الحياة الزراعية في طرعان
اسمي عبده فارس سلامه. مواليد سنه 1912. أنا خلقت بقرية طرعان وأجيت سكنت بحيفا بال 42. أمي اسمها ثريا، وأبوي اسمه فارس، خلفوا سبع أولاد، أربع بنات وثلاث أولاد وكلهم تزوجوا. أبوي كان يشتغل بنّى، كان يبني بطرعان بيوت وعقوده. أنا تعلّمت العمار وصرت ابني بس كمان كنت أفلح وأحرث الأرض وأشتغل على البيادر، يعني أنا إشتغلت بالفلاحة من جميعها. وبعد ما توفى أبوي بال 52 زرعت زيتون بأرضنا. هذا كله بطرعان. عنا بطرعان كان دار قديمه عقدين بنيت عليهم أوضه كبيرة وعلى ظهرها كمان أوضه بجنب العقد. هاي الأوضه عمّرتها بسنه ال 56.
بطرعان كانت الناس عايشي بالأساس من الزراعة، كانوا يزرعوا حمص، فول، قمح، شعير، عدس، البامية والبندورة،. يزرعوا المقاتي، مثل البطيخ والشمام. المقاتي اللي كنا نزرعها ما كنا نرشها من الحشرات، كله كان على الطبيعه نظيف. أنا كنت أروح من طرعان على الحسبة بطبريا على الحمارة وأبيع صبر وشمام وبندورة وسمسم. كانت أمشي حوالي ساعة ونص ساعتين. كانوا يجيبو على الحسبة عنب من عجلون (شمال غرب عمان). العنب كان منيح مش زي اليوم مرشوش.
بالبيت كلنا كنا نشتغل بالفلاحة، أمي كمان كانت فلاحه وكان عندها بقر ومعزا، تحلب وترّوب. كانوا النسوان يخضّوا اللبن ويطلعوا منه الزبدة عشان يعملوا سمنه، كانوا يصفوا اللبن بالأكياس وينشروه على الحيطان. كان عنا جنب الجبل بلاط وسيع، يروحوا ينظفوه ويطحنوا قمح، ويخلطوه مع اللبن ويصير كشك، هذا الكشك كانوا يوكلوه بالشتاء زي السلطة.
بالبيوت كانت النسوان تشقح البندورة ويشكوها وينشفوها ويعلقوها بشجرة أو بالبيت عشان بالشتاء يوكلوا ويطبخوا فيها بدل المي. ولما تكثر البندورة كانوا يمعسوها ويحطوها على النار ويعملوا منها مربى بندورة. كانوا يحطوا المربى بفخار مدهون من جوا، هذا الفخار يجيبوه من لبنان، وكل ما يعتازوا بندورة خلال السنة، يستعملوا من المربى، هذا كله أمي كانت تعمله.
انا بعرف اطبخ اذا بدك. لما تصير الحصيدة كانت أمي تحصد وتساعد بالفلاحة. الفلاح كان هو ومرته يشتغلوا. المرا كانت تشتغل مثل الزلمه بالفلاحة، كانت تحصد وتغمّر وتعمل كل شي، زي الزلمه.
المدرسة
بطرعان كانت مدرسة وحده تابعة للوقف، للكنسية. كان يمّولها المطران حجّار. أنا رحت على المدرسة، كنا نقرأ ونكتب، ما كان على ظهرنا شنطه 15 كيلو زي أولاد اليوم، كنا نحمل دفتر وقلم. عدد طلاب المدرسة كان حوالي 20 ل 25 ولد مسيحي وكانوا 2 أو 3 إسلام. بالبداية كان يعلمنا الخور يسمعان قنواتي، بعدين اجا عنا معلم من الناصرة اسمه ابراهيم الزهر، بعدين ترك واجا واحد يافا اسمه لافي الدهش. بالمدرسة بذكر تعلموا معي فايز مصلح خوري، امين صالح رشيد، فرج اسعد خوري، عوض مبدا حداد واسعد موسى سلامه. لما كبرت شوي وصار عمري 15 سنه طلعت من المدرسة وصرت أشتغل بالفلاحة والعمار. باقي إخوتي تعلموا.. اخوي الأصغر مني اخدناه على دير أبو اليتامى بالناصرة يتعلم وصار معلم مدرسة، والأصغر عيسى تعلم بمدرسة الحكومة بطرعان. البنات ما تعلموا ولا حتى زوجتي تعلمت. ما كانوا الأهل يبعتوا كتير بناتهم على المدرسة، المدرسة أصلا كانت مدرسة بنين، بس على طرعان اجو راهبات وصاروا يعلموا البنات صلاه وكتابة الحروف. في بنات اللي صمّدوا وصاروا يعرفوا يكتبوا أسماءهم واللي ما صمّدوا طلعوا بلا علم.
حيفا
انا تزوجت بطرعان ب 23 آب 1942، كان عمري 30 سنه. استنيت البنت لحتى كبرت (ضاحكاً). زوجتي سعده لما تزوجنا كان عمرها 18 سنه. هي بتكون بنت خالي. تزوجنا عن حب (ضاحك)، ما كان في مثل اليوم العريس يضل عند أهل العروس. كانت هي تستحي مني. هي خلقت بنفس اليوم مع أختي، وكانوا صاحبات كتير وكل يوم تيجي تزورنا، بس لما خطبنا بطلت تيجي، صارت تستحي. مش مثل اليوم بقطعوش راسهم عن بعضهم.
بال 42، اجيت على حيفا، هذا كان وقت الحرب العالمية الثانية، اجيت لحالي بدون زوجتي، وسكنت بحيفا سنتين لحد ما رتبت أموري وبعدها جبت معي زوجتي سعده. بهداك الوقت خفّ الشغل بطرعان وبالقرى العربية وأجيت اشتغلت بنّى عند الجيش البريطاني. بالبداية كنت أسافر بالباصات من طرعان لحيفا، بس السفر كان صعب، كانت باصات صغيرة وعالم كتير بدها تشتغل. كنا نطلع بالباص وكان الباص يكون مليان ناس. ساعتها قررت اني أسكن بحيفا. لما الانجليز فاتوا على لبنان فتحوا خط من الناقوره للحمّه، بحشوا خندق طويل. يمكن حوالي 6 أمتار وخمسه بالعمق، عشان دبابات رومل ما تفوت على سوريا. اشتغلنا هناك، كنا نبني محلات للجيش. كنا نبني بقلب الأرض غرفة 5 أمتار على مترين ويحطوا فيه تخوته للمرضى والجرحى ويطمّوه من فوق حتى ما يبين. مثل مستشفيات يعني. هذا بالجولان، عند قرية كفر حارب (قرية فلسطينية مدمّرة منذ حرب عام 1967).
مع الجيش البريطاني تنقلنا كتير بحيفا والقضاء، اشتغلت مثلا بقرية حاييم (كريات حاييم)، بالطيرة، بخربة المنصورة (قرية مهجرة قضاء حيفا). كنت أبني وأقصُر. كنا نبني غرف للجيش ولمحلات الجيش. شو كان يحتاج الجيش كنا نشتغل له. المعاش كان منيح. كانوا يعطونا 45 قرش هاي للبنّى والعامل العادي يوخد 35 قرش. هذا كان أحسن بكتير من الفلاحة. لما أشتغلت بنّى مع الجيش البحري ارتفعت ل 60 قرش. احنا ما كنا نشوف الجيش، كان في واحد (مراقب من قبل الجيش على العمل ) أو مهندس يهودي اللي كان يشرف على العمل. احنا عمّرنا بالأساس حوالي حيفا، بس بحيفا عمّرنا قريب من شارع اللنبي، يومها كان في كتير زيتون بهاي المنطقة وكان في كم جيش. من فترة لاقيت بالنادي هون بحيفا واحد من المغار اسمه وحش، كان هذا يشتغل معنا ويجبلنا طين للبناء. لما التقيت انا وهو صار يذكرني كيف كان يجيب دجاج وبيض من المغار للجيش وكانوا عشان يكسب رضاهم ويساعدوه.
أول ما أجيت على حيفا سكنت بمحطة الكرمل، كان ابن عمي ساكن هناك واستأجرت غرفة عند واحد اسمه جورج بستنجي، اللي كان يوخد اوضه كان بكفيه بهديك الأيام. كنا نقعد على كراسي خيش صغيرة وكان بكفينا. زوجتي ما أشتغلت كانت بالبيت، ما كان في شغل للنسوان، كان عيب انه المرا تشتغل. انا يومها ما كنت غني بس كمان ما كنت فقير. بحيفا كانت النسوان تلبس فساتين محتشمة وما كانوا يلبسوا بناطلين، جسمها كان مغطى. كانت النساء قسم منهم يلبسوا على راسهم، زوجتي كانت دائما مع منديل على راسها وخصوصاً بالصلاه وما تروح مفرعة. بس لما كانت النساء تروح على محلات رسمية مثل الأعراس والسهرات كانوا يقيموا المنديل. عند الفلاحين كانت العروس باسبوع عرسها ييجو صاحباتها يسهروا عندها جمعه ويغنولها ويعملوا قرفة مع مغلي، ولما تطلع يلبسوها عباية ومنديل على وجهها. العروس كانت تطلع من البيت رافعه ايدها، دليل على انها طلعت شريفه وما حدا حكا عنها. اللي كانت بدها تتزوج من طرعان لكفركنا كانت صاحباتها يعملوا مناحه، مش مثل اليوم. لما تزوجت واجيت على حيفا ما انقطعت كلياً عن طرعان وكنا كل أسبوع انا وزوجتي نزور طرعان. انا بطرعان عمّرت بيت بال 56 وعندي لليوم أراضي هناك.
حيفا كانت مدينة عادية، بسيطة، كان فيها سوق كبير اسمه سوق الشوام، وساحة الحناطير كانوا يقولولها ساحة الخمرة، الحناطير كانت زي التكسيات اليوم. لما اجت الانجليز صارت تعطي للناس تكسيات محل الحناطير، الحناطير ضلّت شغالة لحد أواخر الثلاثينات تقريبا. بمحطة الكرمل كان أكثرهم صيادين سمك. ما كان في بحيفا كتير ذوات، أهل القرى أجوا وعبّوا حيفا.
بالبداية كانت حيفا، بلد مثل هالبلاد، ما كانت متطورة بشكل منيح، أما كانت مقصوده، صار فيها شغل كتير، العمار اليوم بشارع الملوك وين المينا كان كله بحر، طمّوه وعمّروا عليه. في جامع عند البحر جامع الجرينه كانت الميّ قريبه عليه، كمان هناك طمّوا البحر وعمروا. لما عملوا الميناء، صار في حركه بحيفا وصاروا الحوارنه يجو ويشتغلوا بالعتاله وتحميل البضائع اللي بتوصل ع الميناء. الميناء زبّطت حيفا، والبلدية هون كانت تشغل ناس. انفتح الشغل بحيفا والعرب صاروا يشتغلوا ويعمروا ويأجروا لليهود. قبل حيفا كانت عكا الها اسم.
الكرمل ما كان فيه عمار. الهدار كان اله اسم وكانوا يعمروا ويأجروا لليهود، دور الحجر بالهدار هاي كلها للعرب. العرب بحيفا كان وضعهم منيح، الأرض للعرب، كانوا يعمروا على أرضهم. عائلة الخياط كان الها الوف الدونومات بحيفا ودار صهيون والأبيض وكان في إسلام زي دار الحاج خليل وغيرهم ملاكين. كان ناس كتير الها أراضي. كانت حيفا أول فتوحها واشي أول فتوحه يكون قايم منيح وبسرعة واليهود كانوا يجو عليها أكثر من بقية المطارح. اجو عليها بعد الحرب العالمية الثانية لأنه قبل هيك كانت الهجرة تقريبا ممنوعة، بس بالآخر لما صارت الحرب صاروا ييجو بدون رقابه، ييجو ويروحوا مع الجيش اليهودي ويحاربوا بالعرب.
حيفا كانت مليانه مطاعم، بس المطاعم كانت صغيرة، وكان بحيفا كتير قهاوي، القهاوي كانت اكبر من المطاعم وكان في ملاهي ليله. انا ما انخرطت كتير بالمجتمع الحيفاوي وكنت اقضي كتير وقت مع أقاربنا من طرعان اللي ساكنين بحيفا وكنا نلعب الشدة. ما رحت على السينما أو حفلات، كنا احنا أهل طرعان ببعضنا ومش كتير طلعنا. انا ما رحت على مطاعم مرتي كانت تطبخ كل شي. بحيفا خلفت بنتي البكر نعامه، نعامه خلقت بال 44. بسنه ال 45 خفّ الشغل كتير مع الجيش الانجليزي ورحت أشتغل بالحمّة عند متعهّد (مقاول) اسمه أبو نصري. هذا كان ختيار وكان له أكثر من 50 سهم بالحمه. نصري ابنه كان يدير باله على الحمه. الحمه بهداك الوقت كان في ناس ضامنينها ويشتروا فيها أسهم، واللي بتحمم كان يدفع.
اذا بتروحي اليوم على الحمه، في هناك ثلاث غرف مستطيلة، الناس اللي تيجي على الحمة كانوا يستأجروهم ويناموا فيهم. بعدهن من سنه 45 لليوم. عقدناهم أنا وكمان عمّال.
انا شاركت ببناء فابريكات الأمعري بشمال عكا. كان هناك في مزرعة تابعة لعائلة الأمعري من مدينة يافا، وبنينا عليه مصنع أو فابريكا للنسيج من مدينة، لما خلصنا المصنع وحطيها الماكينات صارت الحرب وأخذوها اليهود. وكمان شاركت ببناء السينما بشارع العراق ولما خلصناها وجبنالها الكراسي وخربت حيفا واستلمتها اليهود.
السنين اللي عشتها بحيفا ما حسّيت كتير توتر بين العرب واليهود، بس مع هيك ما كان في اختلاط كتير والعلاقات كانت تكون شوي متباعدة، بس كانوا مرات يشتغلوا مع بعض. الشغل كان يجمعهم حتى يحكوا مع بعضهم. مثل اليوم.
التوتر صار أكثر اشي لما صار التقسيم عام 47، وصارت الناس تقاتل مع بعضها. انا شخصيا ما تدخّلت بالسياسة كان في ناس مخصصه لهاي الأمور. بحيفا مثلا كانت عدّة رجال سياسة مثل أبو علي الدلول وصهيون. كانت المسيحية والإسلام زعامة مع بعضهم. كانوا مستلمين الحركة، كان طبعا عز الدين القسام، هذا كان هون بحيفا إمام بجامع الاستقلال. وبعدين راح عمل عصابه وراح على قرى جنين وقتلوه هناك. العرب فسدوا عليه والانجليز قتلوه. كان في واحد ضابط عربي بالجيش الإنجليزي اسمه احمد نايف، لما قتلوا القسام اجا ودعس على راسه. كان هذا متعاون مع الانجليز. ولما صار بحيفا حركة اسمها الكف الأسود، صاروا يغتالوا الضباط والعرب المتعاونين مع الانجليز أو اليهود. هذا احمد نايف قتلوه وقبروه بمقبرة بلد الشيخ وبعدين راحوا أطلعوه من قبره ورموه. عشان دعس على راس عز الدين القسام. احمد نايف كان محقق ويوخد إفادات من ناس، هو كان شاويش بالناصرة وجابوه على حيفا.
1948
لما صارت الحرب انا كنت أشتغل وقتها بنّى مع مهندسين ومقاولين بلدية حيفا. بذكر بهديك الأيام اليهود كانوا يمنعوا العرب انهم يشتغلوا بورشات البناء تبعت اليهود، كان الهستدروت يمنعهم. مثلا كانت في واحد متعهد طلياني اسمه بسكوالا، كان يوخد عمار من اليهود ويشغّل العرب لأنه العرب كان شغلهم ارخص من اليهود. وكانت اليهود تيجي وتطرد العرب من الورشات ومرّات تحرق الورشة للمتعهد. مرّة اشترى بسكوالا عمارة من واحد يهودي اسمه مويال، ورحنا احنا غفرنا (حرسنا) عليها أحسن ما يحرقوها اليهود.
لما قرّبت الحرب، انا قررت اطلع من حيفا، قالوا لي المهدنسين اليهود، خليك يا عبده، قلت لهم ممكن واحد يهودي يمّر ويضرب علي قنبله ويقتلني، قالوا لي احنا منوصي عليك، بس انا ما رديت عليهم. يومها كان رئيس البلدية اسمه شبطاي ليفي. هذا شبطاي ليفي أعطى أمر اذا العربي اللي طلع من بلدية حيفا ما برجع لحد وقت معين، حقوقه ميته، انا السنتين اللي أشتغلتهم بالبلدية قبل ال 48 ما أعطوني عليهم تعويضات.
طلعت انا وزوجتي والأولاد من حيفا قبل سقوطها، طلعنا لأنه كان في وين نروح. طرعان يومها كانت أيمن من حيفا. لما طلعنا كان عندي ولدين، نعامه وأنور وكانت زوجتي حامل بجانيت.
بطرعان اجا جيش الإنقاذ وقعد بالزيتون حوالي شهر وصار ثقيل على أهل البلد، كانت النسوان تحملهم مي واكل. انا رفضت انه مرتي تنقل مي للجيش وتروح على السهل وين ما في طخ. وعشان هيك بعتت زوجتي والأولاد بتكسي مع أقاربنا من طرعان على الرميش، كان النا معارف هناك. بلبنان كان أمان اكثر عليها وعلى الأولاد، وانا بقيت بطرعان عشان أشوف الحركة هون. بهداك الوقت كانت الناس بدها تروح وتيجي من لبنان وكانوا يجيبولنا أخبار عائلاتنا برميش.
بالحرب هاي انقتل كام واحد من طرعان، من دار الزرعيني ماتو اثنين واحد اسمه سليم وواحد اسمه العبد، ومن دار العدوي مات واحد اسمه محمد. قوّسوهم اليهود لما راحوا يفزعوا لقرية السجرة. نمر القاسم اللي عنده قهوه كمان مات. البارود مع اليهود كان جديد من أوروبا واللي مع العرب عتيق من سوريا. في كمان واحد من دار بشارة راح مشي على لبنان ولما رجع طخّوه على الطريق. هذا راح بعد ما احتلت اليهود الجليل.
لما صار الوضع صعب لحقت زوجتي بعد بشهرين على الرميش، رحت مشي، مشيت ساعات، يومها كنت قوي وكنت امشي كتير مسافات. رحت على المغار ومنها على برعم ومن كفر برعم على الرميش. طلعت انا وكمان اثنين من أقاربي يمكن واحد منهم كان أبو لطيف، هدول بعتوا نساءهم مثلي على الرميش. لما وصلنا رميش استأجرنا بيت أنا وعائلتي عند دار السحموت هناك. لما انا طلعت على لبنان كانوا بعدهم ما احتلوا الجليل.
لما انا وصلت رميش ما كان هناك كتير لاجئين فيها بس لما إنهار الجليل صار الناس بالألوف تروح على لبنان. بالبداية الجيش اللبناني سمح للناس تفوت بس بعدين صار يمنعهم. اشتغلت بالعمار هناك. قعدت حاولي ثلاث اشهر وأنا أشتغل بالعمار، بعدين نقلنا عند ناس من عائلة شبلي. بعدين رحنا سكنا بالدامور مع أقاربي هناك (قرية قضاء الشوف أحد أقضية محافظة جبل لبنان). وهناك صرت أسافر من الدامور بالباصات على بيروت وأشتغل بالعمار. يعني أنا ما اعتزت مصاري، رحت على لبنان ورجعت مع مصاري.
العودة
بلبنان قعدنا حوالي 8 أشهر. وبعدين رجعت على البلاد قبل عيد الفصح سنه ال 49. يعني زي هاي الأيام. رجعنا تسلل وكان ممنوع نرجع. بذكر اني رجعت من الدامور على رميش بالباص، وحمّلنا ألاواعي على ظهر الباص. بالرميش أخذنا جمال وحمّلنا الأغراض عليهم ورحنا على الجش. الجمل خوّر بالطريق. فسخت الحمل عنه، كان محمّل اواعي ولحف وفرشات وحطيناهم بالطريق ورحنا على الجش عند ناس هناك. ثاني يوم الصبح أخذت الجمل ورحت جبت الفراش من نص الطريق برميش بعدين أخذنا ترك ورحنا على المغار. ومن هناك بالدواب رجعنا على طرعان.
بطرعان تخبينا بالانطش وصارت اليهود تيجي كل يوم بالليل تدوّر علينا واحنا نروح ننام بالجبال. هم كان بدهم يعتقلوا بس الرجال اللي رجعوا ومش النسوان. بيوم سبت اليعازر، قبل الفصح، المختار كان من أقاربنا اسمه أبو نعيم. أجا وقال لنا انه اليهود ما بيجو يوم سبت. فنمنا بالبلد واللا ما حسّينا اجو علينا وطوقوا البلد. اجا على بيتنا واحد اسمه اسعد رشيد، قال لي يا عبده، طوّقوا البلد. اجيت بدّي اهرب عل الجبل واللا لاقيت جندي شركسي بقلب دارنا بالحوش. لما شافني سألني اذا في عنا سلم عشان بده يطلع على ظهر الحيط عند دار احمد محمود جارنا ويراقب المتسللين. قلت له روح أسأل أهل البيت. هو راح من هون وانا هربت على الكنسية من هون. بالصلاه تجمعنا حوالي 20 واحد من الرجال كان معنا واحد مسلم من دار عبدالله رجب تخبا ورا الهيكل. في ناس فسدوا علينا وين احنا موجودين وأجو على الكنيسة وطلبوا من الخوري يسلمنا. الخوري قال لهم هدول الجماعة جايين يعيدو عيد الفصح اتركوهم بحالهم. قالوا له خليهم ينزلوا. نزلنا وصفينا اثنين اثنين ورحنا عند سليمان عبد الحليم على العقوده وسجّلونا أسماءنا عشان ما نهرب. وبعدين ما رجعوا سألوا علينا.
بعدين أصحابي اللي كانوا بحيفا المهندسين عرفوا انه انا وابن عمي اجينا من لبنان، عملوا لنا تصريح وصرنا نيجي كل شهر على البلدية بحيفا نشتغل. بذكر انه مهندس يهودي من بلدية حيفا اخذني عند الحاكم العسكري بالناصرة وعمّلي تصريح ابقى بحيفا أشتغل.
بالبداية كنت أنام مرّات بحيفا ومرات بطرعان. بعدين صرت سكنت بحيفا، لما هدأ الوضع جبت زوجتي والأولاد وسكنا بحيفا. لما سكنت بحيفا كانت فاضي تقريبا من العرب، وصارت اليهود تكثر. حتى الموظفين بالبلدية لما رجعت اشتغل كانوا غير، جابوهم من أوروبا ما كنت بعرفهم. لما رجعت ما سكنت ببيت البستنجي اللي كنت مستأجرة قبل ما اطلع، انه صاحبه طلع ع لبنان والبيت تحوّل لأملاك غائبين. بيت يومها ببراكية 4 م بمنطقة الموارس (كريات اليعيزر اليوم) هاي أرض كانت لوقف الكاثوليك. قعدنا بالبراكية يمكن لسنه ال 57 . كانت البراكية كانت خشب ومديتها باطون وبنيت مرحاض برا البيت وزرعت شجرة زنزلخت وباذنجان. وبعدين بعد ال 57 صار بدهن الأرض، أعطونا شوية مصاري حوالي 70 80 ليرة وطلعنا
المصدر: ذاكرات/zochrot