستيين رحنا شمة هوا عالبلد وشفنا. وشو بدي احكي لما بشوف ناس من كل العالم جايين يسكنوا محلنا، شعور سيء شو بتسوا الدينا بعد مسقط رأسه للواحد، والله ما بفرط بشير واحد من بلدنا، والله انا بلوم الدول العربية على قضية اللجوء، لانهم ما ساعدونا.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير