المقال |
شهادة عبد الفتاح أحمد طومان
أسدود
الحاج عبد الفتاح أنهى الصف السابع وعمل كاتباً مع الجيش البريطاني تحدث عن قريته أسدود, وعن موقعها وذكريات الهجرة فقال:
«كان يحدها من الجنوب الشرقي بيت دراس، والشمال الشرقي البطاني الغربية، ومن الجنوب الغربي حمامة، ومن الشمال الغربي أبو سويرح، ومن الشمال برقة ومن الغرب البحر المتوسط».
ويتابع وصفه للبلد: «كان في أسدود حوالي (55) بيارة منها بيارات خمس دونمات وبيارات (30) دونماً. وكانت المياه قريبة جداً ومتوفرة، وعندنا خضار ومزروعات كثيرة. وتمتاز بلدنا بالكروم الكثيرة, وكان أكثر الناس يربوا الماشية وعندهم اكتفاء ذاتي من: لبن وحليب وقمح وشعير وزيت وقطن وبندورة. وكان في البلد مطحنتان حتى المطحنة التي في بيت دراس هي لأهل أسدود. وكانت أقرب كوبانية إلى أسدود هي نتساريم وهي صغيرة بين حمامة وأسدود بالضبط. وهي معمولة على نظام الكيبوتس وأصل الأرض لحمامة اشتراها واحد من «زرنوقة» اسمه «أحمد الشروبجي» اشترى تقريباً ألف دونم وكان يبيعها لليهود. وكان بعد ذلك يخاف يتنازل عنها, ولكنهم هددوه».
وحول الاشتباكات التي حدثت مع اليهود قال طومان: «أول معركة صارت في أسدود هي معركة أبو سويرح وفي هذه المعركة طلعوا اليهود من «جان يبنا» وكان اليهودي ابن «حاييم وايزمن» معهم وكانوا (12) نفراً.
ولما شافوهم الناس من أسدود هجموا عليهم وقتلوهم جميعاً، وما مات حد من أهل البلد. وكان أيامها في البلد بعض المدرسين يعملون مع الجيش البريطاني وناس من البوليس وناس شاركوا في الحرب العالمية مع الإنجليز. وكان في سلاح كثير حوالي (400) بندقية، وتطلع منها (40) بندقية كويسة فقط.
وكان من أنشط المقاومين «ذيب أبو ردينة» (25) سنة واستشهد في معركة بيت دراس الثانية. وأجانا قائد من تونس اسمه محمد التونسي. وهذا الشخص كان مبعوثاً من تونس لفلسطين. وكان يقسمنا مجموعات ويدربنا كيف نتحرك ونمشي, وكنا نغير وقتها على اليهود.
وأحضرت مرة أنا لوح زينكو من الصاج ودهنته بوية (دهان) سوداء وكتبت عليه بالبوية الحمراء من التي كنا نأخذها من الإنجليز العبارة التالية: «على جميع السيارات عدم الدخول الطريق ملغومة». وكان الإنجليز اللي بيشوفوا الطريق بيقفوا عندها وحرمانهم من الدخول في هذه الطريق، ورحنا نسفنا الجسر اللي في الجهة الشمالية حتى لا يستطيعوا الهجوم علينا.
وفي أسدود لم تحصل معارك مباشرة إلا عندما جاء الجيش المصري، وأبيد في هذه المعارك مئات اليهود عندما دخلوا أطراف البلد. وقتلوا من البلد (عبد الرحمن مكاوي 48 عاماً) من المقاومة و(أحمد الصباغ 30 عاماً) من المقاومة و(محمد زقوت 23 عاماً) من المقاومة.. وقتلوا أثناء ملاحقتهم لليهود (محمود الناطور 40 عاماً) بقنبلة من اليهود وهو في بيته ومات فيها من (10 إلى 12) نفراً من أهل أسدود والجيش والمهاجمين من القرى الأخرى ودفنوا جميعاً في أسدود.
وبدأت الغارات علينا بالطائرات، وضربوا عائلة بحالها منهم رب العائلة (محمود الصوري) وزوجته وأولاده، وحوالي خمسة إلى ستة أنفار، ولم يبق من هذه العائلة إلا واحد من أبنائه لم يكن في الدار، ومات واحد مصري كان على الجرن.
وبعد هذا الضرب شردوا الناس في البيارات واكتشفوا اليهود هذه الأمر لاحقوهم وقتلوا (هنية عودة طومان 40 سنة) و(طرفة أبو حديد 30 سنة) وهي من عرب وادي حنين. وبقيت الحرب سجال بين اليهود والمصريين. فالمصريون يضربون الكوبانيات من بعيد، وكانت طائرتان مصريتان تضربان اليهود. في الآخر بدأ السلاح الجوي يتطور أكثر.
بعدين صدر أمر انسحاب من قيادة الجيش المصري من الملك فاروق، وهاجرنا من البلد وأطاع القائد الأوامر ولكن «بيه» الفالوجة لم يطع ولو كان قائد أسدود عصى الأوامر لبقيت أهل أسدود في البلد. وخرجنا إلى المجدل مباشرة، ومنها إلى وادي غزة بعدها إلى خان يونس».
ويضيف: «بالنسبة لحالات التسلل أنا من الذين رجعوا إلى أسدود وطحنت فيها قمح في الليل وكنا نأخذ الحبوب وبقينا شهر نرجع على البلد ونحضر منها أغراض. وفيه ناس راحوا وما رجعوا زي (أحمد النوري) و(توفيق شلاشن) و(جبر جودة) وجميعهم شباب. وهناك واحد وهو رايح يجيب حب واحد اسمه (عوض نصار) في الثلاثين من عمره انطخ في الطريق، وفيه ناس راحوا قالوا: القينا أحمد النوري في الدار ودفناه في نفس الدار، وكان المتسللون يذهبون فرادى وجماعات».
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|