جريس طعمة، أبو رياض (1932)، وهو يسكن اليوم في قرية كفرياسف:
" ببيتنا سكنّا أنا وأمي وأبوي وأربع أخوة، يعني عائلة موديرنيت (ضاحكاً)، فش كثير أولاد. بيوت القرية كانت مبنية من حجر وكانت معظمها طابق واحد والدواب كانت تسكن معنا. بيتنا من طابق واحد بس كان بيت كبير، واللي بدّه يتجوز كان يعمل عرسه عنا. بيتنا كان مبني من قناطر وسدّة من فوق. ما كان فيه غرفة، القناطر كانت مقسومة بخزاين، ما كان فيه مثل اليوم الواحد يتجوز ويسكن ببيت لحاله هو ومرته ببيت مئة متر او 150 متر، كانت الناس تتجوز وتقسم البيت بينهم.
أنا كنت أقضي نهاري بالفلاحة، مرّات كانت الدنيا تشتي عليّ وما أروّح غير ما إنهي الفلاحة. أخوي كان أكبر مني وكان يشتغل بالريفيناري بحيفا. أمي وأبوي اشتغلوا بالفلاحة. أمي كانت رجاليّه، كانت تشتغل بالليل وبالنهار، كانت تروح مع أبوي على الأرض، وتشتغل بكل إشي، وخاصة بقطف الدخان وشكّه".
أبو رياض: " علاقتنا بالإنجليز ما كانت كثير منيحة، وخصوصاً بسنة ال 36 بأيام الثورة. يومها كان مركزهم بمنطقة اسمها خربة الصوّانة (عرب السمنية)، وكانوا يجمعوا الشباب بالأساس من قرى الزيب والبصة والكويكات والكابري ويتهموهم بالمقاومة ويعتقلوهم، كانوا يعاملوهم مثل الدواب، يمسكوا إيدين بعضن ويبرموا كل النهار تحت الشمس، أنا يومها كنت كثير صغير، يمكن كان عمري خمس سنوات. من بلدنا ما كان في ثوار، بس بذكر إنه الإنجليز دخلوا البلد وطلبوا من أهل البلد يسلموا سلاحهم. كان في ثلاث شباب من عنا اسمهم أنيس أيوب وأسعد واكيم أشقر وميخائيل حبيب، سلّموا سلاحهم. وصلت فِسدة عنهم للثوار، وأجوا الثوار بالليل ع بلدنا وأخذوا الشباب وحطوهم ببير بسحماتا. بس ميخائيل حبيب تركوه لإنه عمته مريم عطاالله لحقت الثوار وترجّتهم لحد ما تركوه، هاي المرأة كانت قوية ورجالية. أنيس نجح يهرب من البير وظلّه يركض من سحماتا لأيلون (مستوطنه يهودية غربيّ إقرث) ومنها للعرامشة ولعلما بلبنان وظلّوا هناك، أما أسعد فأفرجوا عنه وما قتلوه، بس عذبوه كثير وضربوه".
جيش الانقاذ
أبو رياض: " جيش الإنقاذ أجا علينا من كل البلاد، سوريا، اليمن ومصر. بس لما أجا جيش الإنقاذ، كثير عانينا منه، لإنه كل يوم صار بدهِن حطب، ميّ، أكل، أواعي وفراش للنوم، أهل البلد صاروا يتمردوا على جيش الإنقاذ، فقام الجيش حبس بعض الختيارية عنا بالبلد لليلة كاملة، كان بينهم إبراهيم الأشقر، توفيق الخوري، مبدّا حنا، شيبان سبيت، خليل أخوي وخالي خليل أبو فخري (خليل أسعد طعمة)، حبسوهن حتى يجبروا أهل البلد تتعاون معهم.
أنا كنت أطلع حراسة مع بعض الشباب حوالي البلد، كنا نحرس من المغرب لنص الليل ودورية ثانية من نص الليل للصبح. وقتها كان عمري حوالي 14 سنة، كنت أطلع حراسة أنا ومجيد داوود ومعنا اثنين يمنيّة من جيش الإنقاذ. كان عنا بالبلد لجنة حراسة، وكانت توزع الشباب على الحراسة مع جيش الإنقاذ. سلاحنا ما كان سلاح أبداً، كان معنا بارودة مصدّية، يمكن تضرب فشكة ويمكن تلصّم وتبطل تضرب. الله يساعد العرب ( بيضحك ). جيش الإنقاذ كان ينام بمعسكر الجيش بين تربيخا وبلدنا بأرض اسمها كرم عضاض. هذا المعسكر كان للإنجليز، ولمّا طلعوا الإنجليز العرب أخذته .
بذكر حادثة صارت قدامي، لما جيش الإنقاذ اتهم جريس حزبون من عكا إنه جاسوس لليهود وقرر يعدمه. أخذوه على المعسكر، عصبوا له عينيه، علّقوه على شجرة زيتون وشنقوه . أهل البلد هجمت تتفرج على الإعدام وأنا كنت بينهم. وهم يشنقوه انقطع الحبل، فأنا صرخت وقلت: بريء بريء. وهجمت على جريس وقمت الحطّة عن عينيه. قام واحد من جيش الإنقاذ حطّ البارودة بظهري وقال لي: اسّا بقوّسك وعاودوا علقوة مرة ثاني بالحبل وشنقوة ومات. كانوا كثير ظالمين، ويتهموا الناس بالباطل، لا قانون ولا ضمير".
ما تبقى...
حول المسيرة القضائية حدثنا أبو رياض: " وإحنا بالرامة كثير حاول الحاكم العسكري إنه يعطينا أراضي مقابل أرضنا بإقرث وكنا دائما نرفض. عرضوا علينا نبادلها بأملاك غائبين من شعب وفسوطه وكفر عنان والصوانة وغيرها من القرى.
الدولة مع الوقت صارت تبني على أراضينا. بنوا يشوف غورانوت هجليل على أرضنا وأرض أولاد عمي (مستوطنه يهودية بنيت عام 1980 على أراضي قرية إقرث وقرية تربيخا). لما خلص الحكم العسكري صرنا نقدر نطلع ع البلد، وطلبنا من المطران إنه يتوسّط لوزارة الأديان حتى نصلح ونرمم الكنيسة اللي تضررت بعد ما نسفوا البلد. ونجحنا بالحصول على الموافقة ورممنا الكنسية اللي بعدنا بنصلي فيها لليوم. وسمح النا إنه ندفن أموات إقرث بس بسنة 1971 بعد مطالبات وملاحقات عديدة لوزارة الأديان، واليوم اللي برجع لإقرث هم بس الموتى.
أهل بلدنا مش ساكتين، ومن يوم الترحيل ولليوم وإحنا بمحاكم مع الدولة لإرجاعنا وتطبيق قرار محكمة العدل بإرجاعنا. عملنا كثير مظاهرات واعتصامات وإضرابات كخطوات احتجاجية. وكل سنة أهل إقرث بنظموا مخيم صيفي لأطفال وشباب إقرث حتى يكمّلوا مسيرتنا".
المصدر: www.zochrot.org