| المقال |
الشهيد علي إبراهيم الجولاني منفذ عملية وزارة الدفاع
علي إبراهيم الجولاني
عندما اصلي اشعر انه يصلي معي ، ان صورته لا تفارق مخيلتي ، حتى في نومي الذي يحدثني فيه كل ليلة ، يشعرني انه ما زال على قيد الحياة “. هذا ما قالته والدة علي الجولاني ابن مدينة القدس الذي نفذ هجوما بطوليا امام مقر وزارة الدفاع الاسرائيلية وسط تل ابيب في 5/8/2001 ، فاصاب عشرة جنود قبل ان يصيبه شرطي اسرائيل برصاصة في راسه لينتقل الى الرفيق الاعلى تاركا ورائه ثلاثة اطفال وزوجة ما زالت غير مصدقة بان علي لن يعود الى البيت .والدة الشهيد البطل علي التي ربت ابنائها الثلاثة عشر ، ثمانية ابناء ، وخمسة بنات ، تواصلت مع ابنائها طوال الاربعين سنة الماضية بعد ان تركها زوجها اثناء ادائه فريضة الحج بجانب قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ورحل في اول المشوار ، وقبل ان يشتد ويقوى عود الابناء الذين كان على عاتقهم الامل يقوم بان يعملوا ويتحملوا المسؤولية ويريحوا والديهم ، ولكنها ربت ابنائها الذين تجاوز عددهم بابنائهم الخمسين ومن بينهم علي الشمعة المضيئة في عتمة الاحتلال .
تقول ام علي عن ابنها لقد كان خلوقا ، مطيعا ، قريبا من خواته ، يتحدث دائما عن صلة الرحم ويؤكد على ذلك بزيارته الدورية والاسبوعية اليهن . وتضيف ام الشهيد ” كان اول ما يزورنا يسلم علي ويقبل يدي وراسي وهو يطلب مني الدعاء له بالرضا والتوفيق ” وهنا تتوقف عن الكلام ليكون البكاء ، لان الدموع فقط هي التي تمسح لحظة الحزن وتخفف من ثقل شريط الذكريات عندما يمر الى قلب الام ، الام التي فقدت اعز ابنائها واكثرهم قربا لها .
وتصر على القول وهي تبكي ” اطلب من الله تعالى ان يجمعنا معه في الجنة ، كان يعرف علي رحمه الله متى اكون زعلانه او فرحانه ، كان اقرب اخوته الي قلبي وكلهم ابنائي ، الا ان لعلي مكان خاص في قلبي ، ربما لان الله شاء له ان يسقط شهيدا ، يدافع عن كرامة شعبه وامته “.
زوجته رانية الجولاني ، التي ارتبطت به عام 95 وانجبت منه اسراء (6 سنوات ) واسماء (4 سنوات ) وطارق الذي لم يتجاوز الـ ثلاث سنوات ، تقول عن زوجها انه كان اب مثالي وقدوة لابنائه بالخير والاخلاق العظيمة ، وزوج صالح ،حياتنا قائمة على الصدق والتفاهم ، حياة هادئة ، نموذجية .
وتضيف ام اسراء ” علي متدين ، لا يختلط في الناس كثيرا ، مع انه يبادلهم الاحترام وحسن الجوار ، كان مرتاح بعمله ، ولكنه كان يظهر عليه الغضب والضيق الشديدين من الاوضاع التي يعيشها شعبه في مدن الضفة والقطاع “.
ابن خالته الذي جلس بجانب نعش علي وسط مسجد عبد الناصر في رام الله بانتظار الصلاة عليه ، قال عنه انه كان منفعلا جدا يوم حاول المتطرفون اليهود وضع الصخرة بجانب باب المغاربة في القدس الشريف ، لقد توجه منذ الصباح الى المسجد الاقصى ودافع بالاحذية عنه مع شباب القدس الذين هبوا لنصرة القدس ، نعم ، علي كان اول المتواجدين هناك .ولكنه اليوم يدفن بعيدا عن القدس التي احبها وكان شهيدا من اجل كرامتها واسلاميتها!!!
وعن اللحظات الاخيرة التي سبقت وقوع العملية تقول الزوجة ” صلى العشاء مخيم قلنديا شمال القدس حيث بيت عائلته وتناول العشاء مع والدته وابنائه في جلسة عائلية عادية ، وعدنا الى بيتنا في بيت حنينا ، وكان الامر طبيعي جدا ، لم يظهر على وجه او تحركاته او كلامه ما يفيد او يشير انه يريد ان ينفذ عملية ، استيقظ على عادته ليصلي الفجر في مسجد الهجرة القريب ،وعرفت انه كان صائما ، وبعد ان عاد من الصلاة جهز نفسه كعادته ليتوجه الى عمله في الطراشة والدهان وسط تل ابيب ، وفهمت منه انه لا يرغب في ان يصحي اطفاله الثلاثة الذين كانوا غارقين في نومهم ، وترك البيت دون ان يتفوه بكلمة واحدة ……”.
خبر عاجل من تل ابيب ، فلسطيني يهاجم مجموعة من الجنود امام مقر وزارة الدفاع الاسرائيلية ، وتتوالى الاخبار والمعلومات وتجتمع عائلة الجولاني حول التلفاز كاي عائلة فلسطينية تنظر باعجاب ودهشة كبيرتين لجراة منفذ العملية والرسالة التي يريد ان يوصلها الى دولة الكيان ، منفذ العملية من سكان القدس ويحمل الهوية الزرقاء ومعه سيارة لونها سوداء ومتزوج وعنده ثلاث اطفال ، وينظر افراد العائلة الى بعضهم بنوع من الدهشة والغرابة ، وكان الامر يعنيهم . وكانت المفاجاة ، تاكد اسم الشخص الذي نفذ العملية انه علي الجولاني ، ابن مدينة القدس ، ولكن الخبر كان له تاثير الصاعقة على الزوجة والام اللتين وقعتا على الارض مغميا عليهما من هول الحادثة .
تقول الام ” عندما اخبرني ابني ان الحديث يدور عن علي اغمي علي ، شعرت ان جسدي قطع من الوسط ، لم استطع الوقوف ، وفي نفس الوقت دعوة ربي ان يستشهد علي لان الاخبار كانت تقول انه لم يموت لكي لا يعذبوه اليهود ، فهم وحوش “.
اما الزوجة التي لا تزال غير مصدقة ان علي قام بتنفيذ العملية بالرغم من انها تنظر بفخر واعتزاز الى ما قام به ، وتقول ” انني اشعر بالفخر مع انني حزينة ومجروحة لان علي لن نراه بعد اليوم ، واتمنى لاولادي ان يقوموا بالعملية “.
علي ابراهيم الجولاني نقل بهذه العملية الفدائية العمليات العسكرية الفلسطينية نقلة نوعية عندما فتح سلاحه الأتوماتيكي اتجاه مقر قيادة الجيش الاسرائيلي في قلب مدينة تل أبيب محدثا رعبا كبير في أوساط قيادة الجيش ويمكن الجولاني من اختراق وتحطيم كافة إجرءات الأمن الاسرائيلي ليضربهم في العمق وليضربهم في قلعتهم العسكرية مؤكدا أن لا شيء مستحيل يقف أمام الشعب الفلسطيني .
الجولاني الذي شوهد بعد الهجوم يحيط به عدد كبير من افراد الجيش الاسرائيلي وهو يحرك يديه المكبلتين بالاصفاد وتعرض للضرب والركل بالاحذية من قبل الجنود الذين اشهروا مسدساتهم واسلحتهم ويصوبونها نحو جسده الذي لا يقوى على الحركة بفعل رصاصة اخترقت رقبته واصابته بجروح بليغة استشهد على اثرها وفتح البطل علي الجولاني باب المقاومة الشعبية على مصراعيه امام الهجمة الشاملة التي يشنها الجيش الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ويبدو ان ذلك سيدعو المواطن العادي إلى المبادرة في ضرب العمق كرد فعل طبيعي على هذه الجرائم.
الجولاني الذي خرج من بيته دون ان يودع اطفاله الذي كان يحبهم كثيرا ، ويحرص على تلبية كل طلباتهم ، هم الان اكثر ما يفتقدونه ، يفتقدون الالعاب والحلويات والشكولاته التي كان يحضرها بين يديه كل يوم ، ووالدته تستبدل ابنها علي الذي كان يجثم على الارض ويقبل يديها وراسها تستبدله باحلامها وليليها وصلاتها ، فهي وكما تقول تشعر انه يصلي معها ، وزوجته التي لا تعرف هل تبكي علي الزوج الصالح ،طيب المعشر ، حسن الخلق ، او تبكي على اطفالها الذين باتوا ايتام . علي الجولاني الذي وقبل استشهاده وكانه يعرف انه لن يعود مجدد الى بيته قام بدفع اجرة شقته خمسة شهور مقدما ، ودفع كل الديون المستحقة عليه .
الجولاني الذي كان يقول لامه ” يا امي لا تبكي على الشهداء ، فهؤلاء لا يجوز للمسلم ان يبكي عليهم ، فالشهيد لا يموت ، ومن نبكي عليهم هم الذين يموتون ” ترك ورائه اسراء واسماء وطارق يمسكون بصورة والدهم يقبلونها ويقولون له “نحبك ، بابا” ويمنعون الاطفال من لمس قبر والدهم في مقبرة الشهداء بمخيم قلنديا ،لان هذا القبر هو لابيهم الشهيد ، الذي طخ الجنود .
علي الجولاني ترك وصية لزوجته قبل ان يغادر هذه الدنيا ، وهي ان تسمي ابنهما القادم بعد اسابيع بـ” نصر الله ” عله يكون مثل حسن نصر الله ، يقود الامة لتحرير فلسطين من نير الاحتلال !!! ربما يكون ذلك .
|
| Preview Target CNT Web Content Id |
|