الحسيني، عبد الحي أفندي: (توفي سنة 1330ه/1912م)
(خطيب الجامع الكبير في غزة، وعضو مجلس البلدية ومجلس الإدارة فيها. تخاصم مع الحكام في غزة والقدس حتى صدر الأمر بنفيه مع أخيه المفتي وولده سنة 1315ه/1898م.)
هو عبد الحي بن الحاج أحمد محيي الدين. ولد في غزة، وطلب العلم فيها حتى تقدم بين الناس وظهر، وسافر إلى مصر والآستانة، وتنقل في البلاد، واكتسب فضلاً وأدباً. وعين عضواً في مجلس البلدية ومجلس الإدارة، وتولى الخطابة في الجامع الكبير مؤقتاً في بادئ الأمر، ثم آلت إلى عائلته بعد انقراض عائلة الخطيب الترماشي. وتفوق بحسن الخطابة، ووجهت إليه الرتب العلمية مثل «آية إزمير» ونيشان مجيدي. وتولى نظارة وقف آل رضوان لاستحقاقه فيه عن أمه الحاجة عالمة بنت بهرام بك. ثم تولى نظارة وقف حسين باشا مكي، وأنب عنه فيه الحاج نعمان عرفات القدوة.
ومارس عبد الحي كتابة التاريخ والأدب حتى صار له ملكة قوية في النثر والنظم. وكان يجل العلماء ويكرمهم ويباحثهم ويتودد إليهم. وصفا الوقت له ولأخيه المفتي مدة، ودان لهما الخاص والعام وأرباب الوظائف والحكام. ووشى بهما حسادهما إلى الدولة، وكثرت عليهما الشكاوى حتى رفع عبد الحي من وظيفته فتوجه إلى الآستانة سنة 1310ه/1892م. واتصل بالشيخ محمد أبي الهدى الصيادي، وأخذ عنه الطريقة الرفاعية، وصار من أجلّ خواصه، فلم يستفد أخصامهما من شكاياتهم. ثم تخاصم مع الحكام أمثال حسن بك، وجمال بك قائمقام غزة، وتوفيق بك متصرف لواء القدس. وتغلبت عليه الحدة وسرعة الغضب وحب النفوذ وعدم الخنوع، فكثرت عليه الضغائن والتشكيات حتى صدر الأمر بنفيه مع أخيه المفتي وولده. فأُخذوا من غزة في ليلة 26 رمضان 1315ه/18 شباط (فبراير) 1898م إلى يافا ومنها في باخرة خاصة إلى أنقرة في بلاد الأناضول.
كتب عبد الحي مقالات ومحاورات وخطباً عديدة، وقصة مولد، وأرجوزة في المواعظ والحكم نظمها في أثناء وجوده في أنقرة. ثم صدر العفو عنه بعد موت أخيه ورجوع ولده. فحضر إلى غزة في شعبان 1323ه/ أواخر سنة 1905م. واستولى عليه المرض العصبي وأثر في أعضائه ولسانه وبصره، فلزم بيته وأقل من الإجتماع إلى الناس، وتوفي أصغر أولاده، وصفي، وهو في شبابه فعظم حزنه وزاد في مرضه حتى توفي في ليلة 16 صفر 1330ه/ 5 شباط (فبراير) 1912م، ودفن في أعلى التربة المقابلة لمقبرة الشيخ شعبان في غزة. وخلفه ابنه الخطيب سعيد أفندي والمحامي المعروف فهمي أفندي.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع
