ياسر قدورة – وادي الزينة
31/5/2011
بعد مجالسة عبد الكريم عسقول في إمارة الشارقة وعلي محمود عسقول في مخيم الرشيدية كانت النصيحة دائماً بأن ألتقي بالحاج قاسم محمد ذيب عسقول لأنه الأكبر سناً في العائلة، وهو الأقدر على إفادتنا بما يتعلق بشجرة عائلة عسقول والتوثيق لجزء من تاريخها.
توجهت إلى وادي الزينة بصحبة الوالد لزيارة أبو نايف ( قاسم عسقول) فصادفناه في الطريق، وقد لبس على رأسه الحطة والعقال، وهو من القلة القليلة من أبناء سحماتا الذين ما زالوا يلبسون هذا الزي الذي لبسه تقريباً كل رجالات سحماتا من قبل.
هو كما يقول عن نفسه من مواليد عام 1928 في سحماتا أما في بطاقة الهوية فهو مسجل من مواليد 1929، والده معروف باسم محمد ذيب عسقول، ولكن أبو نايف يقول أن والده اسمه محمد أحمد عسقول، وذيب هو لقب عرف به أبوه فكان يقال له محمد ذيب، وقد كانت الألقاب مسألة معتادة في ذلك الوقت في سحماتا. ويروي أن والده كان يقول عن نفسه بانه مواليد سنة 99 هجرية ويقصد بذلك 1299 هـ، وقد توفي في مخيم الرشيدية عام 1964. أما جد أبو نايف فهو أحمد حسين عسقول وله ثلاثة أبناء: محمد ( ابو أحمد ووالد قاسم كذلك)، إبراهيم واسماعيل. ابراهيم كان ممن هاجروا من سحماتا إلى الأرجنتين في السنوات الأخيرة من العهد االعثماني ( بين عامي 1912 – 1914) ولم يعد إليها، وأبو نايف لم يلتق بعمه إبراهيم حتى في لبنان، وقد كان هناك تواصل معه بالمراسلة لفترة ولكنها انقطعت لاحقاً. أما اسماعيل احمد عسقول فقد انتظم مع الجيش التركي وتنقل في بلدان عدة..
أبو نايف لا يعرف جده أحمد، ولا يعرف أسماء أعمام والده ولكنه يعرف أن خليل محمود عسقول (ابو نهاد) هو ابن عم لوالده، فلربما يكون محمود عم والده أو هو واحد من أبناء العمومة.
اما محمد ذيب عسقول فقد سافر إلى الأرجنتين كذلك مع أخيه ومكث قرابة 8 سنوات ثم رجع إلى سحماتا، وأصبح فيما بعد عضواً في لجنة وجهاء سحماتا كما يذكر الكثيرون، وهي لجنة كانت مهمتها مساعدة المخاتير في حل بعض الإشكاليات والقضايا التي تبرز بين الحين والآخر، وأبو نايف يؤكد ذلك ويقول أنه قبيل الخروج من سحماتا اعتذر محمد ذيب عن عضوية اللجنة لكبر سنه.
وعن مغادرة سحماتا عام 1948 يقول أبو نايف: "طلعنا كلنا سوا ( عن العائلة)، كنت انا وأخوي حسين عزّابية وهذوك إخوتي مجوزين، كان الحاج محمود أخوي عنده ثلاث بنات، والثاني أحمد أبو عبد الله كان له ثلاثة أولاد وثلاث بنات.
بالأول كان عنّا قرية اسمها كفر سميع دروز ومسيحية، وكان في معرفة هم وإخوتي ورحنا تنقعد هناك قالوا بدناش، هاي قرية صغيرة ما بتتحمل لاجئين وكان في ناس من ترشيحا وغيرها، قالو لنا فلّوا .. فلّينا.
ظل في بلدنا ثلاث أو أربع عائلات: أبو كمال وأبو العبد ابنه، أولاد أسعد صفية ( محمد أسعد صفية وإخوته) وأولاد قاسم العبد موسى وكان قاسم متزوج ثنتين: عنده عيلة وأولاد ظلوا هناك وعيلة إجت معه على لبنان.. إحنا جينا على الجنوب فلاقينا خالك أبو فارس ( جميل الحاج عبد الرحيم قدورة) وعلي نجلا ( علي حسين بلشة) قد سبقونا، ووجدنا أبو حسين علي الحاج أسعد وأبو فارس بيدوروا علينا.. رجعنا رحنا على جباع حوالي شهرين وبعدين على بعلبك".
وخلال فقرة واحدة من حديثه ذكر مجموعة من الأسماء التي نسبها للأمهات دون الآباء فسألته عن هذه الظاهرة فقال بانها كانت منتشرة في سحماتا، وأضاف إلى الأسماء السابقة أسماء كل من علي زهية ومحمد ريمة وغيرهم، وأرجع السبب إلى ان معظم شباب ورجال البلدة كانوا يذهبون إلى الخدمة العسكرية أو يهربون منها إلى بلاد الاغتراب لسنوات طويلة تتولى الأمهات خلالها رعاية الأبناء فيعرف الأبناء بابن فلانة وليس ابن فلان.. ويضرب لنا مثلاً عن عائلته، فأخواه أحمد ومحمود كانا يعرفان في سحماتا باسم أحمد غزالة ومحمود غزالة نظراً لغياب االوالد لسنوات عن البلد، أما هو قاسم ( أبو نايف) وهو الأخ الأصغر فقد رافق الوالد، ولذلك كان معروفاً باسم قاسم محمد ذيب وليس بقاسم غزالة.
ويتوسع في الموضوع ويتطرق إلى الألقاب التي تحولت أحياناً إلى اسم للعائلة أو ظلت لقباً يرافق العائلة لسنوات طويلة. ويذكر لنا اسم المرحوم أبو ماهر اليماني فيقول: " حسين اليمني أبوه اسمه أحمد علي سليمان، وأبوه لحسين اليمني كان عسكري باليمن وكانوا يقولوا اللي يروح عسكري على اليمن بيرجعش، هذا أيام الدولة العثمانية.. فلما رجع طيب أحمد سليمان الناس صاروا يقولوا لبعض روحوا تنسلّم على اليمني، وصاروا يقولوا حسين اليمني وبعدين أحمد االيمني"..
ثم يتحدث عن لقب زتونة، ويقول: " كان في بلد اسما زتونة، فيها الأرمن استقووا على الإسلام، وكان فيها حسين ... دفن حالوا بين القتلى، دقووا بالسنجة فوق القتيل ما كان يسترجي يتحرك. لمّا رجع صار يحكي ويقول كنا بزتونة ورحنا على زتونة صاروا يقولوا له حسين زتونة، أما أخوه فيقولون له يوسف زينب وليس يوسف زتونة لأن يوسف وقتها لم يكن قد ولد بعد.. وهكذا استمرت مع الوقت وصاروا يقولوا اولاد زتونة".
.. وعندما أبديت استغراباً لأنه يعرف هذه المعلومات عن الأجيال التي تكبره سناً قال: " لمّا كنت صغير بسحماتا كانت إمي تقول لي بدل ما تاخذ الزوادة لأبوك في الأرض ابقى هنا وأنا آخذ الزوادة. فكنت أجلس مع أبو علي زوج زهية فايز وزيدان الحسن ( امرأته جميلة من ترشيحا من دار سماره) وعمرها في التسعينات، كنت أجلس معهم وأسمع منهم، زيدان الحسن هو والد يونس زيدان وحسن زيدان واسمه في الأصل زيدان حسن زيدان، كنت أقعد معهم وأسمع منهم"..
وفي ختام لقائنا مع ابو نايف وسؤاله عن موضوع العودة يقول: لمّا كان تاريخنا منيح كنا مناح، ولما صار تاريخنا مش منيح طلعنا من البلاد.. ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، هذه عقيدة أبو نايف عسقول.. وعلى أمل أن يتغير حال شعبنا وأمتنا إلى ما هو أفضل كي يتغير واقعنا، تركنا الحاج أبو نايف على أمل أن نجتمع به في لقاءات أخرى، أو تجمعنا بع عودتنا في يوم قريب.