ماجد الجمل – عمان
عمر وهبه - بيروت
هو عبد الله شحادة شاهين من مواليد قرية الفالوجة عام 1933، وجدّه شاهين سليمان شاهين يقال أنه ولد سنة 1865 في فلسطين وتوفي فيها.. عبد الله شاهين لم يلتق بجده ولكنه سمع عنه من والده: «متوسط الطول، جسيم له شارب ولحية وكان يلبس قمباز وطربوش وعليه لفة».
عن العائلة:
يقول الحاج عبد الله شاهين: «المعروف عن عائلتنا أنها تتسم بالهدوء والجد وكان جدي اجتماعياً مع الناس كما أخبرني الكبار، وكان يعمل بالتجارة. كان يرسل الحبوب الى شمال فلسطين ويشتري الخضروات والحمضيات والزيت والزيتون من الشمال وطول كرم ويبيعها في البلدة، وذلك حسب الموسم. في موسم الحبوب كان جدي يتاجر بالحبوب، وفي موسم الحمضيات يتاجر بالحمضيات، وفي موسم الزيتون يتاجر في الزيتون والزيت. وكانت وسيلة النقل الحمير كان يخرج في الصباح الباكر على الحمار باتجاه الجنوب وكان يعود في نفس اليوم عند الغروب.
ويضيف الحاج، "كنا نعيش حياةً كريمة وكان عندنا ماشية ونربي الدجاج وكنا نزرع الحاكورة بالخضار والحبوب حسب الموسم".
زوجته اسمها عزيزة وهي ابنة عمه من أهل القرية طبعاً، شارك سنتين ضد الجيش البريطاني وشارك في ثورة 28 ضد اليهود في الخليل وأخرجوهم منها، وقد اعتقله الانجليز على خلفية حيازته لسلاح وُجد في المنزل.
لم يكن له من الأبناء سوى اثنين من الذكور فقط: (أحمد وشحادة).
أما أحمد فقد ولد سنة (1910) وله من الأبناء (عبد القادر) فقط، شهد أحمد النكبة وتوفي عام 1949 بعد محاصرتهم في البلدة ودفن فيها.
كان يعمل مع والده في التجارة، ولم يدرس لأن الناس في ذلك الوقت كانوا منشغلين ومنهمكين في الحياه والرزق. كان له بيته المستقل على دونم أرض.
وفي سنة 1948 شارك هو والثوار وأهل البلدة مع الجيش المصري وهم محاصرون في الفالوجة من اليهود.
أحداث النكبة في الفالوجة
يروي السيد عبد الله شاهين حادثة دخول الاحتلال بالقول: "دخل اليهود القرية وصادروا الأراضي والبيارات وأصبحوا وكأنهم منا. وفي أحدى الإيام احترقت دبابة للاحتلال في البلدة وتمكنت من فك بعض القطع منها وبيعها لأحد أهالي القرية اسمه أحمد جودة بقيمة (3.5 دنانير) ثلاثة دنانير ونصف. أما على صعيد الدفاع عن القرية، فكنا نقوم بأعمال الحراسة الليلية وكنا ننصب الألغام للآليات اليهودية على الطريق الرئيسي للبلدة، وأنا كنت قد امتلكت آنذاك بندقية اشتراها لي أحد الميسورين في البلدة".
"خرج الناس سنة 1949 بالتنسيق مع الجيش المصري والملك الأردني عبد الله الذي أمر بإرسال التركات (Trucks)وتم ترحيلهم من القرية".
ويوضح الحاج أن ذلك جاء "بعد حصارنا نحن أبناء البلدة والجيش المصري لمدة أربعةشهور وحصلت معارك طاحنة وكان جمال عبد الناصر (الرئيس لاحقاً) موجوداً في الفالوجة في هذه الأثناء وتمكن الثوار والجيش المصري من قتل أكثر من (500) جندي يهودي بكافة أنواع الأسلحة المتوفرة، وبعد هذه المعركة تم تشديد الحصار وكل من كان يخرج من بيته يُقتل إلى إن غادر الناس البلدة بسبب تفاقم الأزمة التي استمرت شهوراً".
وفي الطريق "استشهد علي سليمان الكرمي على يد اليهود أثناء ذهابنا إلى قرية أخرى وثار لغم في وجه أحد السكان أيضاً وأصيب على إثره بالعمى".
"خرجوا ا في سيارات من طريق الخليل - أريحا - الكرامة مع أبناء عمومته وأهالي البلدة".
ويشير الحاج إلى أن الرحلة كانت متواصلة الى الكرامة، لم يحملوا معهم أي شيء بسبب الممارسات العدوانية من قبل اليهود. فأهالي الحي لم يستطيعوا إخراج أي شيء معهم ولم يتأسفوا على شيء بعد ضياع بلدهم.
"أخرجت معي ثمن ذخيرة فقط أما من الوثائق فكان معي شهادة مدرسة وهي موجودة حالياً في دائرة الجوازات في ملفي طلبوها مني من أجل الحصول على الجواز في الأردن".
هكذا تشتت أبناء البلدة، منهم من ذهب إلى الخليل وآخرين ذهبوا إلى غزة لا يوجد تواصل معهم لأنهم لم يستطيعوا الخروج.. وفي رحلة اللجوء أطلق اليهود الرصاص على الشيخ شحادة فنونة فأردوه قتيلاً ".
"استقروا في بلدة الكرامة لمدة سنتين ومن ثم توزعوا على المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الأردن منهم في شمال الأردن مخيم إربد ومنهم في عمان مخيم الوحدات/ البقعة/ الحسين.. في البداية استقروا في الكرامة ومن ثم انتشروا".
"الحياة كانت قاسية جداً في المخيمات بحيث كان يسكن الخيمة عائلتان وكانوا يضعون بينهم حاجزاً ".
البلدة قبل النكبة
وفي معرض حديثه عن بلدته قال الحاج: "كان وضع العائلة جيداً كان لها بيت من طين وبوص وخشب وكذلك الجيران كانوا متعاونين ومتفاهمين وكان عدد البيوت في الحي المحيط بهم 8 بيوت منهم: العبسي - موسى عبد الهادي - أبو مذكور- عائلة شحادة - البطران - عائلة محمد - البنا - دار عبد الفتاح بدوي. ومن شيوخ القرية يذكر الحاج الشيخين: يوسف أبو بكر وجبر النجار".
أما المدرسون الذين كان يعرفهم السيد عبد الله فهم: محمد الشوا، سامي أبو شعبان، محمد فنونه، جميل القدوة، أحمد فرح عقيلان، محمد جمعة أبو بكر، حسن جدوع، حسان محمد أحمد السعافين، محمد رضوان.
كان الحاج يعرف في القرية نجارين هما درويش البايض وأبو إبراهيم البايض، وجزاراً من دار البايض/ جمال, وآخرَين من دار ياسين/ فرحان ومن دار عبد الجواد/عبد الجواد عابد. فيما كان يعرف حداداً واحد هو عبد.
اشتهرت مدينة الفالوجة أيضاً بسوقها الكبير الذي يعتبر ثاني أكبر سوق على مستوى فلسطين قبل النكبة، فكان يوجد في البلدة سوق كبير يسمى سوق الفالوجة ويوجد فيه مختلف المهن والتجارة وكان يوجد سوق للحلال والمواشي وسوق للخضار كان يبدأ من يوم الأربعاء حتى يوم الجمعة قبل الظهر.
وكانت النساء غالباً ما تمتهن الخياطة مثل الحاجة تركية وفاطمة الجارحي، أما الحاجة عزيزة السعافين والحاجة آمنة وكانتا تعملان كدايّة ( قابلة) في القرية.
وكان كل من موسى نهنوش ومحمد الشريف وعبد مكاوي أبو بكر يملكون صالونات للحلاقة،
والمقهى الموجود فيها كان يمتلكه أبو صلاح البس.
ويقول الحاج شاهين أن الشعراء في القرية كانا أحمد فرح عقيلان وهو شاعر مثقف وعبد العزيز شتيوي كتكت الذي كان شاعراً شعبياً. بينما مقرئا القرية هما: الشيخ جبر الجمال والشيخ راغب شاهين زيادة. والحاديان كانا عبد العزيز اشتيوي ومحمد إبراهيم شاهين.
كذلك كان يوجد في البلدة عيادة واحدة وكان يعمل بها الممرض صلاح طهبوب، أما المطهر في البلدة فهو أبو شاهر البيروتي.
وعلى حد وصف الحاج شاهين، فقد كان أهل الحي يعملون في الزراعة والتجارة وتربية المواشي بشكل عام، مضيفاً "أعرف السيد محمد إبراهيم الحولي كان تاجر حلال كبير في البلدة ومعروفاً لدى الجميع. كذلك كان أهل البلد يزرعون القمح، الشعير، السمسم، العدس، الكرسنة وغيرها) كذلك زراعة المقاثي (الفقوس, الخيار, البامية, البندورة, البطيخ, وغيرها)، بينما في الشتاء كانوا يذهبون إلى الوديان ويجمعون الفطر واللوف والخبيزة والمصيص وغيرها".
من جهة أخرى، يوضح الحاج أنهم كانوا يعيشون في الفالوجة في حارة السعافين وكانت هناك حواري كثيرة منها: (حارة الكرامات، حارة المطرية، حارة النجاجرة، حارة أولاد احمد، حارة أولاد عيسى، حارة النشاشين، حارة العقايلة، وحارة آل رمضان).
وأيضا كان يوجد في البلدة مطار يسمى مطار الفالوجة. وكانت هناك بلدية في الفالوجة ورئيسها كان السيد محمد حسن عواد، أما أعضاء البلدية وقتها فكانوا: خالد مصطفى السعافين، عبد السلام عبد الجواد شحادة، عبد القادر عقيلان، وخميس الشوبكي.
وكانت بلدية الفالوجة عندها فائض من المال باستمرار بسبب نجاح السوق الكبير داخل البلدة .
كما كان في الفالوجة مكتب بريد. وأيضا كان يوجد في البلدة مقامات منها: مقام الشيخ شهاب الدين احمد الفالوجي ويقال أن البلدة سميت باسمه.
وبالتأكيد "كان يوجد مقبرتان، مقبرة في الجنوب وتقع في حارة المطرية ومقبرة في وسط البلد في حارة أولاد احمد وأولاد عيسى".