جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
(متسلم لواء نابلس ووارث موسى بك طوقان في زعامة العائلة في العشرينات مـــن القــرن الماضي. ثار على عبد الله باشا، حاكم عكا، وتعاون مع حاكم مصر محمد علي باشــا سنة 1831، لكن هذا أفضل التعاون مع آل عبد الهادي وآل قاسم الأحمد، فتأخرت مكانة آل طوقان أيام الحكم المصري.)
هو أسعد بن محمد طوقان، شقيق موسى بك، زعيم نابلس ومتسلمها معظم أعوام الربع الأول من القرن التاسع عشر. كان أبوه محمد بك يساعد شقيقه في الحكم في نابلس ونواحيها، فلما توفي سنة 1225ه/1810م ورث أسعد بك منصبه وعين شيخاً على ناحية بني صعب. وثار أولاد الجيوسي على مزاحمة آل طوقان لهم في عقر دارهم وامتنعوا من دفع الضرائب. واستمر النزاع طويلاً بين آل طوقان وآل الجيوسي بشأن حكم الناحية المذكورة، وتدخل سليمان باشا والي عكا وأصلح بينهم سنة 1812. وقاد عمه موسى بك في تلك الفترة صراعات عشائرية دموية على منافسيه في مدينة نابلس ونواحيها، فكان أسعد بك ساعده الأيمن في الحكم والإدارة أيام الإستقرار، وفي المعارك زمن الصراعات. وبعد وفاة عمه سنة 1826 تسلم أسعد بك زعامة العائلة وعُين متسلماً للواء نابلس سنة 1241ه/1825-1826م. لكن الصراعات العشائرية اشتدت في تلك الفترة بين أسعد بك طوقان ومنافسيه في جبل نابلس عبد الله الجرار، وحسين عبد الهادي، وقاسم الأحمد. وحاول عبد الله باشا حاكم عكا استغلال تلك النزاعات للتسلط على جبل نابلس مباشرة وتعيين أحد مماليكه متسلماً، لكن من دون نجاح. فقد ثار آل الجرار بقيادة الشيخ عبد الجرار، متسلم نابلس، سنة 1246ه/1830م وتحصنوا في قلعة سانور. واستغل أسعد بك طوقان ثورة خصمه واتصل بحاكم عكا وتعاون معه في قمع الثورة. وافتُتحت القلعة، وهُدمت، فقوي مركز أسعد بك ودان له جبل نابلس. لكن فترة التعاون بين أسعد بك وعبد الله باشا لم تطل. ولما حاول الأخير فرض سيطرته المباشرة على المنطقة أعلن أسعد بك العصيان هذه المرة، في أوائل سنة 1227ه/ صيف سنة 1831م. واستعان عبد الله باشا على أسعد بك بمنافسيه عبد الله الجرار، والشيخ حسين عبد الهادي، والشيخ قاسم الأحمد. فصدرت إليهم الأوامر بـ «التضييق على المذكور ورمي القبض عليه وحضوره لهذا الطرف لأنه أيقظ الفتنة وعصى.» كما عين عبد الله باشا الشيخ عبد الله الجرار متسلماً لنابلس كي يساعد عساكره في القبض على أسعد بك، الذي تمكن من الخروج من جبل نابلس إلى جهات غزة وبئر السبع يثيرها على حاكم عكا. وزحف إبراهيم باشا بجيوشه في تلك المدة لاحتلال بلاد الشام، فانضم مشايخ جبل نابلس إليه بسبب حقهم على أعمال عبد الله باشا في منطقتهم. وسافر أسعد بك إلى مصر من نواحي غزة يطلب الحماية والعطف من محمد علي باشا. فأوصى «عزيز مصر» ولده الشيخ إبراهيم بشيخ آل طوقان آملاً بإثارة التمرد على عسكر عبد الله باشا المحاصر في عكا بوساطة أخيه مصطفى بك طوقان، الموجود في ذلك المعسكر مع صديقه رئيس المدفعية. وعاد أسعد بك من مصر فاستقبله أقاربه في الرملة، ورحب به أهله ومؤيدوه في نابلس. وأخبرهم بمقابلته لمحمد علي الذي طلب منه الإلتحاق في خدمة ولده إبراهيم باشا. كما أشاع أن محمد علي أنعم بمتسلمية نابلس على عمه رضوان بك. وسبق أن عين إبراهيم باشا رضوان بك هذا متسلماً لصيدا. وفي غياب أسعد بك في القاهرة، أقنع خصوم آل طوقان إبراهيم باشا بأن هؤلاء هم سبب الإضطراب في البلد فرأى هذا أن يبعد رئيسهم عن جبل نابلس بتعيينه متسلماً لبيروت، واستحسن هذا الرأي بشير الشهابي أيضاً، وعرض الأمر على أسعد بك فرفض ذلك، وأصرّ على أن يكون هو الحاكم على بلاد نابلس. ولما رفض مطلبه وخاف المصريون من فراره إلى الشام والإنضمام إلى العثمانيين، قبض عليه وأرسل إلى مصر، ثم ألحق به أخوه مصطفى بك طوقان بعد ذلك بعدة أشهر، ولم توافق السلطات المصرية على إعادتهما إلى البلد، كما عارض ذلك بشدة حسين عبد الهادي خوفاً من أن يثيرا القلاقل مجدداً في المنطقة.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع