اسمي حامد محمد محمود عبيد الله ولدت سنة 1936 وعمري 74 سنة.
هذه الأرض خارج حدود ال 48. هذه بتير وحوسان. وهناك عين كارم والولجة وهناك بيت صفافا والمالحة والقدس. خسرنا بلدنا عام 48 وقسموا الأرض بعد الهدنة. الأمم المتحدة وضعت حدود بين (إسرائيل) والأردن وهذه كانت تابعة للأردن. هذه الأرض ظلت مع العرب وإسرائيل احتلتها سنة 1967 واستولت على الأرض وزرعت حرش.
هذه الأرض لأبي وهذه لعم والدي خليل مصطفى وابن عمه محمد محمود مصطفى. هذا الزيتون لأهل البلد. هذه أرض زراعية. كنا قبل ال 48 كان عندنا بقر وغنم وزرعنا زيتون وعنب وتين ومشمش وقمح وذرة.
هذه الأرض من ال 48 وحتى ال 67 كانت منطقة شبه محظورة. فلحناها سنة سنتين بعد احتلال ال 48 ولكن بعدين توقفنا بسبب الخوف لأنه إسرائيل كانت تطلق النار على الناس وكان أحيانا يصير مناوشات بين جنود (إسرائيل) وجنود الأردن.
هذه السلسلة بناها أبي بإيديه. للأسف راحت. هذه أرضنا وكنا عايشين منها والآن صرنا بحاجة لتصريح حتى ندخل أرضنا. هذه المنطقة اسمها قرنة أبوعلي وهذه قطعة أرض حسين أبو يابس. هذه الزيتونة مزروعة من 65 أو 70 سنة. لو كانت الأرض عامرة لكانت هذه الزيتونة خضرا وحاملة. كل هذه الأرض لآل عبيد الله. كلها أرض القبو. هذا زيتون لدار أبو غلوس وأبو عالية ومحمد عبيد الله. هذه الأرض اسمها الكلالة.
هذه أرض ابائنا وأجدادنا. مش عدل إنه ممنوع نزورها. بدل هذا الحرش كانت الأرض عامرة بالزيتون والشجر المثمر.
أول ما دخلت إسرائيل البلد واحتلتها هدمت 5 بيوت. البيوت الكبيرة. وبعدها بفترة بسيطة دخلوا ومسحوا جميع البيوت. بين 1948 و 1949. أهل البلد تقسموا. كان الوضع شتا وبرد. احنا انطردنا بشهر 10 أو شهر 11. أول ما طلعنا على الخضر وبيت جالا وبيت لحم. وبعدها الناس توزعت. أحنا طلعنا لبيت جالا وظلينا فيها 4-5 أشهر. كان معنا غنم ودواب وكان صعب ندبر حالنا بيت جالا. لما هدأ الوضع رجعنا على قرية حوسان وسكنا فيها فترة طويلة. هون إسرائيل وهناك الأردن. كان معنا بقر وغنم وصرنا نستأجر أرض ونفلحها حتى نعيش. لما رسموا الحدود بين الأردن وإسرائيل ظل لعائلتنا حوالي 50 دونم في وادي فوكين، خارج إسرائيل. سكنا فيها وظلينا متابعين الأرض ونفلحها. وحتى اليوم أنا وأولادي ساكنين فيها.
هذا الباطون كانت علامة الحدود الفاصلة بين المنطقة العربية ومنطقة إسرائيل. كل المنطقة فيها نقاط مثل هذه لترسيم حدود إسرائيل. هون كان بعض البيوت وأنا متذكرها. هذا كان بيت أحمد عبد الله أبو يابس.
هذه الأرض كانت للمختار حسين أحمد خليل الأزرق. لما كان بده يتزوج قرر يبيع هذه الأرض فاشتراها والدي بسعر 50 ليرة فلسطينية سنة 1947. رتبناها وزعناها ولكن أجت إسرائيل وأخذتها بال 48. حسين أحمد كان اخر مختار للقبو سنة 48. بيته كان أول بيت بالبلد من جهة الشارع. أول ما تدخل القبو تيجي عليه. بيته مهدوم وبين حجارته فيه قطع فخار. كان بكل بيت جرة فخار لشرب المي وكانت الناس تستعمل أدوات أكل من فخار. هذه دار محمود أبو غلوس. المختار حسين أحمد كان متهم من البريطانيين إنه مع الثوار. بسنوات الأربعين البريطانيين هدموله البيت، بيته الثاني.
كل بيت بالبلد كان جنبه حاكورة. كان طريق رئيسي بالبلد والبيوت من الجنبين. كان بالبلد منطقة جرون. لكل عائلة كان جرن (بيدر)، كان إلنا جرن وكنا نجيب بالصيف كل المحصول للدراسة حتى نطلع القمح. تحت هذي الزيتونة كان يتجمعوا ختيارية البلد ويقضوا وقتهم ويلعبوا سيجة.
كان لعائلتنا مقبرة خاصة. المقبرة منتهكة وممكن تشوف العظم فيها. هذا عظم أهلي. هذا قبر جدي، أبو أبوي، محمود مصطفى عبيد الله.
عند بيوتنا كان طابون وكنا نخبز فيه خبز. أنا ساكن على بعد بسيط من أرضي. وادي فوكين مش بعيدة من هون. بس ممنوع أدخل إلا بتصريح من (إسرائيل). يمكن أكثر من 20 سنة ما جيت هون. كان جنب البيت "صيرة" إلها بوابة، فيها كنا نحط الغنم والدواب. الصيرة كانت بين دار أبوي ودار سيدي. بيتنا كان كبير. كان فيه مقعد للناس اللي بتيجي من برّة. كان أبوي يكرم كل إنسان كان ييجي عنده، سواء كان من الحكومة أو أي إنسان عادي، غريب أو قريب. كان ييجي عالبلد موظف حكومة حتى يجبي الضريبة على الأملاك والدواب والمحصول. كان أبوي يضيفه ويكرمه. الحمد لله، الناس كانت مبسوطة في هذيك الأيام، الكل يزرع ويفلح.
بيتنا كان في نص البلد. منه ممكن تشوف أراضي القبو الواسعة. كل الأراضي اللي تشوفها من بيتنا هي تابعة لأهل القبو. أهل البلد كانوا ملاكين. لكل عائلة كانت أرض ملك شخصي.
غرب البلد راس أبو عمار ومن الجنوب وادي فوكين، ومن الشرق بتير وحوسان، من الشمال الولجة. بلدنا ما كانت كبيرة. كانت قرية من القرى. من سنة ال 48 وإحنا بمأساة.
هذا البيت كان لأبوي وعمي. كانوا ساكنين فيه حوالي 40 نفر. وجيراننا كانوا دار محمود عبد الله وكان فاتح دكانة، وهناك كانت دار محمود أبو غلوس. دارنا كانت طابقين. وحواليها حاكورة. كنت لما أطلع على سطح الطابق الثاني أشوف البحر من هون. أنا متذكر وأنا صغير كيف كنت أشوف البحر. وتحت البلد باتجاه الولجة من هون كانت سكة الحديد. كان بالبلد جامع وكان فيها ولي (مقام) وكان فيها مدرسة. المدرسة والجامع جنب بعض. غير الجامع اللي عند العين. وكان مطحنتين قمح.
عام 48 إحنا ظلينا لآخر مرحلة. بعد الرملة واللد وبعد دير ياسين. كثير بلاد هربت على سمعة دير ياسين مثل عرتوف، دير أبان، بيت نتيف، جراش، علار، بيت عطاب. الناس خافت على أولادها وبناتها وهربت. الناس هربت ووصلت الخضر عند بيت جالا. إحنا ظلينا. بعدين صارت معركة عند الولجة ببلد اسمها المَسْكـَرة، عند الجورة فوق عين كارم. كان الجيش المصري بالولجة. الدبابات الإسرائيلية وقفت على الراس عند تسور هداسه ووقفت هناك عند الحدود اللي كانوا حاطينها هناك بال 48. أجا واحد بريطاني عند أبوي على البيت هذا، ومعاه خارطة، أجا من جهة بتير، أكل وشرب عندنا، وبعدين أجو معاه جماعة وحطوا علامة عند خزان الميّ هناك. عند هاي العلامة حددت إسرائيل حدودها.
هون بالبلد ما صار قتال، الناس شردت بدون قتال. أول ما دخلوا اليهود البلد نسفوا 5 بيوت وراحوا، بعد فترة شهر شهرين رجعوا وكملوا على البلد، صاروا يحطوا ألغام وينسفوا البيوت، وكمان حطوا ألغام حول البلد حتى إذا حدا حاول يدخل البلد تتفجر فيه، وانقتل منها ناس. بعرف عن ثلاث رجال انقتلوا، واحد من حوسان وواحد من البلد. وغير هيك اليهود قتلوا ثلاث نسوان. 3 نسوان أجت تتسلل على البلد، حتى يلقـّطن عنب وتين، مسكوهن اليهود وأخذوهن لداخل جورة بأول البلد وطخوهن وقتلوهن الثلاث. إحنا لما كنا ببيت جالا أول ما ترحلنا قلنا إنه بدنا نرجع، وكان فيها جيش أردني لعدة أسابيع، لكن الجيش الأردني بعد ثلاث أسابيع انسحب منها، طلبنا إنه الجيش الأردني يظل لأنا بدنا نرجع، قال الجيش ارجعوا على عاتقكم، الجيش مش راح يظل هون، فقرر المختار إنه ما بيقدر يرجع الناس على مسؤوليته، لأنه اليهود راح يقتلوهم، كان يقول إذا بتخلوا جيش بنرجع. كانت هذي مرحلة خوف بصراحة، كانت حالة رعب وقتل، ولذلك ما رجعنا.
إحنا لما طلعنا من الدار خلينا فيها أواعي وأغراض وقمح، ما أطلعنش أغراضنا، وسكرنا البيت بالمفتاح، على أمل إنهم يرجعوا. وهذا هو المفتاح. كل أملي إنه ربنا يجيب السلام وكل واحد يرجع على محله. هذا المفتاح أنا محتفظ فيه أكثر من ستين سنة.
هون في بتير كانت محطة قطار. الناس كانت توخذ المحصول بالقطار وتسافر للقدس وهناك تبيع بضاعتها.
الجامع الثاني قريب من العين. بعيد عن البلد. منطقة العين كانت مقسمة ومرتبة. كانت العين منبع الميّ، جنبها كان حمام، الناس كانت تروّح من شغلها وأرضها فكانت تستحم وتدخل الجامع، وبعد الحمام كانت منطقة مبنية تنزل لها بدرج وتوصل ثلاث حنفيات ميّ للشرب، كانت الناس تعبي منها ميّ للبيوت، وجنبها كان حوض ميّ للحيوانات وبعده كانت بركة تجميع ميّ لزراعة البساتين. منطقة الساتين كانت على طول الواد، مقسم بين أهل البلد. وهون جنب العين كان إلنا أرض، هذي شجرة التين إلنا، حبـّها أسمر. كان هون مشمش تفاح وشجر. الغنم كانت تيجي تقيل هون حول العين، كل غنم البلد كانت تيجي هون، هاي الميّ الوحيدة اللي كانت للبلد، بس كان ميّ كثير. كانوا ييجوا زوار للمنطقة غير أهل البلد، كانوا يتجوّلوا هون، وكان ييجو يهود. كان بيننا وبينهم معرفة، بال 1945 وال 47. كانت العلاقة مع اليهود علاقة طيبة.
بال 1948 ناس من بيت نقوبة، العمور، دير أبان وعرتوف أجو بعد ما تهجروا وقعدوا هون حوالي أسبوعين، لأنه هون في ميّ ومنطقة واسعة. هذا مبنى قديم، كنا نسميه الكنيسة. أنا متذكر كل شيء وكأني عايش فيها لليوم. من العين في نفق يسحب الميّ للنقاط اللي تحت، الحمام والحنفيات والحوض والبركة.
أنا كل دقيقة بقول يا ربي تميتني في بلدي. هذه الشجرة اللي أبوي زرعها أنا انحرمت منها، أنا بكيت عليها، هذا مسقط رأسي، ومستعد أبني خيمة وأسكن فيها. أنا بطلب منك خذني للشجرة اللي كنت أقعد فيها وأنا صغير.