(متسلم لواء نابلس في بداية القرن التاسع عشر، بعد عمه أحمد. طالبه السلطان والصدر الأعظم بإرسال ألفي محارب لإخراج الفرنسيين من مصر فلم ينفذ الأوامر وفي سنة 1216ه/1801م سافر إلى القاهرة للقاء الصدر الأعظم، وعين أخاه موسى بك طوقان وكيلاً عنه في حكم نابلس، ولم يعد إلى بلده بعد ذلك.)
هاجر آل طوقان من سوريا إلى نابلس خلال القرن السابع عشر، كما يبدو، وعززوا مركزهم في المدينة منذ بداية القرن التالي. وقد ظهر منهم صالح باشا بن إبراهيم جوريجي، الذي عُين متصرفاً للقدس، ثم متسماً لسنجق طرابزون، ثم عُين سنة 1135ه/1723م حاكماً لسناجق نابلس واللجون وغزة.
في أواخر القرن الثامن عشر برز من آل طوقان مصطفى باشا (حفيد صالح باشا)، الذي قاوم ظاهر العمر، ثم أصبح والياً على مصر سنة 1774. وفي نهاية القرن الثامن عشر ورث أحمد بك أخاه مصطفى باشا في زعامة العائلة، وعين متسلماً لنابلس ومنه انتقلت الوظيفة إلى ابن أخيه خليل بن علي الذي عينه والي الشام عبد الله باشا العظم متسلماً للواء نابلس، بعد أن عزل الجزار عمه أحمد من الحكم. وقد اتفق بعض مشايخ جبل نابلس في تلك الفترة على مقاومة آل طوقان، وكان على رأس هؤلاء يوسف آغا الجرار وآل النمر وآل الجيوسي. وفي تلك الفترة، توجه الصدر الأعظم يوسف ضياء باشا على رأس الجيش العثماني لإخراج الفرنسيين من الديار المصرية، ولم يوفق في مهمته، فأخذ يستنجد بسكان المناطق المجاورة لإرسال المحاربين للإشتراك في جهاد الكفار الفرنسيين. وفي 8 ذي القعدة 1214ه/ 2 نيسان (أبريل) 1800م أصدر يوسف ضياء باشا فرماناً إلى خليل بك، متسلم لواء نابلس، يطلب فيه تجنيد ثلاثة آلاف مقاتل وإرسالهم إلى مصر للإشتراك في إخراج الفرنسيين منها. ولم ينفذ خليل بك الأوامر التي جاءته لعدم تعاون مشايخ جبل نابلس المنافسين لآل طوقان من جهة، ولخوفه من ترك الساحة المفتوحة لأعدائه إذا ما خرج هو لوحده مع رجاله من جهة أخر. فاغتاظ الصدر الأعظم وكرر الطلب ثانية وثالثة، لكن من دون جدوى. وأنقص الصدر الأعظم عدد المقاتلين المطلوبين إلى ألفين ثم إلى ألف واحد، لكن خليل بك لم يستطع تجنيد هؤلاء للسير بهم إلى حدود مصر. وصرف خليل بك «على العساكر وهي في طريقها إلى مصر مبلغاً قدره 25,800 قرش ثمن ذخيرة وشعير»، ورفض مشايخ النواحي دفع حصتهم. فرفع خليل بك الأمر إلى الصدر الأعظم وبيّن الصعوبات التي يجدها في تنفيذ أوامر الدولة لعدم تعاون عائلات الصف المنافس. وأخيراً تنازل الصدر الأعظم عن طلب المقاتلين وأرسل في طلب البدل مبلغاً قدره 110,000 غرش، منها 40,000 غرش يجب توريدها حالاً والباقي فيما بعد. واستمرت مقاومة آل جرار وآل النمر وآل الجيوسي لحكم آل طوقان، فصعب على خليل بك جميع المبالغ المطلوبة، وتحرج موقفه جداً أمام الدولة. وبقي يماطل ويحتج بانشغال أهل البلد بالزراعة والحراثة حتى تم الإتفاق على خروج الفرنسيين من مصر في صيف سنة 1801. وفي 27 جمادى الأولى 1216ه/ 5 تشرين الأول (أكتوبر) 1801م، خرج خليل بك من نابلس متوجهاً إلى مصر، تاركاً أخاه موسى بك وكيلاً عنه في الحكم. وكان هدفه من سفرته الإعتذار للصدر الأعظم عن تأخره في تنفيذ الأوامر، والشكوى من مشايخ جبل نابلس الذين أحرجوا موقفه لعدم تعاونهم. ولا نعلم عن مصير خليل بك شيئاً بعد سفره إلى مصر. وقد استمر أخوه موسى بك متسلماً لواء نابلس بعده مدة طويلة، شن خلالها حملات قوية على أعدائه، وساعدته الدولة بإرسال ثلاث فرق عسكرية، فدانت له نابلس ونواحيها أعواماً عدة.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع